البارحة كان هناك جلسة تحقيق مع الشيخ بهيج أبو حمزة بناء على مذكرة بموضوع اختلاس في نادي الصفاء، فقد أصدر قاضي التحقيق الأوّل في بيروت غسان عويدات، يوم أمس، مذكرة توقيف وجاهية في حق رئيس “تجمّع الشركات المستوردة للنفط” بهيج أبو حمزة، مدير الأعمال السابق لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، بعد استجوابه، في ما قيل إنّه جرم اختلاس أموال على خلفية الدعوى المقدمة ضدّه من نادي الصفاء.
لكن.. ما هي القصة الحقيقية لهذا الملف، ولسائر القضايا المالية العالقة بين الزعيم وليد بك جنبلاط والشيخ بهيج أبو حمزة ؟
منذ ثلاث وثلاثين سنة، ترك الشيخ بهيج أبو حمزة سويسرا حيث كان يعمل، وحضر إلى لبنان ليؤسّس للزعيم وليد بك جنبلاط عدداً من الشركات، بلغت ثلاثين شركة من بينها على سبيل المثال لا الحصر، شركة “كوجيكو” للنفط، وشركة نبيذ كفريا، ومعمل ترابة سبلين..
قضية ملعب نادي الصفا
القضية الأولى، بدأت مع ملعب الصفاء، في وطى المصيطبة، حيث كان هناك اتفاق مع شقيق شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز بهجت غيث، يوسف غيث، ليشتري أرض بمبلغ عشرة ملايين دولار، وكانت شروط العقد واضحة، وتنص على أن يدفع خمسة ملايين دولار، دفعة أولى، والمبلغ الباقي بعد سنة… قام بهيج أبو حمزة، وبتفويض صريح من النادي، وبوصفه رئيس مجلس الإدارة، بشراء عقار في منطقة عرمون، ليكون ملعباً بديلاً…
ما حصل أنّ مبلغ الخمسة ملايين المتبقى، والذي كان مقرراً دفعه، لم يُدفع بسبب أنّ يوسف غيث لم يكن قد وفر المبلغ المطلوب، وقد يكون ذلك بسبب عدم توافر السيولة.. والجدير ذكره أنّ هناك بنداً بعقد البيع، ينص على أن يدفع غيث مبلغ ثلاثة ملايين دولار، كبند جزائي، إن هو تخلّف عن سداد ما عليه كاملاً…
قضية أرض ابو علي بدير
أمّا القضية الثانية، فكانت مع أبو علي بدير، صاحب “الكوستابراڤا”، حيث كان النائب جنبلاط بواسطة أبو حمزة قد اشترى من المذكور قطعة أرض في الدامور بمبلغ اتفق عليه، وكان الجميع على علم به… إلاّ أنّ بعض المعترضين نفخوا في أذن جنبلاط، أنّ المبلغ فيه تلاعب وأنّ المبلغ المدفوع ثمن الارض هو غير الـمُعلن… فجرى حديث بين جنبلاط وأبو حمزة، الذي كان نصح جنبلاط بعدم الشراء بسبب غياب السيولة، محذّراً من ضائقة مالية قد تضطر معها الى الاقتراض من البنوك بفوائد… فكان جواب وليد بك: “أنا بعرف شو عم أعمل… وأنا أشتري الارض من الناحية السياسية لا لأتاجر بها”!
عندما حصلت المشكلة ذهب أبو علي بدير الى النائب نعمة طعمة وطلب منه أن يبلغ الزعيم وليد بك جنبلاط وعرض عليه استعادة العقار مقابل إعادة المبلغ، زائد كامل المصاريف والفوائد، بل الأرباح المتوقعة، لكن جنبلاط رفض، على رغم إلحاح بدير، الذي أبلغ جنبلاط بأنّه ينوي إقامة مشروع على العقار، وأنّه على استعداد ليقوم بكل ما يرضيه.
مفاجأة …
الذي حصل أمس، أنّ القاضي عويدات استدعى الشيخ أبو حمزة، الذي حضر، للتحقيق معه، فكانت المفاجأة بتوقيفه..
