من يحمي أطفالنا من الشاشة الصغيرة؟ السؤال بات واجبا وضروريا
مع تكرار حالات الإنتحار لدى الأطفال العرب الذين تمثلوا بمشاهد إنتحار أو عنف في المسلسلات
تحديدا التركية منها والتي كان آخرها مسلسل “العشق الممنوع” الذي إختارت
فتاة في الثانية عشر من عمرها في منطقة عين الرمانة ” لبنان أن تقلد بطلته
“سمر” فأقدمت على إطلاق النار على نفسها بعد أن إستحمت وإرتدت ثوب والدتها
الأبيض!
لكن لبناننا لا يهتم للأسف لذلك على إعتبار أن الموت قضاء وقدر،
متناسين أننا بهذا نربي أجيالا على العنف دون أي نوع أو شكل من أشكال التوجيه، وإن
لم يظهر هذا العنف تجاه الذات عن طريق الإنتحار، فهو سيظهر تجاه الآخرين، كما حصل في
إحدى المدارس اللبنانية حيث هجم طلاب الفئة “أ“-
Section A على طلاب الفئة “ب“-
Section B مطالبين بإسقاطها، تيمنا بالثورات العربية التي
نادت بإسقاط النظام، هاتفين: فلتسقط Section B!
قد تبدو القصة مضحكة وعادية، إلا أنها خطيرة والطلاب هجموا
معتدين على بعضهم البعض.. فهل يقع الحق عليهم ومن أين لهم بمتابعة أخبار الثورات العربية
وهجوماتها ومشاكلها وهمومها.. وهل هذا هو الجيل الذي نحلم به؟!
المشكلة ليست حكرا فقط على لبنان، بل تتعداه إلى كل الدول العربية،
ففي العراق مؤخرا، أقدم طفل12 عاما- على شنق نفسه بحبل في إحدى غرف منزل عائلته في
قرية جنوب البلاد، متأثرا بأحداث المسلسل التركي الشهير “وادي الذئاب”، حيث
صرح مختار القرية: “الطفل علق حبلا بالسقف ووضع تحت قدمية قارورة، فقام شقيقة
بضربها كما حدث في الحلقة الأخيرة من الجزء الرابع في المسلسل”! وأضاف أن
“الأطفال كانوا يقلدون الحلقة الأخيرة، حيث يقوم البطل مراد علم دار، رجل المخابرات
التركية الوطني، باعدام خصمه اسكندر عميل المخابرات الإسرائيلية”، وتابع:
“إثنان من أطفال القرية حاولا الإنتحار بنفس الطريقة قبل فترة، وأوشكا على الموت
قبل أن يتم إنقاذهما“،
وأيضا.. أقدم طالب جزائري- 11 عاما- على الإنتحار شنقا، عندما
حاول تقليد إحدى مشاهد برنامج “برج الأبطال” الذي يعرضه التلفزيون الحكومي،
حيث توجه إلى إحدى الأكواخ القريبة لمنزله، فوضع رزمتين من العلف الذي يقدم للحيوانات
وصعد فوقهما قبل أن يلف رقبته بحبل، ويبعد الرُزم التي وقف عليها، ليلفظ أنفاسه الأخيرة
على الفور!
وأيضا.. أقدم طفل تونسي على الإنتحار، تقليدا لأحد المشاهد
في المسلسل التركي “دموع الورد”، الذي سبق وانتحر بسببه طفل إماراتي العام
الماضي، محاولا محاكاة نفس المشهد من المسلسل.. ونقل عن أم الطفل، قولها إن ما دفع
إبنها إلى الإنتحار هو محاولته محاكاة مشهد إنتحار أحد أبطال مسلسل “دموع الورد”،
الذي كان يتابعه بشغف..
أما والد الطفل فقال إن إبنه إنتحر في غرفته، بعد أن لف رقبته
بحزام من ستائر الغرفة، وعلق نفسه وفارق الحياة على الفور، في منزله بحي السلام بمنطقة
القصرين!
هذه القصص ليست إلا عينة صغيرة من حالات كثيرة مؤلمة وحزينة..
فهل يكفي أن نبكي أطفالنا بعد أن نواريهم الثرى، أم علينا أن نراقب ما يتابعونه عبر
الشاشة الصغيرة؟!