تحت شعار “الفنانون الأمازيغ يرحبون بموسيقى العالم” نُظمت في مدينة أكادير المغربية، بين ٢٦ و٢٩ يونيو الماضي الدورة العاشرة لمهرجان تيميتار “علامات وثقافة”. هذه التظاهرة الفنية أقيمت برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس وشارك فيها فنانون عالميون كبار مثل كيني روجرز، مارسيل خليفة، ماجدة الرومي، خالد، ايدير، اسماعيل لو، بالإضافة إلى العديد من النجوم الآخرين من المغرب والولايات المتحدة وفرنسا وهولندا والصين والرأس الأخضر والسنغال. وكان لعشاق تيميتار أيضاً موعد مع العديد من الفنانين الأمازيغ ومنهم البرلمانية المغربية فاطمة تاباعمرنت، اودادن وفرقتي إنوراز ورباب فوزين وغيرهم.
وقد قدم المهرجان هذه السنة أكثر من ثلاثين حفلاً على ثلاث منصات أقيمت في ساحتي الأمل وبيجوان ومسرح الهواء الطلق في المدينة، وإستقطب مئات الاف المتفرجين من مختلف الجنسيات والأعمار. ومنذ ولادته، استطاع مهرجان تيميتار أن يشكل له هوية خاصة مبنية على التنوع والإنفتاح والسعي لمد جسور التواصل بين الشعوب والثقافات. وخلال تغطيتنا لدورة هذه السنة التقينا بإبراهيم المزند، المدير الفني لمهرجان تيميتار، وكان لنا معه اللقاء التالي:
* مع الدورة العاشرة ينهي مهرجان تيميتار مرحلة من تاريخه ويبدأ مرحلة جديدة. كيف تقيمون الفترة الماضية؟
الذكرى العاشرة هي محطة مهمة في كل مشروع. وأنا اعتقد أن العشر سنوات الماضية من مهرجان تيميتار ساهمت في إعطاء صورة أخرى عن الثقافة والإبداع والموسيقى الأمازيغية. لقد كانت فرصة لجمهور تيميتار لإكتشاف أسماء كبيرة سواء كانت شرقية، غربية، أفريقية أم أمريكية. كما ساهمت أيضا وطنيا” في النقاش السياسي حول التعددية الثقافية من خلال إبرازها لقيمة الثقافة واللغة الأمازيغية. فكما تعلمون، قبل سنتين تم الإعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية في المغرب، مما يؤكد أن مشروعنا كان مشروعا” مهما”.
خلال العشر سنوات الماضية، كان للإبداع مكانة خاصة في مهرجان تيميتار. فقد نظمنا ورشات عمل مهمة بين فنانين مغاربة وأجانب، وتم عرض نتاج البعض منها في فضاءات ومهرجانات وقاعات كبرى عبر العالم، سواء في البرازيل أو أوروبا أو أفريقيا. كما أصدر المهرجان أيضا” عددا” كبيرا” من الأشرطة ودعم الكثير من الفنانين الأمازيغيين. وهذا كله يجعل من هذه التجربة غنية، مكثفة وفي نفس الوقت طموحة.
لقد كان هدفنا تنظيم مهرجان عصري ومنفتح على جميع الحضارات، يحافظ على مكانة الإبداع التقليدي والتراث ويفتح أيضا الباب أمام الأعمال الموسيقية الخاصة بالشباب. كان هناك انفتاح كبير يسمح لمختلف شرائح المجتمع وجميع أفراد العائلة من شباب وشيخ بحضور المهرجان. وهذا الجمهور المخلص الذي يتابع المهرجان سنويا” بشكل كثيف هو الذي أمن نجاح هذه التجربة.
* كيف تمت برمجة فعاليات الدورة العاشرة؟
مهرجان تيميتار في دورته العاشرة كان مهرجانا” استثنائيا” مع استمراره في المحافظة على هويته. لقد دعينا بعض الأسماء التي سبق لها وشاركت بنجاح كبير في دورات المهرجان السابقة كمارسيل خليفة، خالد أو ايدير بالنسبة للفنانين الأجانب، وناس الغيوان واودادن بالنسبة للفنانين المغربيين. هذه الأسماء أصدرت أعمالا” جديدة منذ مشاركتها السابقة في المهرجان، وكان من الضروري أن تكون حاضرة معنا في الدورة العاشرة.