تقول بعض المعلومات، إنّ أحد أعضاء نادي الصفاء، قام بتزوير مستندات مفادها أنّ بهيج ليس له صلاحية وليس من حقه أن يقبض الأموال… وذلك على رغم الصلاحيات المنصوص عليها، والتي تسمح لأبو حمزة بعقد الاتفاقات وقبض الأموال وما الى ذلك.
اللافت، أنّ الشيخ بهيج أبو حمزة، وتأكيداً على طهارة العلاقة مع الزعيم وليد بك جنبلاط… وقّع تفويضاً قانونياً يبيح لوليد بك أن يطلع على حسابات أبو حمزة في كل المصارف بل والتصرّف بها…
الرواية الجنبلاطية..
بحسب معلومات المصادر الجنبلاطية فإنّ الشكوى القضائية رفعها النائب وليد جنبلاط على تاجر العقارات حسين بدير الذي أقدم بالتواطؤ مع مدير أعماله الموثوق به جداً بهيج أبو حمزة على بيعه أكثر من 266 ألف متر مربع من الأراضي الوهمية، قيمتها 8 ملايين دولار تقريباً.
ونُقل عن وكيل جنبلاط ذكره في شكواه إن “بدير وأبو حمزة أعلما جنبلاط أن الأول اشترى تلك العقارات على أساس هذه المساحة، وأن ثمن المتر قد تحدد بـ 30 دولاراً أميركياً، ما يجعل ثمن تلك الأمتار 25 مليون دولار”. إذاً، هذه هي قيمة الصفقة الإجمالية، التي جعلت جنبلاط – حتى يسدد ثمنها ـ يأخذ على عاتقه ديون شركة بدير (وادي أبو يوسف للسياحة والبناء والإعمار ش. م. ل) المستحقة لمصلحة البنك اللبناني الكندي، والبالغة 10 ملايين دولار، مقدماً “ضمانات شخصية وعقارية تضمن هذا الدين”. أما بقية المبلغ، فقد استحصل جنبلاط، لسداده، على قرض شخصي بقيمة 15 مليون دولار من بنك سوسيته جنرال في لبنان، وذلك بفائدة 6.5 في المئة، مقدّماً “ضمانات شخصية وعقارية تضمن القرض الأول”. واشارت الى انه كان لافتاً أن يرد في نص الشكوى أن جنبلاط “استخدم رصيده الشخصي والإرث العائلي والثقة الشخصية الممنوحة له من سائر المصارف لدفع هذا الثمن وشراء العقارات”.
أبو حمزة من هو؟
يُشار إلى أن أبو حمزة درس الكيمياء، وشغل منصب مدير أعمال وليد جنبلاط، وممثّله في مجلس إدارة معمل سبلين للترابة وشركة كفريا لصناعة النبيذ، ورئيس مجلس إدارة شركة كوجيكو المعنية باستيراد النفط وبيعه، لاكثر من ثلاثين عاماً.كما كان وكيلاً في الشرق الأوسط لشركة UP JOHN الأميركية المعنية بالصناعات الكيميائية، وكان يعيش في باريس، قبل أن ينتقل إلى لبنان مطلع عام 1987 بطلب من جنبلاط، لإدارة شركة “كوجيكو”، ثمّ لإدارة “كفريا” في عام 1989.هذا وأدار ابو حمزة أملاك جنبلاط وعقاراته وأمواله وأشرف على استثمارها والاستفادة منها، وكذلك عمل على تحقيق الاستقرار المالي المطلوب لآل جنبلاط، وانتظام مداخيلهم ومصادر تمويلهم الجديدة.
وشغل أبو حمزة منصب الأمين العام للإتحاد اللبناني لكرة القدم من عام 2001 إلى 2005، كما شغل منصب أمناء نادي الصفاء الرياضي وقدم إستقالته من هذا المنصب في شهر تشرين الأول 2013 بعد وقوع الخلاف مع جنبلاط.