ناشطات يطالبن بتفعيل اكثر لدور المنظمات النسائية في توعية النساء بحقوقهن في العراق.
لم تتمكن مسيون احمد البالغة من العمر 35 عاما من الحصول على عمل بسبب معارضة زوجها المستمرة لعملها خارج المنزل، الامر الذي يجعلها ترضخ دائما لرغباته، جاهلة او متجاهله حقها في العمل، وتقول احمد الذي بدى الشحوب على وجهها وهي تبعد دمعة سقطت على خدها مشيحه بنظرها للافق عبر النافذة “زوجي يمنعني من العمل دائما خارج المنزل كونه يعتقد ان المرأة يجب ان تبقى داخل المنزل للاعتناء باليبت والاطفال، وتلبية طلبات الزوج فقط”.
وتضيف احمد التي اتخذت من الخياطة عملا لها من داخل منزلها الواقع في منطقة العامرية (غربي بغداد) “انا اقوم بمزاولة مهنة الخياطة في المنزل، لكنني اعتقد ان هذه المهنة لا تلبي طموحاتي ولا تجعلني اشهر بوجودي الفاعل داخل المجتمع”، وتتابع وهي تحاول العودة لماكنة الخياطة السوداء اللون امامها ومتابعة اكمال خياطة الثوب،”الرجل لا يرغب بان يرى زوجته تعمل خارج المنزل هو يعتقد وكما هو الحال مع زوجي بانه من المعيب على النساء العمل، لذلك فهو يتشاجر معي كلما فاتحته بامر عملي في الخارج وتصل الامور بيننا لدرجة الانفصال، وطبعا انا ارضخ له دائما”.
اما شيماء حسين 32 عام فقصتها لا تختلف كثيرا عن قصة مسيون، من حيث سكوتها وتحملها لضرب زوجها المبرح والدائم لها، وتقول حسين وهي تحاول اظهار اخر البقع الزرقاء التي ارتسمت على ذراعها الايسر والتي كانت بقايا من كدمات سببها لها زوجها عندما ضربها في حزامه، حيث تقول “زوجي يضربني دائما بسبب او بدون سبب، ويضربني باي شي امامه ويهددني بانه سياخذ اطفالي الثلاث مني اذا فكرت بالانفصال منه او الذهاب لبيت اهلي”، وتتابع “لذا انا اخشى بطشه وقوته وابقى ساكته ولا اتحدث حتى لاهلي عن معاملته القاسية”.
وعن سبب عدم قيامها بالشكوى عليه في المحاكم، قالت “انا لا افكر اصلا بهذا لان هذا الشئ عيب وليس من اخلاقنا”.
مناهضة العنف ضد المرأة وحق العمل وحق اختيار الزوج وغيرها من القضايا المهمة التي تتعلق بحقوق الانسان عامة والمرأة بصورة خاصة والتي كفلها الدستور العراقي والمواثيق والمعاهدات الدولية يبدو ان مسيون وشيماء وكما العديد من النساء العراقيات يجهلنها.
حقوق يجب على المنظمات النسوية في العراق مساعدة المرأة على اخذها لا اكتسابها لان الحقوق تؤخذ ولا تكتسب، وعن هذا تقول عضو رابطة المرأة انتصار الميالي”اعتقد ان هناك نسبة ونحن ندعوها النخبة وهي لا تشكل نسبة 5-10% من النساء بالعراق هن واعيات بحقوقهم ويعرفن المواثيق الدولية بهذا الخصوص”، مستدركة “للاسف لاتوجد هناك ثقافة قانونية في العراق مثلا انا كمواطن عراقي لايوجد لدي المام بحقوقي وواجباتي اين هي واجباتي واين هي حقوقي لذا نحن نقع بمأزق بسبب عدم الوعي بالاتفاقيات والمواثيق الدولية حتى بالدستور العراقي”.
واضافت “صحيح الكل صوت على الدستور لكنهم يجهلون بنوده، لا اقول الانسان البسيط كونه اكيد غير واعي بحقوقه لكن اتحدث عن الاشخاص الذين وصلوا لمواقع هم لا يعرفون واجباتهم وحقوقهم”.
من جهتها انتقدت النائبة في البرلمان زينب الكناني دور المنظمات النسوية العاملة في العراق بمجال توعية النساء بحقوقهن، مطالبة اياها بان تعمل على تثقيف النساء وتمكينهن اقتصاديا، وقالت “كان هناك قصور واضح من قبل منظمات المجتمع المدني النسوية العاملة في العراق، لاسيما بعد اكتشاف العديد من المنظمات الوهمية التي تحصل على اموال من الدول المانحة لغرض عمل مشاريع وهمية لا نرى اي أثرا لها على ارض الواقع”.
وشددت الكناني على ضرورة ان “تذهب المنظمات النسوية للقرى والارياف العراقية للاهتمام بمختلف شرائح النساء هناك، لاسيما وان العراق لديه الان الالاف من الارامل والايتام، وان لا يقتصر عقد ورش العمل والمؤتمرات على شرائح النساء من الطبقات الارستقراطية والمثقفة بل يجب ان يشمل النساء في الاحياء الفقيرة”.
وعن دور منظمات المجتمع المدني النسوية في العراق في توعية النساء وتثيقفهن بحقوقهن، حاولت رئيس منظمة نساء بغداد ليزا نيسان ان تدافع عن عمل منظمتها في هذا الاطار، وقالت “عملنا الكثير من الانشطة والمشاريع حول توعية النساء بحقوقهن واستهدفنا كثير من المناطق الجغرافية في بغداد وحتى المناطق المهمشة والنساء الفقيرات حيث كانت لدينا ورش عمل حول تثقيف النساء بدورها كناخبة وكمرشحة وغيرها”.
في حين رأت عضو رابطة المرأة انتصار الميالي انه “على الرغم من دور منظمات المجتمع المدني الى انها لم تصل الى درجة كبيرة من التثقيف خصوصا ما يتعلق بحقوق الانسان والمرأة”، مبينة “قد يكون قصور ذاتي من المنظمات لحداثة نشأتها على الساحة العراقية او قد تكون غير ملمة بدورها الحقيقي او ما هية رسالتها”.
وأضافت الميالي “اما الجزء الاخر قد يكون بسبب الحكومة ودعم الحكومة، نحن لا نتحدث عن دعم حكومي مادي بل من خلال دعم الحكومة معنويا من خلال تحفيز المنظمات باخذ دورها الحقيقي او التثقيف باهمية المجتمع المدني”.
وشددت الميالي على ضرورة حصول ” تعاون وصلة بين المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية من اجل توعية النساء بحقوقهن”.
ولفت الميالي الى ضرورة “تثقيف الرجال ايضا بحقوق النساء ليكونوا مؤمنين بقضية المرأة ودورها في المجتمع”.
يذكر ان النساء في العراق ولاسيما في المناطق الريفية منه يتعرضن لانتهاكات كثيرة لحقوقهن من قُبيل الزواج المبكر وزواج ما يعرف بـ “الكصة بكصة”، ويتعرضن للتعنيف النفسي والجسدي، وقد يمنعن من اكمال تعليمهن او الالتحاق بالعمل.