العلاقة بين
الفن والثورات أمر أساسي فهمه قلائل من فناني العالم العربي، أبرزهم من الجيل
القديم كأم كلثوم وعبد الحليم اللذين جيَرا صوتيهما في مراحل كثيرة لحث الشعوب على
المقاومة وعدم الإستسلام، والأمر ذاته فعله من الجيل الجديد كل من جوليا وماجدة
الرومي..
ولأن التوجه
إلى الشعوب فيما خص ثوراتهم ومطالبهم المُحقة ليس بالأمر السهل أو العابر أو
السطحي، لفتتا أغنية الفنانة جانين داغر بعنوان “أنظر” التي خاطبت من خلالها الديكتاتوريات
الساقطة بفعل الربيع العربي، وإختارت أن تطلقها عبر مواقع التواصل الإجتماعي
المكان الذي إندلعت منه هذه الثورات، وحققت خلال أيام أكثر من سبعين الف مشاهدة!
وحول هذا العمل، قالت داغر: ”
إسم الأغنية الجديدة “أنظر” إلى الربيع العربي، وهي تعبر عن رؤيتي له،
في ظل أسئلة كثيرة تدور في رؤوسنا حول أسباب إنفجار هذه الثورات الآن وليس قبل أو
بعد، وهل ستكون للأفضل أم لا، وما هو شكل المجتمعات الذي ستفرزه، إلخ”!
اللافت أن جانين كتبت الأغنية بنفسها،
وحول ذلك تفسر: ” كنت في زيارة إلى القاهرة بعد الثورة وأتنقل بالسيارة من
مصر الجديدة للمهندسين شاردة أتأمل معالم القاهرة، مشاعر وأفكار كثيرة مرت في ذهني
ترجمتها على الورق بمجرد عودتي لمقر إقامتي، وعندما إنتهيت من الكتابة في نفس
الليلة، إتصلت بأصدقاء لي كانوا يعملون معي على ألبومي الذي أجهز له، وهما إيهاب
عبد الواحد وشريف علي من فريق بساطة الغنائي التي تتحدث عن هموم الشعب المصري
بأسلوب مميز، وجلسنا مساء بمصاحبة الغيتار، فتبلورت الفكرة موسيقيا!
أما عن أسباب غنائها بالفرنسية بدلا
من العربية، قالت:”ربما لأنني معتادة على الكتابة بالفرنسية ولا أعترف بحاجز
اللغة في الغناء، ولا أجد غضاضة في ذلك لأن الإنسان العربي مُطالب بأن ينفتح على
الآخر ويوصل أفكاره اليه، ويخاطبه بلغته، ليفهمنا“.
الأغنية التي كانت وليدة لحظة ومشاعر
تخبطت بها جانين، إكتملت أكثر فأكثر من خلال الصورة وكليب شرحت جانين أسباب
زيارتها للمقبرة فيه، مفسرة أنها “قصدتُ بهذا المشهد أن أترحم على كل صوت وكل
تضحية كبيرة لأن أكبر تضحية يمكن أن نقدمها هي الروح، فموتهم منحنا الحياة، موتهم
منحنا صوتا، وعلينا أن نتجنب الإختيار بجهل أو بغضب، فالعالم العربي مقبل على
إنتخابات مصيرية ولابد للقيادة الجديدة التي سنختارها أن تكون قراراتها لمصلحة
الشعب لا حبا في الكرسي“!
هذا وتتكرس أهمية الأغنية والعمل
المصور في المعاني التي يحملانها حول سيدة عاشقة تخاطب حبيبها الذي وضعت ثقتها فيه
ومنحته هذا الحب بدون مقابل، وهي ذاتها حال العلاقة بين الشعوب والقيادة، فشعوبنا
أحبت قياداتها لفترة طويلة، وثقت بهم الى درجة التأليه، وأوصلتهم الى أعلى المراتب
لكن هؤلاء القادة خانوا هذه العلاقة، ولم يبادلوا شعوبهم بالمثل!
لمشاهدة كليب الأغنية: