داليا داغر إسمٌ راقٍ في الإعلام اللبناني والعربي، مسيرتها فيها الكثير من الجُّهد والإلتزام وتوزّع نشاطاتها في عدّة إتّجاهات محافظةً على إتّزانٍ واضح.. إلتقيناها، فكان هذا الحوار:
– لك باعٌ طويلٌ في الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب.. برأيكِ كيفَ يُطوّرُ الإعلامي والصحافي نفسهُ ؟
يعتبر الإعلام من أهم المهن وأصعبها وهو يترجم صورة شفافة عن المجتمع بأسره بكافة أطيافه، من هنا للجرأة والتمرس في هذه المهنة الفضل الأكبر في تميز الشخصية الإعلامية. من ناحيتي اعتبر أن الحظ حالفني بأني خضت وأخوض الإعلام بكل وسائله وهذا الموضوع بالرغم من أهميته يحمّل الإعلامي مسؤولية كبيرة في تدعيم شخصيته وتفعيل معلوماته والعمل على ملاحقة كل جديد. هذه المهنة خصوصاً في عصرنا هذا وهو عصر المعلومة السريعة بل بالأحرى عصر التسابق على الخبر وعلى صحته وكلها عوامل تجبر الإعلامي على تحسين آدائه وعلى سماع النقد مهما كان وكما تحثّه على البحث أكثر عن جديد في مواضيعه وطريقة طرحها.
– هل تؤمنين بمبدأ الموضوعية الصّرف في الإعلام، أم أن على الإعلامي أن يُبدي رأيهُ ؟
الموضوعية مطلوبة في المواضيع السياسية والدينية خصوصاً وفي حوار بين أطراف يتناقضون في الآراء والإتجاهات فعلى الإعلامي أن يدير الحوار لا أن يوجهه نحو معتقداته والموضوعية علم وخبرة صعبة جداً، صعوبتها تبرز في مجتمعنا الفسيفسائي والذي تربى على التوجهات، وبين الموضوعية وعدمها شعرة، ولا بد للإعلامي في أمور إنسانية أو حتى إجتماعية أن يبدي رأيه، فرأيه في أمور تصحيحية ممكن أن تساهم في المساعدة على تصويب الخطأ وفي النهاية الرأي مطلوب ولكن بتجرّد وعند الحاجة، فالإعلام مهنة ولها قواعدها ومن شذّ عنها أصبح يسوّق لنفسه وليس لمهنته.
– في “عَ سطوح بيروت” تستقبلين سياسيين وفنانين، بمَ يختلف السياسيون عن النجوم ؟
“ع سطوح بيروت” مجلة أسبوعية تلفزيونية تتنوع ضيوفها ومواضيعها حسب الأحداث ودائماً نسعى أن يكون هناك من مختلف شرائح المجتمع في كل حلقة وطريقة وجود السياسي وُجدت لإلقاء الضوء على الوجه الآخر ولمناقشته في مواضيع حياتية وإجتماعية بعيدة عن سياق عمله اليومي، ولقد تفاجأت في الكثير من السياسيين بآرائهم وتفكيرهم وطريقة تعاطيهم والمفاجأة إيجابية لأنه حتى إن كنت لا اتوافق معه في معتقداته فإن ما بدر منهم من حيث التعامل غيّر نظرتي في الكثيرين ممن إستضفتهم وصدقيني التعامل مع السياسيين بغض النظر عن أي شيء أسهل بكثير من التعامل مع بعض النجوم حتى الصاعدين منهم.
– مَنْ هوَ ضيفك / ضيفتك المفضّلة حتى الآن ؟
كل ضيف أحاوره ويكون في حلقتي هو مفضل ولا أستطيع أن أميز واحد عن الآخر فلكل واحد مزاياه وشخصيته وحضوره.
– في “الشبكة” تظهرين هويتك كصحافية.. كيف هو طعمُ الكتابة؟
للكتابة طعم آخر ولها رائحة خاصة، رائحة الحبر والورق وصفحة عطر الكلام في “الشبكة” لها عندي مكانة خاصة ممكن لأنني أكتب في مجلة لطالما أحببتها وأحترم وأقدر كثيراً القيمين عليها وعلى رأسهم السيدة إلهام سعيد فريحة.
– “من قلب بيروت” هو برنامجك الإذاعي عبر “صوت المدى”، بمَ يتميّز عن باقي البرامج الإذاعية؟
أنا لا استطيع أن أحكم إذا كان يتميز عن غيره من البرامج، فنحن نتواجد في نفس البيئة والأحداث تدور حولنا.. ربما ما يعطيه نفحة خاصة هو طريقة معالجة المواضيع والشخصيات التي تستقبل في الحلقات وتنوّعها بين السياسي والمحلل والفنان والكاتب وحتى القضايا الإنسانية العادية وفي تجدد المواضيع المطروحة وبالنسبة لي هو متميز بمجرد أنه على إذاعة “صوت المدى”، فهذه الإذاعة رغم طابعها السياسي، آمَنَت ببرنامج إجتماعي نقدي سياسي فني إنساني هادف وهي إضافة لي وللبرنامج.
