يفتتح مهرجان كان السينمائي الدولي فعاليات دورته الـ76 اليوم حيث ينتظر عشاق السينما هذا الموعد بفارغ الصبر.
ورغم غياب الافلام اللبنانية عن التظاهرة هذا العام الا ان الافلام العربية حاضرة حيث يتبارى 14 فيلماً عربياً ضمن تظاهرات المهرجان.
ضمّت لائحة الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية الدولية فيلم “بنات ألفة” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، إلى جانب عناوين أخرى لبعض أبرز الأسماء السينمائية العالمية، من بينهم خمسة فائزين سابقين بالسعفة الذهب، هم الألماني فيم فيندرز، والتركي نوري بيلج جيلان، والياباني هوريكازو كوري إيدا، والبريطاني كين لوتش، والإيطالي ناني موريتي. بالإضافة إلى سينمائين كبار من طراز الإيطالي ماركو بيلوكيو، والفنلندي آكي كوريسماكي، والأميركيين ويس أندرسون وتود هاينز، والبرازيلي من أصل جزائري كريم عينوز، والصيني وانغ بينغ؛ إلى جانب بعض الأسماء الصاعدة بقوة في المشهد السينمائي في السنوات الأخيرة، مثل الإيطالية آليتشي رواتشر، والنمساوية جيسيكا هاوزنر، والفرنسية جوستين ترييت، كذلك تشهد المسابقة عودة الفرنسية كاترين بريليا والفيتنامي تران آنه هونغ، وإدراج الباكورة الإخراجية – الوحيدة في المنافسة – للسنغالية راماتا تولاي سي.
وفيما يُعدّ فيلم بن هنية، العربي الوحيد في المسابقة الرسمية، تجمع مسابقة “نظرة ما” ثلاثة أفلام عربية، هي “وداعاً جوليا” للمخرج محمد كردفاني الذي سيكون أول فيلم سوداني يشارك في إحدى مسابقات المهرجان العريق، إلى جانب فيلمين من المغرب هما “كذب أبيض” لأسماء المدير و”كلاب الصيد” لكمال لزرق.
كما يتضمن برنامج “عروض منتصف الليل”، فيلم عربي آخر هو “عمر الفراولة” للمخرج الجزائري إلياس بلقادر.
ويعرض المهرجان فيلمين دفعة واحدة لكل من المخرجين الألماني فيم فيندرز والصيني وانغ بينغ، حيث ينافس فيلم الأول “مدينة الستيرويد” في المسابقة الرسمية، بينما يُعرض فيلمه “أنسيلم” في قسم العروض الخاصة، كذلك الأمر بالنسبة للمخرج الصيني البارز الذي ينافس في المسابقة الرسمية بفيلمه الوثائقي الجديد “شباب”، إلى جانب حضوره في قسم العرض الخاص بفيلم تجريبي بعنوان “رجل يرتدي الأسود”. ويضم القسم الأخير كذلك أحدث أعمال البريطاني ستيف ماكوين والبرازيلي كيلبر ميندوزا فيلو.
وكان المهرجان قد أعلن سابقاً، عرض أحدث أعمال المخرج الأميركي الكبير مارتن سكورسيزي والإسبانيين بيدرو ألمودوفار وفيكتور إيريس، وعن اختيار فيلم “جين دو باري” للفرنسية مايوين ليكون فيلم افتتاح الدورة. ومن المنتظر خلال الأيام المقبلة إضافة بعض العناوين إلى اللوائح المعلنة حتى الآن.
بنات ألفة.. فيلم داخل فيلم
في مرّتها الأولى للمنافسة داخل المسابقة الرسمية لمهرجان “كانّ”، تشارك المخرجة التونسية كوثر بن هنية بفيلمٍ يجمع بين الوثائقي والتخييلي. بحسب المعلومات الشحيحة المتاحة حول الفيلم الجديد، هو عبارة عن فيلم داخل فيلم مستمد من قصة حقيقية لسيدة تونسية اسمها ألفة لديها أربع بنات، وانعكاس حياتها مع رؤية المخرجة لحياتها سينمائياً بطريقة تجمع بين الوثائقي والدراما كأنه فيلم وثائقي عن الفيلم نفسه. تقنية مشابهة استخدمتها بن هنية في فيلمها الأول “شلّاط تونس” (2014) الذي أظهرها للعالم، لكن المختلف هنا هو تعاونها مع نجمة سينمائية بحجم مواطنتها هند صبري التي تقوم بدور البطولة.
