في قلب بغداد شارع الرشيد، واحد الأماكن التي تمثل روحها في إحدى البيوت العتيقة التي تحتضن دجلة منذ تسعين عام، حيث قدم عازف العود والمؤلف الموسيقي مصطفى زاير مشروعه في أرشفة أماكن بغداد من خلال الموسيقى وهي تجربته التي عمل عليها منذ سبع سنوات وقام بتنفيذها كمشروع لبغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013.
أراد زير أن يودع جمهوره بحفل سيذكره من حضر طويلاً فأسمى الحفلة “ألف ليلة بـ ليلة” وقدم نموذجاً جديداً في العرض، يقدم لأول مرة في العراق والعالم العربي، حيث قدم مؤلفات الألبوم والمشروع بموسيقاها التي نفذت داخل الاستديوهات، ولكن بدون العود، وجعل الأخير مباشراً في الحفل وهي عملية في غاية الصعوبة بحاجة الدقة في الآداء الموسيقي، كما وقام بعرض الفيديو والتصوير الخاص بكل عمل، وهو ما قامت به قناة الوثائقية العراقية، وقد تم عرض الفيديو على الجدار العتيق، فأصبح الحفل أشبهَ بمكان يحكي قصة مكان.
بدأَ الزاير الحفل بمقطوعته الشهيرة “قبل أوان الرّحيل”، والتي أهداها إلى صديقَيْهِ مهند ومعتز اللذين أسْتَشهدا جراء التفجيرات والصراع الطائفي في بغداد، فَأهداها إلى جميع شهداء العراق ليبدأ بعدهَا بتقديم أعماله لبغداد، هي شارع المتنبي ومقاهي بغداد، وبعدها قدم عمله الرومانسي الحالم والذي قال إنه مطلب من الجمهور الذي بعث رسائل عديدة له من أجل تقديم عملين هما “معا نحلم فوق غيمة” و “محطات” والتي قام بآدائها مع إيقاعات الشاب مصطفى سبع في الجزء الثاني من الحفل.. وكانت المقطوعة الخامسة التي ألهبت الجمهور فرحاً والتي كانت تؤرشف المتحف البغدادي وأسماها “هنا بغداد”، ليختتمَ القسم الأول بـ “حنين المطر”.
هذا وأعطى زاير للجمهور إستراحة ليعود بعدها حيثُ جاء دور أصدقاء مصطفى زاير الذين أحبّوا أن يُشاركوه حفلهُ وهم أحمد فنجان عازف التشيلّو وزياد طارق عازف القانون وعازف الكمان فائق عباس ومصطفى سبع على الإيقاعات، فَقدموا عملاً أعدّه زاير لكوكب الشرق وأسماه “من الذاكرة إلى الروح والقلب”، وتفاعل الجمهور بشكل كبير معهم فانطَلق يغني مع موسيقاهم وأغنيات أم كلثوم.