“تمرّد” قصيدةٌ أطلقها الشاعر التونسي نجيب بن علي إثرَ المظاهرات الشعبيّة التي عمّت تونس بعد إغتيال السياسي وعضو المجلس الوطني التأسيسي عن حزب التيار الشعبي، محمد براهمي، وهي جريئةٌ في كلامها ودعوتها، خصوصاً أنها تعكس واقع الحال بشفافيّة ووضوح، ما يدفعنا لنتساءَل إن كان يجرؤ أحد الفنانين التونسيين على غنائها، أمثال النجم صابر الرباعي الذي شارك في المظاهرات مع إبنته..
ولا شكّ بأنّ آداء هذه القصيدة يحتاج إلى جُرأة لا تنقص أبناء تونس الذين رفعوا راية محمد البوعزيزي، وهي جُرأةٌ تُشبهُ أيضاً إقدامَ أهل الفراعنة ومن بينهم النجمة غادة رجب التي نزلتِ السّاحات في الثوراتِ ورفعت علمَ بلادِها، وقد تؤدّي هي الأغنية!
العربُ يجمعهم القدر والقُدْرَة على القتال لأجل حقوقهم وكرامتهم وأولادهم ومستقبلهم، فهل تجمعهم “تمرّد” التي تنطبق على جميع أوطاننا العربيّة؟!
وتقول القصيدة:
تمرّد هنا و اعتصم و اختبر صبر أمٍّ أتاها المخاض /
تعلّم معاني الرجولة من صبر أمٍّ ولا تخش عند المخاض المنيّه/
تمرّد و سِرْ في الجنائز مثل العساكر حيِّ الشهيد/
بيمناك واحمل بيسراك نعشه ولتخلع النعل..
بعض المقابر قدس من القدس تُستلهم الملحميّه/
تمرّد فبنت الشهيد ستنجب يوما حفيدا/
هي الآن بالحزن سكرى ترشرش بالدمع كفن الشهيد/
وما بين دمع ودمع تزغرد/ كعصفورة من على الأيك أمْست تغرّد/
لهذا الفقيد لذاك الوليد يسير الهوينى على درب هذا الطريق المعبّد/
تمرّد بصدرك واجعله واقي رصاصٍ يفتّت قلب الرّصاص/
لتذروَ روحه هذي الرياح العتيّه/
تمرّد وألق القصيد على المجلس- المسرحيّه/
فإن كان يكوي الهجاءُ المريضَ فهاتوا مريضا أداويه كيّا/
تمرّد فأنت النخاع وما الحدّ إلا بدايات هذا التمرّد/
تمرّد مع الملحميّين إن التمرّد صِنْوُ الحلولِ التجلي التّوحّد/
تمرّد فإن السّماء ستمطر قمحا يبارك أيدٍ تيبّس فيها الشقاء/
وتسقي الغلابى نبيذ الحياة حلالا زكيا/
تمرّد عليك وحطّم أناك تحدّ الطبيعة والجاذبيّه/
وكن في التفرّد فوق القوانين كُنها عصيّا/
فما صنَع العبدَ عبدا سوى القابليّه تمرد عليك عليهم تمرّد عليّ/
تمرد على التاء تأنيثها للمصيبة تذكيرها للمصيب فيوغرطة الأب والأم عليسة المشرقيّه/
تمرّد فكنهك موجٌ و روحك مرجٌ نجومه ثلجٌ تسوّي السماء بأرض بلادي النّديه/
تمرّد بصوت الهِزبْر الجريح الذبيح وهدّد ضباع البراري و ردّد/
بصوت البلابل لحنا و أنشد/
تمرّد و أزبد و أرعد كبرق أوسّو المفاجئ ليلا/
وقلْها و قلْها وعدّد غزاة أتيتم ونحن العباد و نحن البلاد فتبّا وتبّا/لحكم المؤقت يلبس ثوب المؤبد/
تمرد و ألْقِ عصاك على ظهر كلّ الفراعين جرّد من الغمد سيف الكلام المردّد/
تمرّد على صنم الجبروت على لحية الكهنوت/
وفي جبة الشيخ كن كالهواء يعرّيه حتى يرى الناس من تحت جبّته الجاهليّه/
تمرّد وحطّم تماثيلهم واحدا واحدا كابن آزر كنْ كبعض النبيئين لبضع يوم نبيّا/
تمرّد وحطّم جدار الكلام تجدهم عليك قد اجتمعوا في الخفاء سويّا/
تمرد وكن كالزلازل تحت الكراسي إذا هدأت في الصباح أفاقت عشيّا/
تمرّد على المتمرّد إن كان بوقا تمرّد فحاشا التمرّد أن ينفخ العهر في جوقة الدكتتور/
ويبعث سيّافه الميْت حيّا /
تمرّد فكل شعوب البحار بحارٌ وعيب الطغاة ابتناء القصور بقلب الأعاصير حمقا و فوق ضفاف البحار العديّه/
تمرّد بصرخة صوت فإن لطلق رصاص الكلام دويّا/
تمرّد وعطر مُسِيل الدموع بدمعك كنْ مثل حلفاء أرض السباسب صلبا/
وأدْمِ يديْ من يريد اقتلاعك من أرضك البربريّه/
تمرّد وعشْ مثل نخل الجنوب يداعب غيم السماء العليّه/
طويلا وإن قصُر العمر ثمّ إذا متّ مُتْ أخضرا فوق أرض البلاد كزيتونة تونسيّه/