– هل تشعرين بأيّ منافسة أم أنك إخترتِ خطّاً يبتعد عن الآخرين وتتميّزين فيه لوحدك؟
صراحة لا، أنا من يفرض المنافسة، أنا أعمل لأني أعشق عملي بمختلف الوسائل المرئية والمكتوبة والمسموعة، وأسعى لأن أظهر الأفضل، فأنا صاحبة الفكرة والمعدّة مع فريق عمل متكامل للبرنامج وهو ما يدفعني إلى أن أبرز أفضل ما عندي ولست أعرف في عصرنا هذا ما معنى منافسة في ظل كسر العظْم الذي تمارسه الشاشات من حيث القدرة الإنتاجية والديكور والإضاءة فتقييم المنافسة أتركه للنقاد وللجمهور وأنا أعمل بحظي أيضاً بعيداً عن كل المتاهات الأخرى.
– لو خيّرت بين الإعلام المرئي أو المسموع أو المكتوب، أيهم تختارين؟
إنها ليست مسألة خيار، إنها مسألة قرار بالنسبة لي فأنا منغمسة في الثلاثة وأستمتع عندما أكون في أي وسيلة منهم والتعب هو الذي سيقرر في حال قررت الإبتعاد عن أي واحدة منهم.
– هل تعتبرين بأن مستوى الفن اللبناني بدأ يستعيد عافيته مع إنحسارِ نسبة الفن غير النظيف؟
لم يمرّ الفن اللبناني بمرحلة هبوط كاملة لأنه حتى في عز الإنحطاط كان هناك أشخاص ما زالوا ولو بكمية قليلة ينقذون كل مرحلة، فنحن لدينا رصيد كبير من المبدعين والحريصين على هذا الفن فإستعادة العافية لهذا الفن ليس بصعب المهم أن يبقى من يلقي الضوء على الأصالة ومن ينتقد ومن يحذر وعلينا نحن الإعلاميون أن ننقل هذه الصورة فنحن نتسلى في التفاهة ولكننا عند الجد نبحث عن الأصالة، فلا خوف على الفن اللبناني.
– ما تعليقك على عدم تخيص الدّولة اللبنانية يوم حداد وطني للراحل الكبير وديع الصافي؟
لقد طرحت هذا الموضوع في إحدى حلقات “ع سطوح بيروت” مع وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال كابي ليون وقال إنه مع تخصيص يوم حداد ولكن هناك معايير أخرى ارتكزت عليها الدولة لعدم تخصيصه ومنها أن هناك كثيرين من المبدعين رحلوا وسيرحل آخرون، فلم يجدوا طريقة للخروج من هذا الطلب بموضوعية. بالنسبة لي أنا مع تصنيف المبدعين وتسمية أيام من السنة بإسمهم وتخصيص فقرات في هذه الأيّام لتحيّتهم في المدارس وفي الوسائل الإعلامية بإيعاز من المسؤولين، بهذا نكون كرّسنا ذكراهم ليس فقط في يوم حداد بل عبر الأجيال.
– من برأيك يمكن أن يكون أسطورة في الفن مثل الصّافي بعد 20 عاماً من اليوم؟ على الصعيد اللبناني أو العربي؟
لا يمكنني الإجابة على هذا السؤال فلكل شخصية فنية مميزاتها ومسيرتها وعطاءاتها ولا أستطيع أن أشبّه أحد بأحد ولا أحد يتكرر عبر التاريخ، نتشابه أما لا نتكرر ما هو أكيد أن هناك من سيتميّز ولكن بعد عشرين سنة هناك معطيات كثيرة ستتغيّر فنحن بين لحظة وأخرى ننصدم بالتغيرات فكيف بعد عشرين عاماً.
– أنت أمٌّ لأربعة شُبّان، كيف توفقين بين المهنة وواجبات العائلة؟
منذ بداية عملي كان لي قدرة وأعتبرها من ربي أن أعطي كل وقت حكمه وخصوصيته فأنا افتخر بأنني أم لأربع شبان هم ثروتي في حياتي وهم الداعمين الأوائل لي والنقاد الأهم في مسيرتي، فنحن كبرنا معاً وتقاسمنا المسؤولية معاً، فلا أستطيع أن أنظر كثيراً في هذا الموضوع لأن ظروف حياتي لا تشبه الكثيرات ممن يعملن ولديهنّ واجبات عائلية.. كل ما استطيع أن أقوله أن لدي ملاك حارس ساعدني وأمٌّ صلّت لي وشبان دعموني.
– أيُّ جديدٍ تحضّرين له؟
جديدي الآن هو البحث عن مواضيع شيّقة لـ”ع سطوح بيروت”فالبرنامج في موسمه الأول والتركيز الأكبر عليه وعلى “من قلب بيروت” عبر صوت المدى بالإضافة إلى أني أملك مع أختي محلاً لبيع الألبسة النسائية الإيطالية “Passion Mode” في منطقة حرش تابت ولدي سفر قريب إلى إيطاليا لتشكيلة عيد الميلاد ورأس ألسنة.
– هل من كلمة أخيرة؟
إسمحي لي في نهاية هذا اللقاء أن أتشكّر فريق عمل البرنامج وأخص بالشكر كريستين فرح، جومانا سليمان، ميرنا رضوان، زينة خليل والمخرج باتريك نعيمه ولكل فريق عمل الـ OTV أيضاً الذي يتعب لإنجاح هذا البرنامج، كما تحيّة كبيرة إلى إلياس بو صعب صاحب صوت المدى وإلى المدير رجا صوايا وإلى مدير التحرير في مجلة الشبكة طوني خوري، وأخيراً وليس آخراً أتوجّه بتحية وشكر لموقعكم الكريم ولكل فريق عملكم لتخصيص مسافة للحوار معي وأتمنى لكم والتوفيق.