هند صبري عبّرت عن سعادتها وفخرها بوجود فيلمها في المسابقة الرسمية لمهرجان “كان” للمرة الأولى في تاريخها، بعد مشاركة فيلمها مع المخرجة الراحلة مفيدة تلاتلي “صمت القصور”، في قسم “نظرة ما” وحصوله على جائزة الكاميرا الذهبية وقتها.الفيلم من إخراج وتأليف كوثر بن هنية، وإنتاج حبيب عطية ونديم شيخ روحه، وصُوِّر في تونس العام الماضي، وهو إنتاج فرنسي تونسي ألماني مشترك.
كوثر بن هنية (1977، سيدي بوزيد) درست في مدرسة الفنون والسينما (EDAC) في تونس، ثم تابعت دراستها في الإخراج السينمائي بمعهد لا فيميس في باريس، لتلتحق العام 2005 بكلية كتابة السيناريو في المعهد نفسه في باريس، وقدّمت فيلمها القصير الأول “أنا وأختي والشيء”، وفي العام 2010 الفيلم الوثائقي “الأئمة يذهبون إلى المدرسة”. في العام 2013، فاز فيلمها القصير “يد اللوح” بأكثر من 10 جوائز منها التانيت الذهبي من أيام قرطاج السينمائية، أما فيلمها الطويل الأول “شلاط تونس” فقد عُرض في قسم “آسيد” بمهرجان كانّ السينمائي، وحاز عدداً الجوائز العالمية، وفي العام 2017 شارك فيلمها الروائي “على كفّ عفريت” في قسم “نظرة ما”، وفي القسم ذاته عُرض فيلمها “الرجل الذي باع ظهره” في العام 2020، قبل أن تختاره تونس لتمثيلها في منافسات جائزة أوسكار في دورتها الـ93، حيث وصل إلى اللائحة النهائية.
وداعاً جوليا.. انفصال واتصال سوداني
يدور الفيلم السوداني في إطار درامي وتشويقي تقع أحداثه قبل انفصال جنوب السودان مباشرة، حيث تسعى مُنى، وهي مغنية متقاعدة من الشمال، تكافح من أجل زواجها، إلى التكفير عن ذنبها في وفاة رجل جنوبي من خلال عرضها على زوجته المسكينة، جوليا، وظيفة كخادمة. وحتى لا يكشف أحد سرّها، تجد مُنى نفسها مجبرة على الاستمرار في الكذب. لكنها تقيم علاقة صداقة غريبة مع جوليا. عندما تنضم جوليا إلى مدرسة للبالغين تابعة للكنيسة، تلتقي بجوزيف، وهو جندي انفصالي راديكالي يساعدها في حلّ لغز اختفاء زوجها.
ويقول مخرج الفيلم محمد كردفاني: “من خلال جميع أفلامي، ركّزت على القضايا الاجتماعية ذات الخلفية السياسية، حيث أن السياسة تشكّل بعمق سلوكياتنا الاجتماعية والعكس صحيح”، مضيفاً أن “السينما يمكن – ويجب – أن تكون المرآة التي نرى فيها العيوب التي نحاول إخفاءها أو تطبيعها داخل مجتمعاتنا”.
ووفق كلامه “كان انفصال جنوب السودان نتيجة مباشرة للعنصرية والطبقية والتحيّز الديني الذي مارسناه نحن العرب المسلمين الشماليين على مدى عقود”، والآن “حان الوقت للمضطهدين في السودان – وفي أنحاء العالم – للاعتراف بامتيازهم الزائف والتخلّي عنه”. ويختم كردفاني كلامه بالقول “هذا الفيلم محاولة لكشف الأسباب الحقيقية وراء انفصال إقليم دارفور، كما أنه يلامس الذكورة السامّة لمجتمعنا”. والفيلم من إنتاج ستيشن فيلمز، للمنتجين أمجد أبو العلا ومحمد العمدة.
