ما زال العلماء في سعي دؤوب لفهم المضاعفات التي تنجم عن فيروس كورونا (كوفيد 19) الذي ظهر في الصين، أواخر العام الماضي، ثم انتشر إلى باقي دول العالم وأصاب أكثر من مليوني حتى اليوم، وأودى بأرواح ما يزيد عن 154 ألفا.
ونجم الوباء العالمي الحالي عن فيروس ينتمي إلى عائلة “كورونا”، ويحدث آثارا شبيهة بالإنفلونزا، لكن العلماء يدرسون كثيرا من التأثيرات “الجديدة” للعدوى في جسم الإنسان .
ولا يعاني كافة المصابين الأعراض الناجمة عن الفيروس مثل الصداع الشديد والسعال والتهاب الحلق، لكن الأضرار لا تقتصر على الرئة بحسب مجلة “ساينس”، لأن بعض الأطباء رصدوا آثارا للمرض في عدد من أعضاء الجسم الأخرى مثل الكلى والقلب والأمعاء وحتى أصابع القدم.
ويقول الباحث المختص في صحة القلب بجامعة يال الأميركية، إن المرض يستطيع أن يهاجم أي شيء في الجسم، مؤديا إلى تبعات كارثية.
ويسعى الباحثون لمعرفة مضاعفات المرض بشكل دقيق، وما الأعضاء التي يصيبها، لأن هذا سيساعدهم على تقديم العلاج الأكثر نجاعة للمرضى.
وتم إعداد ونشر ما يقارب ألف ورقة علمية حول فيروس كورونا المستجد حتى الآن، لكن ما بدا للعلماء هو أنه لا يتحرك على غرار الميكروبات التي عهدتها البشرية حتى الآن. وتؤكد الباحثة في المركز الطبي التابع لجامعة راش، أن الأكاديميين ما زالوا في طور دراسة فيروس كورونا المستجد، لأن أشهرا قليلة فقط مرت على ظهوره.
وأوردت مجلة “ساينس”، أن بعض مرضى (كوفيد 19) يصابون بسكتة أو التهاب في الدماغ، وسط سعي من الباحثين إلى فهم كيفية حصول هذه الاضطرابات من جراء العدوى.
وأوضح الأكاديمي المختص في أمراض الرئة بمستشفى تامبل الجامعي، جيمي غارفيلد، إن الخطر الأكبر لهذا الفيروس يحدث بالأرجح من جراء استجابة الجهاز المناعي عند الإصابة بالعدوى، أي أن الجسم يسجل التهابا كبيرا عند التعرض للفيروس.
وتعرف هذه الظاهرة في الوسط بـ”عواصف السيتوكين” ويُقصد بها الاستجابة المبالغ فيها من الجهاز المناعي والتي تؤدي إلى مهاجمة “زائدة” لمناطق سليمة من الجسم.
والسيتوكينات عبارة عن مركبات بروتينية يجري إفرازها من قبل الجهاز المناعي لمحاربة العوامل الخارجية مثل الفيروس أو الالتهاب، لكن عددها الكبير يؤدي إلى أضرار صحية.
وحذر الباحث في كلية الطب بجامعة ستانفورد الأميركية، جوزيف ليفيت، من استخدام أدوية تكبح جهاز المناعة لأجل علاج مرضى كورونا والحؤول دون هذه الاستجابة “الزائدة”، وقال إن هذه الطريقة العلاجية قد تقضي على المناعة التي يحتاجها الجسم للتغلب على العدوى.
وفي أواخر مارس الماضي، كشفت مجلة ” JAMA Cardiology” تسجيل أضرار صحية في عضلة القلب لدى عشرين في المئة من مرضى كورونا في أحد مستشفيات مدينة ووهان الصينية، وشملت العينة 416 شخصا.
وفي دراسة أخرى بمدينة ووهان، تبين أن مرض (كوفيد 19) أثر على صحة القلب لدى 44 في المئة بين 138 مصابا، وهو ما يعني أن الرئة ليست العضو الوحيد الذي يتضرر من جراء العدوى.
ويقف الاضطراب عند القلب، إذ يمتد أيضا إلى الدم، ففي مستشفى هولندي، أصيب 38 في المئة من مرضى (كوفيد 19) بمشاكل تخثر الدم التي تنذر بمتاعب كثيرة.
وفي حال تفتت الدم المتخثر، فإنه قد ينتقل إلى الرئة أو يؤدي إلى انسداد الأوردة، وهذا الاضطراب الخطير يعرف بالانصمام الرئوي. ويعاني المصاب بهذه الحالة ضيقا في التنفسا وألما في الصدر.
وفي حالات أخرى، تنتقل بقايا هذا الدم المتخثر إلى دماغ الإنسان المصاب بفيروس كورونا، فتجعله معرضا للإصابة بسكتة دماغية، وهذا الأمر يكشف أن “كوفيد 19″ ليس مجرد إنفلونزا عادية.
ويقول الأطباء إن عدوى فيروس كورونا تؤدي أيضا إلى ضيق في الأوعية الدموية، وهذا الأمر يقودُ إلى حالة تعرف بـ”الإقفار” أو “الإسكيميا” أي ضعف وصول إمدادات الدم إلى بعض أعضاء الجسم مثل أصابع القدم.