كتب الدكتور محمد الساحلي الآتي :
لعله يكاد يكون من أكثر العناوين التي قمت بمحوها و إعادة صياغتها. يعتقد الواهم أنني أخشى تأويل الكلمات معانٍ سياسية لم أقصدها؛ فأنا لست من سكّان الكهوف و الأجواف و لست من روّاد مكتبات المعاجم المستوردة. لكنني محوتها و أعاد قلمي عقلاً و روحاً دمغها بحبر أبجدية انطلقت من لبنان إلى العالم أجمع. قمت بذلك خوفاً على أصحاب البطون لا الباطن، خوفاً عليهم من جهلهم و حقدهم و طغيانهم في حق نفسهم أولا و آخراً. كيف لا و هم يستأثرون بكلمة حق و يمنعونها عن من يسايرهم و يخايرهم و يعارضهم. حق التفكير حوّلوه إلى تصفية تكفير تخيّلوه و صدّقوه و صادقوه.
اليوم…نعم اليوم و في عيد مار مارون (صدفةً أم رغبةً مني أم عمداً) أشعر و أنني بكلّ فخرٍ لبناني عربي. اليوم، إمارات زايد زادت فيني حباً لأرضي و وطني و عروبتي. اليوم ينتصر السلاح الأحب على عقلي قبل قلبي: سلاح العلم المختوم بإصرار ليس له مثيل. من السهل علينا البنيان و العمران. من السهل علينا التشريع و التعليب و التصنيع و التدوير. أما زراعة الأمل في أمة اعتادت الاستيراد و التلقي، غزو فضاء الأجيال القادمة بسعادة و صلابة، رفع علماً عربياً في مكانٍ لم يكن للخيال فيه حتى مكان…فهذا يتطلب رؤيا و صلح مع الذات و تعالٍ عن الصغائر و الأكابر. كم أنتِ كبيرة يا إمارات و كم نحن العرب كبرنا بكِ و معكِ .
لا تهمني السياسة و لا يدغدغني التطور العقاري و الثبات الإقتصادي. اليوم يوم الأمل و العلم. اليوم يوم المستقبل الذي صاغه بإتقان زايد الإمارات. و على قدر فخري بيومي هذا، على قدر حزني و شفقي على من لم يعتريه شيئاً من معاني العروبة. كم كنت أتمنى لو اجتمع العرب كلهم اليوم و هم يخطون في فضاء الآتي فيما هم في الحقيقة أسرى ماضٍ يحيونه كلما شعروا باهتزاز عرشهم. عرش لا ترفّ له عين لا بالأسلحة الخفيفة و لا الثقيلة و لا حتى الكيميائية النيتراتية…و لكنه حتماً ينهار عند أول كلمة في مسيرة العلم.