بعد كم يوم… لا تخافوا إذا رأيتم شخصاً غريباً يسير بينكم في الأماكن العامة وحول منزلكم وتحت بنايتكم، وهو ينظر إلى هاتفه ويكلّم نفسه ووجهه أصفر وعلى عجلة من أمره… فهو ليس مصاباً بمرض جديد وليس من الزومبي أو هارب من المصحّ العقلي… هو ببساطة لم ينم منذ يومين ويلعب “Pokémon GO”، اللعبة التي غزت الأسواق العالمية حديثاً، ولا شكّ أنها ستغيّر الحياة الواقعية التي نعيشها وطريقة ممارستنا الألعاب الافتراضية.
وإذا كنتم تظنون أنّ “كاندي كراش” و”كلاش اوف كلانز” و”فارم فيل” وغيرها من الألعاب الضاربة شغلت الناس في السنوات الأخيرة وقتلت الحياة الاجتماعية، فانتظروا حتى تبدأوا مزاولة لعبة “Pokémon GO” لتكتشفوا فعلاً اللعبة التي ستُدخِل العالم العصري في مرحلة جديدة وغير مسبوقة من الألعاب الالكترونية، وسيكون لها تأثير طويل الأمد في اللاعبين الذين سيعيشون حالاً من الوحدة المطلقة في مهماتهم المنفردة للبحث عن البوكيمون… وهذا الأمر قد بداء ينتشر ويسرعة كبيرة في لبنان فقد حملّ هذا التطبيق في هذا البلد الصغير وحده اكثر من 800 ألف مرّة واصبح عدد كبير من الشبان يجبون الشوارع بحثاُ عن البوكيمون.
عندما كنّا صغاراً كانت ألعابنا جماعية مشتركة فيها أكبر كميات من التواصل، وكان كلّ شيء مشتركاً وجماعياً وفيه أعلى مستوى من الضجيج المنبعث من حناجر 56 ولداً في الحي يَنغلون مع بعضهم حول دَقّ كِلَل.
وحتى في نهاية التسعينات كان الأولاد يلمّون زبالة المدرسة والشارع بثيابهم وهم مُستلقون على بطونهم يحاولون الفوز ببوكيمون صديقهم وغريمهم… بسّ الإيام تغيّرت، وقرّرت شركة “نينتندو” إعادة إحياء لعبة البوكيمون على الهواتف الذكية جامِعة الحياة الواقعية بالحياة الافتراضية في أوّل لعبة من نوعها في العالم… والتي تشكّل بداية عصر الواقع الافتراضي المضخّم.
عندما تُدَوْنلِدون اللعبة على أندرويتاتكم وأيفوناتكم، سيشغّل التطبيق كاميرا هاتفكم ونظام الـGPS، وبعدها ستبدأون البحث عن البوكيمون عبر تَتبّع الطريق إليه من خلال كاميرا الهاتف التي تظهر العالم الواقعي، ولكن في نفس الوقت في العالم الافتراضي الذي يمكن ان يضع البوكيمون في أيّ مكان جغرافي مثل البلكون او الحمام أو السيارة أو المدرسة ولكن بشكل افتراضي.
تبدو الأمور معقّدة قليلاً، ولكنها فعلياً سهلة تطبيقياً، والجيّد فيها أنها سترغم الناس على الخروج من منازلهم والمشي والركض لإيجاد البوكيمون قبل الآخرين… يعني باختصار، سنشهد على تضخّم في عضلات الرجلين، ونَقص في الأوزان، وتشتيت في الانتباه، وانقطاع عن الواقع، وانشغال مطوّل بالهاتف… وغيرها الكثير من الامور التي تُنذر بالمستقبل الذي نحن مُقبلون عليه بكلّ قوانا العقلية والنفسية