لطالما شكلت الألوان في إرتداءها إنعكاسا لحالة نفسية مؤقتة أو طويلة الأمد إذ أنها تشير أيضا إلى الميول والرغبات. وفقا للتحليلات والدراسات لكل لون معانيه ودلالاته والتي تتناسب مع طبع محدد.
ولكن اللون الأسود هو الرفيق الدائم في كل المناسبات، كما وأنه يحمل في طياته إزدواجية في الإحساس والشعور أو ما نسميه بالـ ambivalence؛ فهو رمز للتقاليد في حالات الحزن كما وأنه رمز للسلطة والقوة المطلقة.
الأسود… بين الواقع البصري والخيال في الوجود
بحسب الدراسات في الفيزياء الطبيعية، فاللون الأسود غير حقيقي لأنه غير موجود في ألوان الطيف، وفي لعبة الظل والضوء فهو يمتص الألوان الأخرى ويمنع إنبعاثها.
وإذا عدنا في تاريخ الأمم والحضارات، نجد بأن منذ عهد الخلفاء العباسيين، كان اللون الأسود الأكثر شيوعا حتى أنه الأكثر إستخداما حتى يومنا هذا في الأعلام الرسمية لمعظم الدول العربية. أما في الشرق الأدنى وفي اليابان تحديدا فهو دليل على الشرف والسمو، وهو اللون للباس الرسمي الـ Kimono كما رداء الـ Geisha. وبالإنتقال إلى عصر الأنوار والقرون الوسطى فلون الأسود أشار إلى الكمال وهذا ما إنعكس على إرتداءه من قبل النبلاء في المجتمع آنذاك كالمحامين والقضاة والموسيقيين.
واللون الأسود هو الأكثر إنتشارا بين النجوم وخاصة نجوم الغناء، فهو على عكس واقعه الفيزيائي، يضفي على من ترتديه جمالا، إشعاعا، بريقا وفخامة ويجعل منها أميرة تتربع على عرش الجمال والتألق. هن نجمات على الساحة الفنية، وهو نجم في المناسبات والإحتفالات والحفلات الغنائية كما أغلفة الألبومات والـ photo sessions.
نجمات في الأسود… علامات فارقة
من خلال إزدواجية دلالاته وتناقضها، يقع اللون الأسود أسير التقاليد بكونه يشير إلى الغموض والحزن والكآبة، في حين أنه يتم إثبات النقيض؛ فهو موضة كل المواسم ونجم عواصم الموضة ودور الأزياء العالمية امثال Dior و Chanel و Cavalli، إذ أن الإتشاح بالأسود دليل على الحكمة والقوة كما التعمق الفكري، فهو أيضا علامة رقي وسمو كما أنه يحمل طابعا كلاسيكيا بعيدا كل البعد عن الإبتذال وزركشة الألوان وتداخلها غير المتناسق زغير النمطي.
إلى جانب ذلك، إشتهرت النساء العربيات بإرتداء العباءة السوداء دلالة على الحشمة والطاعة، وقد إخترق هذا اللون- الظاهرة عالم الأضواء حتى أنه باتت كل نجمة ترتدي الأسود في معظم المناسبات؛ والنجمة الجماهرية هيفاء وهبي ترتدي وتتألق في معظم إطلالاتها اللون الأسود والذي يزيدها إشراقا وأناقة حتى يصبح جمالها سرا غامضا كلوحة الموزاييك المتكاملة. أما النجمة يارا والتي إشتهرت بالرومنسية الحالمة، إن إرتدت ثوبا أسودا زادها تألقا وردها فتاة حالمة هادئة بعيدة عن الإغراء. بالنسبة إلى أسطورة الغناء العربي، النجمة اصالة والتي عرفها الجمهور بصراحتها وجرأتها المعهودة، وحدة طبعها كما ورح الفكاهة، فإرتداءها الأسود يعكس جمالها العربي الحاد ويبرزها سيدة من الطراز الأول، ذات الملامح العربية البحتة.
والنجمات شذى حسون، أحلام ووعد إرتداءهن اللون الأسود يذكرنا بفتيات البادية السمر الحسناوات ذات الجمال والملامح العربية. وتظهر كل من النجمة سيرين عبد النور، الفنانة كارول صقر والفنانة أنغام بالـ frozen look في إرتداء الأسود والذي يترافق مع السحنة البيضاء الجافة والتي تذكر بالثلج الأبيض في فصل الشتاء.
ليكن بمعلومكم!
في تاريخ الجمال العربي، وبعيدا عن موضة الفساتين والعباءات، تم إعتماد “الكحل العربي” والذي إشتهر بأنه أسود داكن حالك وقد تطور ليشمل الـ make up العصري العالم والذي يعتمد على اللون الأسود كلون بديهي.
مهما كان اللون الذي ترتديه نجماتنا، فكل واحدة تبقى متفردة ومتألقة بطبعها وجمالها الآثر، في حين يبقى اللون الأسود لونا صريحا يمتاز بالحدة في التأثير وليس هناك مساحة للتردد في تأثيره.