أعتقد أنني صرت كائنا ليليا، بمعني أنني أقلب ليلي نهارا ونهاري ليلا، والأمر لا يزعجني، بقدر ما يرهق من يحيطون بي.. فحين ينام الجميع أصحو والعكس صحيح! لكنني في سهري أستفيد وأستمتع والفضل يعود إلى ما تبدأ قناة الـ MBC 4 بعرضه بدا من الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وأعني بكلامي برنامجي The Insider و Entertainment Tonight وهما الأشهر على صعيد أخبار نجوم هوليوود والعالم وحتى أخبار العرب، إذ دائما ما أتحمس حين يذكرون إسم المصمم اللبناني العالمي إيلي صعب، لكنهم لا يعرفون كيف يشددون على حرف الـ “ع” فيصبح الإسم “إيلي صاب”، لكن، لا بأس!
مراقبتي لهذين البرنامجين ليست بجديدة، بل أتابعهما منذ أعوام، ولطالما تساءَلت: لماذا لا نستطيع كعرب أن نتتج هذا النوع من البرامج المثيرة، رغم أننا “اسمالله” لدينا نجوم كثر، يكفون لإعداد أكثر من برنامج دسم عنهم!
وأعتقد أيضا أنه لا تنقصنا الخبرة أو الرؤيا أو المذيعين أو التقنيات أو الإنتاج أو الإخراج الجيد أو المراسلين المجتهدين أو العاملين في أقسام المونتاج والتصوير وغيرها.. لكن ربما تنقصنا الشفافية التي يتمتعون بها.. فمثلا، هناك في برنامج Entertainment Tonight فقرة يقدمها رجل يدعى “كوجو”، وهو متخصص في الأزياء وعملية نقدها، وهو يخرج ليقول مثلا لأنجلينا جولي: “فستانك كان الأسوأ في المناسبة الفلانية.. كنت الأقبح على الإطلاق وعليك أن تجدي حلا سريعا لإنقاذ أناقتك”، لتعود بعدها جولي وتُعطي أخونا “كوجو” مقابلة حصرية وخاصة!
فهل تتخيلون لو تجرأ أحد صحافيينا على أن يقول للفنانة X: فستانك لم يكن موفقا، وليس لم يكن جميلا أو قبيحا، ماذا كانت لتفعل؟! وهل كان ليحلم الصحافي بأن يلمح طرفَ ذيل فستانها من جديد أمام كاميرته؟!
ما ينقصنا أكثر هو تلك الصراحة التي يتمتع بها نجوم الغرب.. فهل لديكم أدنى فكرة عن أسماء وأعداد المشاهير الذي إعترفوا أمام كاميرات الصحافيين عن أنهم تعاطوا المخدرات أو أقاموا علاقات غير شرعية؟! وما أدراكم كم من نجومنا يفعلون الأمر ذاته ويلبسون في صباح اليوم التالي ثوب العفة، لأنهم يتصرفون كما نريد لهم أن يفعلوا، إذ أننا شعب إعتاد أن يتوهم أنه يستطيع أن يخفي الشمس بإبهامه؟!
وأكثر.. من منا يجرؤ على فضح سر معين لدى أحد النجوم، دون أن يصحو في اليوم التالي على بلاغ من محكمة المطبوعات ينبؤه بوجوب حضور جلسة في محكمة المطبوعات، بينما في الغرب الذي نلعنه، يخرج صحافي جديد ليكشف أن رئيس الجمهورية أقام علاقة غير شرعية رغم أنه متزوج، دون أن يلاحقه أحد، لا وبل تتم محاكمة الرئيس!
المشكلة ليست في صحافيينا ولا في قدرتنا على إنتاج هذا النوع من البرامج، بل في تكويننا وثقافتنا الجميلة التي رجمناها بالحجارة، بأحكام وأفكار مريرة، أبرزها أن كل شيء مسموح، شريطة ألا يعرف به أحد!