طوّر علماء أمريكيون خلايا مناعية مُعدلة وراثياً تسمى “الخلايا النخاعية”، يمكنها توصيل إشارة مضادة للسرطان إلى الأعضاء التي قد تنتشر فيها خلايا المرض.
وذكر موقع موقع “ساينس بلوج” العلمي في تقرير نشره الجمعة، أنه في دراسة أجريت على الفئران، أدى العلاج بالخلايا النخاعية إلى تقليص حجم الأورام، ومنع السرطان من الانتشار إلى أجزاء أخرى في الجسم.
وقالت كبيرة الباحثين في الدراسة، الدكتورة روزاندرا كابلان، من مركز أبحاث السرطان التابع للمعهد القومي الأمريكي للسرطان: “يبدو هذا النهج الجديد للعلاج المناعي واعداً باعتباره علاجاً محتملاً للسرطان النقيلي (أي السرطان الذي تنتقل فيه الخلايا السرطانية من مكان نشأة الورم الأصلي إلى مناطق أخرى من الجسم)”.
ومن المعروف أن السرطان النقيلي صعب العلاج، ولكن فريق الدكتورة كابلان استكشاف نهجاً جديداً لعلاجه، وهو منع انتشار السرطان في المقام الأول.
وأوضح الموقع أنه قبل أن ينتشر السرطان فإنه يرسل إشارات تجعل المواقع البعيدة في الأعضاء الأخرى جاهزة لوصوله، وتسمى هذه المواقع المستعدة، والتي اكتشفتها الدكتورة كابلان في عام 2005، بـ”أماكن ما قبل الانتشار”.
وفي الدراسة الجديدة، التي نُشرت في 24 مارس/آذار الجاري، في مجلة Cell العلمية، استكشف فريق المعهد القومي للسرطان سلوك الخلايا المناعية في هذه الأماكن، وأجرى الباحثون اختباراتهم على الفئران التي تم إصابتها في المعمل بالساركوما العضلية المخططة، وهو نوع من السرطان يتطور في عضلات الأطفال، وغالباً ما ينتشر إلى رئتيهم.
ولدراسة أماكن ما قبل الانتشار، نظر الباحثون في رئتي الفئران بعد تشكل أورام في عضلة الساق، ولكن قبل اكتشاف السرطان في الرئتين.
واكتشفوا أن القدرة الطبيعية للجهاز المناعي على مهاجمة السرطان كانت موجودة لكن تم كبحها في الرئتين، حيث كان هناك عدد قليل من الخلايا المناعية القاتلة للسرطان هناك، ولكن هناك العديد من الخلايا التي تثبط جهاز المناعة.
وتابع الموقع: “كانت الخلايا النخاعية، على وجه الخصوص، وفيرة في أماكن ما قبل الانتشار، واستمرت في التجمع هناك مع تقدم السرطان، حيث تعد هذه الخلايا جزءً من استجابة الجسم الأولى لأي عدوى أو إصابة أو أورام”.
ووجد الباحثون أن الخلايا النخاعية الموجودة في أماكن ما قبل الانتشار في الرئة ترسل إشارات تخبر الخلايا المناعية المكافحة للسرطان بالتوقف عن العمل.
وأوضحت الدكتورة كابلان أن هذه السمات الخاصة بأماكن ما قبل الانتشار تسمح للخلايا السرطانية بالنمو عندما تنتشر في أماكن أخرى من الجسم.
ولمعرفة إذا كان بإمكانهم الاستفادة من الخلايا النخاعية لتحفيز الجهاز المناعي على العمل في هذه الأماكن عن طريق تغيير الرسالة التي تنقلها استخدم الفريق الهندسة الوراثية لإضافة جين إضافي إلى الخلايا النخاعية في فئران التجارب.
ووجد الباحثون بالفعل ما كانوا يأملون فيه، حيث تم تنشيط الخلايا المناعية القاتلة للسرطان في أماكن ما قبل الانتشار، كما انخفضت الإشارات التي تثبط جهاز المناعة.
وتابع الموقع: “نتيجة لذلك، كان لدى الفئران التي عولجت بالخلايا المعدلة وراثياً انتشاراً أقل للسرطان في الرئة، وأورام أصغر في العضلات، كما أنها عاشت أطول بكثير من الفئران التي عولجت بالخلايا النخاعية غير المُعدلة، ووجد الباحثون نتائج مماثلة عندما قاموا بإجراء تجارب على الفئران المصابة بأورام البنكرياس التي تنتشر في الكبد”.
كما توصل الفريق أيضاً إلى أنه بالاقتران مع العلاج الكيميائي فإن الخلايا المُعدلة وراثياً يمكنها منع السرطان من العودة مرة أخرى، حيث أنه عندما أعاد الباحثون إدخال الخلايا السرطانية في الفئران التي تم شفاؤها من خلال العلاج المركب، لم تتشكل الأورام من جديد.
وأوضح الباحثون أن هذا يشير إلى أن العلاج المركب يترك “ذاكرة مناعية” طويلة الأمد للسرطان.
ويخطط الفريق لاختبار سلامة الخلايا المُعدلة في تجربة سريرية للبالغين المصابين بالسرطان، وإذا ثبت أنها آمنة، فإنه سيتم اختبارها في الأطفال والمراهقين المصابين بالمرض.