حضرت السيدة ماجدة الرومي الإحتفال الّذي أقيم في مقر الإسكوا في العاصمة اللبنانيّة “بيروت” بمناسبة يوم المرأة العالمي تحت شعار “تمكين المرأة هو تمكين الأمم” يوم الإثنين الواقع في السادس من شهر آذار 2017 .
كلمة السيدة ماجدة الرومي الّتي ألقتها في الإحتفال بمناسبة اليوم المرأة العالمي :
” مَعَالِي وَزِيرِ الدَّوْلَةِ لِشُؤُونِ الْمَرْأَةِ الاستاذ جان أوغاسبيان
حضرة الْأَمِينَةِ الْعَامَّةِ التَّنْفِيذِيَّةِ لِلْإِسْكْوا الدُّكتورة ريما خلف
أَصْحَابَ الْمَعَالِي وَالسَّعَادَةِ وَالسِّيَادَةِ
أَيُّهَا الْحُضُورُ الْكَرِيمُ…
الْمَرْأَةُ الَّتِي تَحْتَضِنُ الْحَيَاةَ في أَحْشَائِهَا، تُولَدُ مِنْهَا الْأَوْطَانُ عَلَى صُورَتِهَا وَمِثَالِهَا.
مُنْذُ الْأَزَلِ، شَاءَ رَبُّنَا الْمَرْأَةَ أُمًّا، وَأَرَادَ الْأَرْضَ نُسْخَةً عَنْ حُبِّهَا وَعَطَائِهَا.
وَشَاءَهَا مُرَبِّيَةً، وأراد الشُّعُوبَ صَدًى لِفِكْرِهَا وَقَلْبِهَا.
وَشَاءَهَا مُدَبِّرَةً حَكِيمَةً لِشُؤُونِ بَيْتِهَا الصَّغيرِ، فَرَبَّتْ وَخَرَّجَتْ مِنْ تَحْتِ جَنَاحَيْهَا رِجَالًا، قَادِرَةٌ هِي بالتأكيد، أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُمْ وَفِي مِصَافِّهِمْ، في تَدْبِيرِ شُؤُونِ الْبَيْتِ الْكَبِيرِ.
بِعَاطِفَتِهَا بحِكْمَتِهَا بصَبْرِهَا، بِعِلْمِهَا بِتَمَيُّزِهَا وَتَفَوُّقِها قَادِرَةٌ هِيَ أَنْ تَنْجَحَ، في تَبَوُّؤِ أَرْقَى الْمَرَاكِزِ، فِي أَوْطَانِنَا الْعَرَبِيَّةٍ جَمِيعًا، وَالْأَمْثِلَةُ عَلَى النَّجَاحَاتِ اللَّافِتَةِ الَّتِي حَقَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ، في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى.
هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ حَالَفَهُنَّ الْحَظُّ، فَبَرَعْنَ وَأَثْبَتْنَ أَنْفُسَهُنَّ.
أَمَّا الْبَاقِيَاتُ فَمَاذَا عَنْهُنَّ؟ مَاذَا عَنْ مَلَايِينِ السَّيِّدَاتِ المضطهدات،
اللَّوَاتي يُعَانِينَ ظُرُوفَ قَهْرٍ صَعْبَةً ،
عَلَى امْتِدَادِ الْأَرْضِ الْعَرَبِيَّةِ، وَيَضْغَطُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهُنَّ، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُنَّ، مَنْ تَقْوى عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ!
إِذَا كَانَ الرِّجَالُ هُمُ الَّذِينَ يُسَيِّرُونَ شُؤُونَ هَذَا الْعَالَمِ، وَيَضْبُطُونَهُ بِمَوَاقِفِهِمْ أَوَّلًا، فَمَا مِنْ شَكٍّ،
فِي أَنَّ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاقِفِ الْمُشَرِّفَةِ في الْحَيَاةِ،
هُوَ صَوْنُ الْمَرْأَةِ وَحِمَايَتُهَا وَاحْتِرَامُ حُقُوقِهَا.
بناءً عَلَيْهِ، إِلَيْهِمْ أُوَجِّهُ كَلَامَي لِأَقُولَ:
أَقِفُ هُنَا الْيَوْمَ، بِمُنْتَهَى الْمَسْؤولِيَّةِ،
لِأَضُمَّ صَوْتِي إِلَى جَمِيعِ مَنْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ،كَيْ يُطَالِبُوا بِجُرْأَةٍ، بِتَغْيِيرِ الظُّرُوفِ الحياتية الصَّعْبَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ،
الَّتِي تُعَانِيهَا مَلَايِينُ السَّيِّدَاتِ الْعَرَبِيَّاتِ عَلَى امْتِدَادِ الْأَرْضِ الْعَرَبِيَّةِ كُلِّهَا.
