اصبح الفساد في لبنان أمراً عادياً ،محركاً لحياتنا اليومية، أصبح من عاداتنا مثله مثل الدبكة والتبولة والطربوش، لا بل أصبح من الممكن ان ننسى الكثير من عاداتنا وتراثنا إلاّ الفساد الذي نتنشقه مع كل نفس من أنفاسنا في لبنان. اصبحت الرشوة من يومياتنا، اصبحت مخالفة القانون من بطولاتنا فأصبحنا بلد العجائب في إختراع طرق الكذب والفساد. لن نتحدث عن الفساد في الإدارات ولا في ملف النفايات والكهرباء والمياه وسلسلة الرتب والرواتب وكل الملفات الثانية فالكل أصبح على إطلاع تام على حجم الفساد في هذه الملفات، بل سنفتح اليوم ملفاً جديد يهدد حياة كل من يسلك الطرقات اللبنانية. تخيّلوا انه أصبح بإمكانكم شراء رخصة قيادة دون القيام بأي إمتحان أو حتى معرفة أدنى شروط القيادة، هذا الأمر ليس بجديد في لبنان ولكن الجديد بالأمر أن العصبات التي تقوم بهذه العملية بدأت بوضع إعلانات مع أرقام هاتف على الشوارع اللبنانية ورش بعض الجدران بالإعلانات مع عناوين وأرقم واضحة لمن يود شراء أي رخصة قيادة، مثلها مثل أي سلعة تباع في المحلات اللبنانية. اتصلنا بالرقم المرفق مع الإعلان للتأكد من صحة العرض وإن كانت فعلاً قد وصلت بهم الواقح لهذه الدرجة ،وهذا ما اكتشفناه فعلاً، فلا يمكنك شراء رخصة القيادة فحسب بل لديك حرية الإختيار أيضاً حسب المبلغ الذي تود أن تدفعه، بين رخصة أصلية أو رخصة مزوّرة أو رخصة لقيادة الدراجات او الأليات الثقيلة وحتى رخص القيادة الخاصة بأصحاب الإحتياجات الخاصة… كل هذا والأرقام والعناوين منشورة وبوضوح وعلى أكثر من طريق في لبنان على عين الأجهزة الأمنية والمخابرات التي لم تحرك ساكناً في هذا الموضوع، فهل هذه العصابة مدعومة لهذه الدرجة، لدرجة ان تنشر الإعلانات وأرقام الهاتف “المميزة” دون حسيب أو رقيب! هل اصبحت الدولة مهملة لهذه الدرجة؟ عن أي سلامة مرورية نتحدث وعن أي قانون سير وأصبح بإمكان أيّ شخص أن يقود كما يشاء! لأيّ درجة من الفساد ممكن ان نصل بعد في لبنان؟!