من جهة أخرى، لقد تمت أيضا” دعوة أسماء جديدة للمشاركة في الدورة الأخيرة ومنها الفنان كيني رودجرز الذي غنى في تيميتار في أول مشاركة له في مهرجان غنائي في ما يسمى بالبلدان العربية وأفريقيا. كذلك الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي التي شاركت في المهرجان لأول مرة في عرض استثنائي دام ساعتين تقريبا”. بالإضافة إلى الأسماء المغربية الأخرى كلطيفة رأفت التي كانت لها مشاركة بارزة وحضر حفلها الجمهور بكثافة، إلى جانب أسماء فنية أخرى.
* أحد أهداف مهرجان تيميتار هو إقتصادي ويرمي إلى تشجيع السياحة في تيميتار. ما مدى تحقيق هذا الهدف في العشر سنوات الماضية؟
حقق مهرجان تيميتار أهدافا مهمة من الناحية الإقتصادية. فقد أعطى أكادير وجهة سوس ماسة درعة إشعاعا” إعلاميا” كبيرا” عبر العالم. ودخل المهرجان اليوم في شبكة أكبر المهرجانات الدولية. بالإضافة إلى أن جمهور تيميتار يأتي عدد كبير منه من خارج منطقة سوس ماسة درعة، من داخل المغرب أو خارجه. وما يؤكد ذلك هو أن معظم الفنادق المصنفة تسجل اليوم نسبة إشغال تتعدى ٩٥ ٪، وحتى أن عددا” منها يسجل إشغالا بنسبة ١٠٠ ٪. هذا بالإضافة إلى الصورة التي ينقلها الإعلام الأجنبي لمواطنيه عن هذا المهرجان.
* أقيمت الدورة العاشرة في فترة متأزمة في البلدان العربية، ما مدى تأثير ذلك على المهرجان؟
السنة الماضية، في بداية الحراك العربي، حصل نقاش في الإعلام حول هذه المسألة. لكن تاريخ المغرب إستثنائي والأمازيغية تشكل أحد أعمدته. وما يجعله يختلف عن بلدان الشرق الأوسط هو أن فضاءه العام هو فضاء للفرجة. وأنا لا أعرف بلدانا” أخرى في المشرق والمغرب تستطيع أن تضم في فضاءاتها العامة هذا الكم الهائل من البشر الذين يجتمعون بدون مشاكل بهدف الفرجة. ففي فضاء واحد قد يتواجد في بعض الأحيان أكثر من مئة ألف متفرج. وهذا يشكل استمرارا” تاريخيا” للمواسم في المغرب. ففي جميع قرانا ومناطقنا تتم سنويا” مثل هذه اللقاءات في نهاية المواسم الزراعية.
والمهرجان ما هو الإ تأكيد لهذه الإستمرارية الثقافية في المغرب. فالبلد الذي يتوجه فيه المتفرج إلى الفضاء العام هو بلد آمن، والأمن هو الذي يشجع السائح على زيارته. وأنا أفضل أن يخرج الفرد إلى الفضاء العام على أن يبقى أمام التلفزيون لمشاهدة الدماء التي تلطخ شاشاتنا على مدار الساعة. المهم أن تبقى للثقافة مكانتها، والنقاش حول الأمور السياسية هو بطبيعة الحال أمرا” أساسيا” ومهما” جداً، ولكن يبقى الحوار الديمقراطي أساسيا”.
* بعد دورته العاشرة، هل سيحافظ مهرجان تيميتار على الهوية نفسها أم سيتخذ خطا” آخر اعتبارا” من دورته الحادية عشرة؟
يجب أن ننتظر اجتماع المكتب الإداري لجمعية تيميتار التي ستعمل على تقييم نتائج الدورات العشر الماضية وتتخذ ربما قرارات بخصوص الدورات المقبلة. أما بالنسبة لي فأنا أعتقد بأنه يجب تطوير المهرجان مع المحافظة على هويته، لأن الأصعب هو أن تبقى في الإستمرارية. فنحن لا نعمل على شهب إصطناعية بل من خلال استراتيجية محددة اعتقد بأنه يجب المحافظة عليها.