تطلق “دار ضرغام” في 29 أكتوبر الجاري في إطار معرض الكتاب الفرنكوفوني، كتاب “طب النفس في لبنان – تاريخ ونظرة” La psychiatrie au Liban – Une histoire et un regard للدكتور سامي ريشا، رئيس قسم طب النفس في مستشفى اوتيل ديو ورئيس الجمعية الفرنكوفونية للمصابين بأمراض نفسية، وهو كتاب-مرجع يسدّ فراغا كبيرا، في ظل غياب الوثائق المتعلقة بتاريخ طب النفس في لبنان.
وفي تقديمه للكتاب، اعتبر الكاتب اللبناني باللغة الفرنسية الكسندر نجار أن المؤلف “أخرج من الظل مهنة لطالما اتسمت مزاولتها بنوع من التكتم، مُبرزاً بذلك مزاياها، وفاتحا العيون على تطورها وتحدياتها ماضياُ وحاضراُ ومستقبلاُ”. وتوقّع نجار “أن يثير هذا الكتاب اهتمام الناس العاديين كما الاختصاصيين، ، رغم كونه علمياً وتأريخياً”، معتبراً أنه “ركن اساسي في تاريخ الطب اللبناني الذي يشكل مصدرفخر للبنانيين في الوطن والمهجر”.
ويقع الكتاب في 352 صفحة من القطع الوسط، وهو من قسمين وتزينه مجموعة من الصور والوثائق التاريخية التي تاتي مكمّلة للنص.
وفي القسم الاول من الكتاب، توقف المؤلف باسهاب عند تاريخ طب النفس في لبنان منذ العام 1900 .
وأشار إلى أن مؤسستين طبعتا تاريخ الطب النفسي في لبنان: الاولى فتحت ابوابها في العام 1900 وعرفت باسم “العصفورية”، والثانية وهي مستشفى الصليب للامراض العقلية والنفسية، رأت النور في العام 1951، واسسها الطوباوي ابونا يعقوب.
وأشار ريشا إلى أن “العصفورية” التي كانت تابعة للجامعة الاميركية في بيروت، تولّت معالجة مرضى لبنانيين ومن كل دول منطقة الشرق الاوسط، كانوا يقصدونها ليقيموا فيها، احيانا مدى الحياة .
أما مستشفى الصليب للامراض النفسية والعقلية فاستقبل اعدادا كبيرة من المرضى منذ العام 1951، وتولّى إدارته اطباء للامراض النفسية في مقدمهم البروفسور هنري ايوب، إضافة إلى اخرين يتمتعون بخبرة كبيرة على غرار البروفسور ادوار عازوري والدكاترة اسعد راي وادوار موريتي والكسندر حبيب وسواهم.
وروى ريشا أن البروفسور ايوب، احد رواد طب النفس في لبنان، قدم أول درس عن طب النفس في كلية الطب الفرنسية في كانون الثاني 1965، وهذه الحصة الدراسية تناقلتها وسائل الاعلام اللبنانية لاهمية هذا الحدث انذاك.
وذكّر ريشا بأن كلية الطب في جامعة القديس يوسف كانت السبّاقة منذ ثمانينات القرن المنصرم، إلى استحداث برنامج تخصصي في الطب النفسي يلي إنجاز دراسة الطب، ويمتد على خمس سنوات، مما اتاح لمجموعة كبيرة من الاطباء اللبنانيين التخصص في طب النفس.
وتوقف ريشا عند ولادة الجمعية اللبنانية لطب النفس في العام 1983 ضمن مثلث سمّي آنذاك “الجمعية اللبنانية لطب الأعصاب وجراحة الأعصاب والطب النفسي”. وعرض المؤلف كذلك لتاريخ العلاجات التي كانت تعطى للمرضى والدراسات العلمية الأولى.
أما في القسم الثاني من الكتاب، فتناول المؤلف وفق رؤية إنسانية ظروف الأمراض النفسية كالفصام والإدمان والإعاقة العقلية، وتناول كذلك المثلية الجنسية، و المؤثرات العقلية.
تجدر الإشارة إلى أن ريشا طبيب نفس لبناني ولد في العام 1969 ، واتم تحصيله المدرسي والجامعي لدى الاباء اليسوعيين، وتخصص في طب النفس. وساهم ريشا في تأسيس قسم طب النفس في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس، وتسلّم رئاسته في العام 2010. ويتولى ريشا التدريس منذ العام 2001، وعيّن أستاذا محاضرا ورئيسا لقسم طب النفس في كلية الطب في جامعة القديس يوسف في العام 2008. وحصل ريشا في العام 2009 على درجة الدكتوراه في “اخلاقيات علم الاحياء” من كلية الطب في جامعة إيكس في مرسيليا. له مقالات طبية عدة، وهو حصل في العام 2015 على دبلوم التأهيل في إدارة الأبحاث .
وتنظّم “دار ضرغام” بمناسبة إطلاق الكتاب ندوة في الخامسة عصر الخميس 29 تشرين الأول الجاري في قاعة المحاضرات B ضمن إطار معرض الكتاب الفرنكوفوني الثاني والعشرين في مركز “بيال”، يشارك فيها نائب رئيس جامعة القديس يوسف الأب ميشال شوير اليسوعي وعميد كلية الإعلام في الجامعة الأنطونية جو مكرزل والطبيب النفسي الدكتور عادل عقل. ويلي الندوة توقيع الكتاب في جناح “دار ضرغام” في المعرض بين السادسة والتاسعة مساء.