كلاب الصيد.. هوامش المغرب
يمثّل فيلم كمال لزرق امتداداً لفيلمه القصير السابق من العام 2014، بعنوان “مول الكلب”، حول شابّ يبحث عن كلبه الضائع فيكتشف عالماً خفياً في مدينة الدار البيضاء لم يكن حتى ليشكّ في وجوده.
فيلمه الجديد يروي مسيرة أبّ وابنه يعيشان في الضواحي الشعبية ويحاولان البقاء على قيد الحياة يومياً بالعمل في العالم السفلي المحلي. في إحدى الليالي، مات رجل كان من المفترض اختطافه، عن طريق الخطأ في سيارتهما. بوجود الجثة معهما، يفكران في كيفية إخفائها. ثم تبدأ ليلة طويلة عبر أحياء المدينة الفقيرة.
يقول المخرج: “كنت أودّ إعادة عمل فيلم تدور أحداثه في ليلة واحدة، من العصر الى الفجر، حيث نرافق الشخصيات من مكان الى آخر، من لقاءات الى لقاءات، ويضيف “نجد في فيلم كلاب الصيد، الضرورة المُلحّة لبحثٍ يائس، والتجوّل في الهوامش الحضرية ذات الجمال القاسي، والشخصيات الغريبة التي يبدو أنها تظهر من العدم”.
كمال لزرق (39 عاماً) درس الإخراج في باريس، وفيلمه الجديد ثمرة إنتاج مشترك بين بارني برودوكسيون (فرنسا)، مون فلوري برودوكسيون (المغرب) وبيلوغا تري (بلجيكا).
كذب أبيض.. أسرار عائلية ووطنية
تشارك المخرجة المغربية أسماء المدير في قسم “نظرة ما” بفيلمها الوثائقي الطويل “كذب أبيض” (إنتاج مغربي فرنسي قطري) الذي يتابع بحثّا شخصياً عن العائلة والذات. البداية تأتي من عدم امتلاك أسماء أي صورٍ من طفولتها، وكل ما استطاعت أمّها أن تجد لها هي صورةٌ قديمةٌ بالية بالكاد يستطيع الناظر إليها تمييز الفتاة الموجودة في الخلفية. لكن تبقى هذه الصورة البالية هي الدليل الوحيد الباقي من طفولتها. إلا أن أسماء تعرف أن هذه الفتاة ليست هي، وتقرّر أن تستغل مفارقة الصورة الغريبة لتحكي قصصاً لا تصدّقها هي نفسها أيضاً. لكن يتحوّل هذا الموضوع الحساس إلى منطلق تحقيقٍ يفضح أسرار عائلةٍ من الدار البيضاء. وتدرك أسماء، في محاولتها استخدام قصص شخصية من حياة أفراد عائلتها لتدوين الأحداث السياسية على صفحات التاريخ، أن قصة كل شخصية تنطوي على شيءٍ من الزيف، حيث ستكون هذه هي الفكرة المتكرّرة في قصة الفيلم التي تعرّي أحداثاً أكبر وتنتقل بمنحى القصة شيئاً فشيئاً إلى انتفاضة الخبز العام 1981 بإلحاق الانتفاضة بنسيج القصة. فتنسج أسماء من خيوط ذكريات أمّها وأبيها وجدتها صورةً للمجتمع المغربي وليس فقط لعائلتها.
شقّت المخرجة والكاتبة والمنتجة، أسماء المدير، طريقّها إلى الفنون السمعية البصرية في العام 2010 وأنتجت عدداً من الوثائقيات لأكثر من قناةٍ عربيةٍ منها قناة “الجزيرة”. ونالت أفلامها جوائز في عددٍ من المهرجانات المرموقة، منها مهرجان ساو باولو موسترا، ومهرجان بيروت السينمائي الدولي. وقد استخدمت المدير عائلتها، بوضعهم في محور قصةٍ عن الكسكس وقصة عمّها الشيوعي، نافذةً للحديث عن القمع السياسي تحت نظام حسن الثاني.
الرابط: https://www.musicnation.me/?p=242456