ليل التاسع عشر من فبراير لم يكن شبيهاً لإخوانه في كويت الفن والإنفتاح. ليل تصارعت فيه استعدادات اللقاء ولهفة الملقى على أمل إحياء مراحل وأزمان والكل يغلي فوق أجيج ترقب مرده وصلتها الغنائية…
هالة سحر ونشوة فرضتها توليفة موسيقية رائعة صاغها فكر المايسترو الدكتور ماجد سرور الذي جمع ما غلت وتطابقت نغماته وقلَ وقته من روائع وردية مختارة من عصارة تعاونات مكملة بعضها بإنسيابية مؤنسة والاساس الصلب هي فقط لاغير … إلى أن أطلت وردة كل المواسم رافلةً بثوب فضي جامعةً نفائس مكتبها الغنائية وساكبة تجارب غنتها من ماض ٍجميل تُستذكر في حاضر مُترنح.
منذ البداية أرادت أن توفر مسافات وعناء انتظار لمحبيها وألقت بقنبلة وهابية عتيقة إسمها في “يوم وليلة” مختصرة عمراً ونجاحاً ومسيرة ً ولغطاً وكلاسيكية من خالدات الغناء العربي . فتوالت بعدها الابداعات من الوداع إلى “اكدب عليك” وغيرها لتختم بـ حدث “حرمت أحبك” أهم أعمال الشرنوبي ابنة السابعة عشرة ربيعاً.
عادت وردة ووقفت وشدت ولما تغلبت عليها لفحة هواء قاسية اعتذرت واعتذرت واعتذرت وما كابرت وهي الكبيرة بصوتها وزمنها ورحلتها.. إعتذرت وكان نفسها تبقى منورة.. قارنها عزيزي قارىء سطوري المتواضعة بإحداهن صاحبة “أغنية ضاربة” بفلوسها وممن يسبق اعتذارهن المعتاد عن الغناء بسبب زكام هو الحيلة والمهرب الدائمين لعدم افتضاح جدية الموهبة من عدمها، لتصرح بعد حفل يجمع أصحابها وخلانها ومدعويها وعبر الاعلام بالتصريح الشهير “كسرت الأرض”. تكسير الأرض عبارة لم ترد يوماً بقاموس وردة وهي اللي تعلمت من وهابهـا “سموكنة” الغناء ومن سنباطيها “عملقة” الأداء ومن مكاويها “شعبنة” النغمات ومن موجيها “مسرحة” الإحساس ومن بليغهــا “عصرنة وبصمنة” الهوية ومن شرنوبيها “وردنة” الغناء مع كل جيل يرد لتبقى نبراساً لكل من حلم بالفن.
إنها وردة يا جماعة الخير أقرت على المسرح وعلى الهواء مباشرة بخيانة موهبتها لثوان ٍ جراء برد غدار تآمر عليها بعد أن فشلت السنون بتنحيتها فواجهته وهذه شيمتهم لذا هم كبار.. وبين الكبير ونقيضه شتآن ومواجع وردة ألبومك الجديد أصبح في مراحله الأخيرة و”الورديون” المتيمون – المخضرمون وحديثـوالولادة – بغاية الشوق لمفقودات جمة أولها تكنيك وردة وثانيها أنوثة راقية فطرية بفلامنكو وردة وثالثها وضوح حروف ومخارجها بحصرية خاصة بوردة ورابع وخامس وسادس ومئة يندرجون تحت اطار فرادة وردة ويجعل أخرون يصطفون طوابير- محاولات علهم يكملون ما افتتحته وردة الغناء العربي.
طوني سمعان