أَقِفُ لِلْمُطَالَبَةِ بِالتَّغْيِيرِ
أَوَّلًا بِاسْم الْإِنْسَانِيَّةِ،
ثَانِيًا بِاسْمِ مُجْتَمَعَاتِنَا الْعَرَبِيَّةِ،
الَّتِي يَرْتَدُّ عَلَيْهَا قَهْرُ الْمَرْأَةِ وَاضْطِهَادُهَا سَلْبًا، لَا حَدَّ لِتَدَاعِيَاتِهِ.
أَقِفُ هُنَا الْيَوْمَ لِأَقُولَ بِمِلءِ صَوْتِي :
– أَعْتِقُوا الْمَرْأَةَ وَأَطْفَالَهَا وَعَائِلَتَهَا مِنْ بُؤَرِ الْفَقْرِ وَالْجَهْلِ وَالْأُمِّيَّةِ، تَكُونُوا بِذَلِكَ تُخَطِّطُونَ لِقِيَامِ دُوَلٍ أَقَلَّ إِجْرَامًا وَحُرُوبًا،
وَتَنْزَعُونَ فَتِيلَ الْقَنَابِلِ الْمَوْقُوتَةِ مِنْ بُيُوتٍ وَقُلُوبٍ مَقْهُورَةٍ وَمُنْكَسِرَةٍ،
وتحوّلونها الى سنابل بَرَكةٍ ومواسم خير .
– ثَقِّفُوا الْمَرْأَةَ وَعَلِّمُوهَا وَشَرِّعُوا لَهَا أَبْوَابَ الْمَدَارِسِ وَالْجَامِعَاتِ،
تَكُونُوا بِذَلِكَ تُبَرْمِجُونَ لِنُشُوءِ مجتمعاتٍ أَكَثَرَ تَمَدُّنًا وإيجابيةً وَانْفِتَاحًا وَمَعْرِفَةً، وَأَكْثَرَ تَحَيُّزًا لِلْحَيَاةِ وَالْحَقِّ وَالْخَيْرِ وَالْجَمَالِ.
– ضَعُوا قَوَانِينَ تَحْمِي الْمَرْأَةَ نَفْسِيًّا وَجَسَدِيًّا مِنْ كُلِّ عُنْفٍ وَذُلٍّ، تَكُونُوا بِذَلِكَ تَقْطِفُونَ مِنْ سَكينة قَلْبِهَا أَجْيَالًا على صورتها مُؤَهَّلَةً لِكُلِّ تَغْيِيرٍ وَاعِدٍ فِي كُلِّ مَيَادِينِ الْحَيَاةِ.
أَقِفُ هُنَا، وَقَدْ قُلْتُ كَلِمَتِي… وَقَبْلَ أَنْ أَمْشِيَ، أَرفع صَوْتِي بَعْدُ وَبَعْدُ
لَأَلْفِتَ النَّظَرَ،
إِلَى مَأْسَاةِ مَلَايِينِ السَّيِّدَاتِ الْمُكَبَّلَاتِ بِالضِّيقَاتِ، عَلَى امْتِدَادِ الْأَرْضِ الْعَرَبِيَّةِ، ولاقول معهن :
أَيُجْنَى منِ الشَّوْكِ عِنَبٌ، وَمنِ الْعَوْسَجِ تِينٌ؟
مَنْ لَهُ أُذُنَانِ فَلْيَسْمَعْ
ولْنَسْعَ مَعًا جَمِيعًا، كَيْ تَكُونَ الشَّجَرَةَ طَّيِّبَةً، إِنْ كُنَّا نَرْجُو لِأَوْطَانِنَا الثِّمَارَ الْجَيِّدَةَ.
خِتَامًا
أَشْكُرُ لِمُنَظَّمَةِ الْإِسْكْوا دَعْوَتَها الْكَرِيمَةَ لِي،
وَأَشْكُرُ لَهَا أَنَّهَا أَتَاحَتْ لِي الْفُرْصَةَ،
لِتَوْجِيهِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ مِنْبَرِهَا الْإِنْسَانِيِّ النبيل.
وَأَتَمَنَّى لِجَمِيعِ الْعَامِلِينَ فِيهَا كُلَّ التَّوْفِيقِ فِي مُهِمَّاتِهِمِ الصَّعْبَةِ،
لَكِنْ
لَا صَعْبَ عَلَى النُّفُوسِ الْمِقْدَامَة.
وَحَسْبُكُمْ شُجْعَانٌ مِقْدَامُونْ. “.