يعاني معظم سكان منطقة البقاع خصوصاُ في محافظة بعلبك الهرمل، من ارتفاع نسبة الاصابة بمرض السرطان منذ سنوات، وذلك نتيجة تلوث مجرى نهر الليطاني الذي يمر بأراضي معظم البلدات.
المواد الملوثة التي يحتويها النهر بكميات مخيفة تنتقل الى البشر من خلال ماء الشرب والمزروعات والهواء والإستحمام ولحوم الحيوانات التي تشرب منه. فيكاد يصبح كل شي ملوث في المنطقة خصوصاُ ان الليطاني يعتبر شريان الحياة الأساسي في المنطقة.
نهر الليطاني من بين اطول الانهر في لبنان، يبلغ طوله 170 كلم، ينبع من غربي بعلبك في سهل البقاع، ويصب في البحر الابيض المتوسط شمال صور، وبدل ان يكون نعمة على اهالي المنطقة اصبح نقمة يفتك بخيرة شبابها.
اذ يصب في النهر الكبير، نفايات المسالخ، نفايات المستشفيات، النفايات السامة الصناعية والكيميائية، عدد كبير من الحيوانات النافقة، بالأضافة الى الاتربة والصرف الصحي ونفايات المطاعم والمقالع والكسارات.
وأشارت الدراسات الى أن العديد من المواد المصنّفة كمواد مسرطنة ثبت وجودها في نهر الليطاني بشكل كبير جداً، منها:
الـ«ديوكسان» الموجود بتركيزات عالية جداً في مكبّات النفايات، ويعتبر السبب الأساس لتلوث النهر في بر الياس لتسربّه من مكبّ النفايات في البلدة، إضافة مصانع مستحضرات التجميل والدهانات والمنظفات التي تصبّ صرفها الصناعي في الليطاني او في شبكات الصرف الصحي من دون معالجة. وترتبط هذه المادة بالاصابة بسرطانات الكبد والكلى والمرارة والجهاز التنفسي.
الزرنيخ الذي ثبت وجوده في النهر بمعدلات فوق الحد الاقصى المسموح به، وهو ينجم أساساً عن صرف مصانع الأصباغ والورق والمواد الحافظة للأخشاب، ويتسبب بسرطانات المثانة والرئة والجلد.
«الكروم 6» الناجم عن صرف مصانع الدهانات، ويتسبب بسرطان المعدة.
«النيترات» الناجمة عن الاسراف في استعمال الاسمدة الزراعية والمزارع التي ترمي مخلفاتها في النهر، وعن صرف محطات تكرير الصرف الصحي، ويعتبر سبباً رئيسياً للاصابة بسرطانات القولون والكلى والمبيض والمثانة.
نواتج التطهير الجانبية التي تنتج عن تفاعل مادة الكلور التي تستخدم لتنظيف المياه مع البقايا الحيوانية (الناتجة عن المزارع والمسالخ). إذ يتفاعل الكلور مع المواد العضوية في هذه البقايا ويشكل نواتج التطهير الجانبية السامة المسببة لسرطانات المثانة والكبد والكلى والأمعاء، وتشوّهات الأجنة.
في المحصلة تعاني بلدات البقاع النسبة الاكبر من الاصابات بمرض السرطان في لبنان، يتعدى بأضعاف المعدلات العالمية مقارنة بعدد السكان، ففي حين يحتل لبنان المرتبة الـ48 عالمياً بمعدل 242.8 اصابة لكل 100 ألف نسمة، سجّلت في بلدة بر الياس، مثلاً، 600 اصابة بالسرطان من أصل عدد سكان البلدة البالغ 12185 نسمة.
فيما سُجّلت 60 إصابة في بلدة حوش الرافقة البالغ عدد سكانها نحو 1700 نسمة، و40 إصابة في بلدة تمنين التحتا البالغ عدد سكانها 3863 نسمة. كما سجلت معدلات مماثلة في بلدات القرعون والمرج والمنصورة وغزة وحوش الحريمة والروضة والدلهمية والفرزل.
ويتبين هول هذه الأرقام إذا ما قورنت بعدد الاصابات في أستراليا، مثلاً، التي تحتل المرتبة الأولى عالمياً بمعدل 468 إصابة لكل مئة ألف نسمة!
النتائج كارثية بكل معنى الكلمة اذا سجل خلال عام 2018 اكثر من 17 الف اصابة جديدة ونحو 9 الف وفاة بالمرض، هذه الارقام المرعبة من ضحايا السرطان سجلت وفيات اكثر من حروب عاشها لبنان والذين يقدرون بخمسة الاف ضحية سنوياً.
يذكر انا المصلحة الوطنية لنهر الليطاني ، تعمل على ازالة احد مخيمات النازحين الواقع ضمن استملاك مشروع ري القاسمية في منطقة الزهراني والذي يتضمن نحو 31 خيمة مع شبكة صرف صحي و 10 حمامات تلوث مياه الري. واعلنت المصلحة “انها تتابع اشغال ازالة التعدي الحاصل من أحد مقالع الصخور في دير عين الجوزة قرب بحيرة القرعون الذي كان عمد الى رمي الصخور والاتربة على ضفاف البحيرة”.
ولكن هل تكفي هذه الحلول؟ الا يجب ان تعلن حالة طوارئ بيئية في المنطقة؟ وهل تعني المشكل سكان البقاع فقط في حين ان اغلب احتياجات لبنان الزراعية تأتي من هناك؟