لم يكن عاماً عادياً… أقله هذا ما يشعر به هؤلاء الأطهار… ليس لأنهم ذوو إحتياجات خاصة… بل فقط لأنهم أطفال.. شأنهم شأن كل من هم في أعمارهم…
لإرتياد المدرسة، يركبون الباص…
للإستماع إلى الدرس، يجلسون كل على كرسيه… بعض هذه الكراسي تنعم بدواليب…
المعلمة معلمة، الإمتحان إمتحان و العام الدراسي كامل متكامل، تربوي في جذوره، تحفيزي في باطنه و تثقيفي في كل جوانبه…
تزورهم متى تشاء، تراهم يلعبون، يضحكون، يركزون و يهابون المسابقات الفصلية…
تسألهم عن حالهم، يجيبون و البسمة ترتسم على وجوههم… هم حقاً يحبون… هم حقاً يعيشون… قد لا يعيشون طفولة القرن الحادي عشر…
هنا القدرات الذهنية محدودة نوعاً ما و لا تسمح بالإعتماد على الآلة الحاسبة و الأجهزة الإلكترونية الذكية… تلك الأجهزة التي حولت بعض أولادنا إلى أصحاب طفولة غبية…
هنا القدرات البدنية محدودة نوعاً ما و لا تسمح باللعب على آلات رياضية عصرية…
هنا ما يصفه البعض بالطفولة المحدودة…
و لكن… بالعودة ثلاثة عقود إلى الوراء… هنا طفولتي.. حيث لا أدوات إلكترونية و لا برمجة رياضية… هنا طفولتي حيث الإعتماد على قدرات الفرد الذهنية مهما كبرت أو صغرت… هنا طفولتي حيث الملعب هو فسحة الأمل…
و ها أنا بعد مرور تلك السنوات المثمرة… ها أنا طبيب أشاهد أجمل تعابير طفولتي/طفولتهم… يرقصون، يمثلون و ينشدون فرح إنتهاء العام الدراسي… لا تختلف أحاسيسهم عن تلك العابقة في ذاكرتي… و لا يختلف ذاك الشعور بالفخر لأنني/لأنهم… لا بل لأننا (و لا حياء في جمعي معهم)… لأننا حققنا إنجازا هذا العام… لأننا جعلنا محبينا أهلا و أساتذة يفخرون بنا…
و لكن درس حفل التخرج من المدرسة هذا العام لم ينته عند حد الجمع… بل تعدى الجمع إلى طرح الإشارات السلبية عن مكوناتنا… و قضى على القسمة – فهنا لا فرق بين الصبي و البنت، الذكي و الأقل ذكاء، المقعد و غيره، لا قسمة بين الحواس صراحة… أما جدول الضرب، فكان قاسياً كفاية ليضرب بعرض الحائط زيف ما يسمونهم رجالنا… إن أحب البعض تسميتهم بالمعوقين فلا بأس بذلك… لأن معوقو مدرسة لوى التخصصية (المرخصة من وزارة التربية و التعليم العالي)… هؤلاء المعوقون كشفوا على الملء و بالملء إعاقة الدولة… الدولة التي نسيت أو تناست أعمدتها، الدولة التي كرمت كما يليق بها و لا كما يليق به، الدولة التي استكرمت الراحل وديع الصافي…
هؤلاء المعوقون كرموا و بأجمل اللوحات… كرموا وديع الأرز و الشموخ، وديع لبنان الصافي…
و بعد هذا التكريم، لا مكان للكلام… و لا مكان للإعاقة… طاقة تلاميذ الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين تسدل الستارة على إعاقات كثيرة… و افهموها متل ما بدكن.