الثامن والعشرين من شهر اكتوبر اصبح ذكرى حزينة في عالم الأغنية اللبنانية والعربية، فاليوم تحل علينا الذكرى الثانية لرحيل الموسيقار ملحم بركات الذي أغنى الفن العربي برومانسيته ووطنيته وايقاع اوتار صوته الإستثنائي، لتبقى اعماله خالدة في المكتبة الموسيقية، وروحه نابضة في قلوب عائلته، اصدقائه، زملائه وجمهوره.
في مثل هذا اليوم خسر الفن واحد من أهم المواهب بعد صراع مع المرض، ورحيل الموسيقار السريع كان صدمة كبيرة لكل محبيه وعائلته الذين لم يستطيعوا ان يستوعبوا رحيل ملحم بركات حى اليوم.
ابن الراحل ملحم بركات جونيور كتب رسالة اشتياق مؤثرة، متوجها إلى والده بالقول: “لي غالٍ تحت التراب، لا أعلم كيف حاله؟ لكنني أعلم أن له إلهاً هو أرحم عليه مني. ربي متّعه بنور في جنتك فكم اشتاقت عيني لرؤيته. الله يرحمك يا غالي”.
الراحل ملحم بركات من واليد عام 1942 في بلدة كفرشيما في لبنان. ظهرت موهبته منذ كان في المدرسة وفي أحد الاحتفالات المدرسية، قام بتلحين بعض الكلمات من الجريدة اليومية وغنائها، والتحق بعد ذلك بأحد البرامج المشهورة للأصوات الجديدة، واختبره رواد الفن اللبناني الكبار، ووصفوه بأنه موهبة لا مثيل لها لما يمتلكه من طبقات صوت عالية ذات مواصفات جيدة، ليلتحق بعد ذلك بالمدرسة الرحبانية، وكانت من هناك انطلاقته الكبيرة.
أغنية «الله كريم» التي كتبها له الراحل توفيق بركات ولحنها له جاره الراحل أيضاً فيلمون وهبي رسمت اولى بداياته الفنية، الا انه لم يقتنع بأغنية واحدة وعندما طالبهما بأغنية ثانية وكانت الرائعة “سافر يا هوا” كلمات مصطفي محمود والحان فيلمون وهبي ، وبعدها تعرف إلى مارون نصر وقدم له أغنية «يا أسمر» بعد أن دفع له مبلغ 32 ليرة لبنانية مقابل الحصول عليها. يومها طلب المبلغ من والده فوافقه رغم انه لم يكن يشجعه على الغناء. في الثانية والعشرين من عمره شقّ ملحم طريقه في مشوار فني طويل تعليمًا ولحنًا وغناء ومسرحيات. فقد درّس العزف على العود، واشترك في الغناء في فرقة الرحابنة في عدد من مسرحياتهم الغنائية وقام ببطولة مسرحية “الربيع السابع”، وبدأ مسيرته التلحينيّة لعدد كبير من المطربين، نذكر منهم: وديع الصافي، صباح، سميرة توفيق، ماجدة الرومي، وليد توفيق، بسكال صقر، ربيع الخولي، أحمد دوغان، ميشلين خليفة، وغيرهم. وكانت أولى ألحانه، “بلغي كل مواعيدي” (ثنائي بينه وبين جورجيت صايغ)، ثم ألحان مسرحية “حلوة كتير” للراحلة صباح، ومن بينها: “المجوز ألله يزيدو”، و”صادفني كحيل العين”، و”ليش لهلق سهرانين”.
أول عمل مسرحي قام ببطولته كان مسرحية “الأميرة زمرد” ومن ثمّ “الربيع السابع” مع الأخوين رحباني، وبعد ذلك مسرحية “ومشيت بطريقي”. وخاض غمار السينما وقام ببطولة فيلم “حبي لا يموت” مع النجمة هلا عون.
يعتبر الشاعر نزار فرنسيس توأم روحه، فهو كتب له عددا كبيرا من كلمات اغانيه.
أطلق عليه الراحل الأستاذ جورج إبراهيم الخوري، عندما كان رئيس تحرير مجلّة الشبكة لقب “الموسيقار”. ونال جوائز وأوسمة عديدة من دول ومؤسسات وجمعيات.