كما هو متوقع، لم تلبث أن تم نشر سامبلات الألبوم المنتظر للفنانة والنجمة اللبنانية إليسا الذي من
المفترض طرحه في الخامس والعشرين من شهر يونيو
والذي سوف يحمل عنوان “أسعد
وحدة” حتى بدأت ألسنة الحاقدين تعبر عما بالقلوب بشتى الطرق والوسائل سواءً
من خلال تويتر أو فيسبوك أو المنتديات أو حتى التعليقات على الأخبار في المواقع
الإخبارية.
ويعبر أولئك الغير موضوعيين عن رأيهم من
خلال عدة نقاط يرون أن الفنانة اللبنانية قد أخطأت خطأً شنيعاً من خلالها، ومن تلك
النقاط قصة الكوفر وعدم تقديم الجديد في الألبوم.
بالنسبة للكوفر، فتجدر الإشارة إلى أن
الصورة التي قامت إليسا بنشرها بصحبة السيمبلات ليست إلا صورة إعلانية فقط وليست
هي الغلاف الأصلي للألبوم، والتي تظهر فيها في جو من الحزن وهي ترتدي على رأسها
طرحة سوداء متقمصة دور الأرملة الحزينة بينما تحمل بين شفاهها وردة حمراء وتنظر
للأعلى بنظرة ملؤها التفاؤل. وبناءً على
ذلك قام العديد ممن اطّلعوا على هذه الصورة بتوجيه انتقادات عديدة، من أبرزها أن
مضمون الصورة الذي يعبر عن الحزن يتناقض بشكل كلي مع عنوان الألبوم “أسعد
وحدة”، الأمر الذي وإن دل على شي فإنه لا يدل على أن إليسا أخطأت وإنما يدل
على شح في التفكير والتحليل الفني والإبداعي لدى الكثير من أبناء الوطن العربي
الذين لا يريدون من الفنان إلا تقديم غلاف برسالة مباشرة كأن يبتسم الفنان
للكاميرا وهو يرتدي بدلة أرماني أو ترتدي فستان لوي فيتون ويلبس أو تلبس ساعة معصم
من الطراز الفاخر بينما يكتفي الفنان بخلفية صماء من خلفه وبالتالي قد صنع أجمل
غلاف، ولم يعلموا أننا لا نعيش عصر التقدم التكنولوجي فقط وإنما نحن قد بدأنا عيش
عصر التقدم الفني والإحساس المرهف والخروج عن المألوف والإبداع الغير مسبوق
إطلاقاً منذ وقت بعيد.
وبالنظر إلى التفاصيل التقنية من خلف
الصورة التي تم انتقادها وبشدة، فإن من يقف خلف تلك الصورة فريق عمل متكامل يضم
أضخم الأسماء فيما يتعلق بخبراء الشعر والمكياج واللبس، ولا ننسى صحبة العملاق
المخضرم ماتياس كلايمر للفريق التي جعلته يصل إلى مرحلة ما بعد التكامل والإبداع.
أما لو نظرنا للصورة نفسها وتذوقناها من
الناحية الفنية، نجد كمية هائلة وغير معقولة من الذكاء الفني والرغبة الجامحة في
الخروج عن المألوف والبرود والركود الذي بتنا نعيشه في عالمنا العربي عندما يتعلق
الأمر بأغلفة الألبومات، حيث سعت الفنانة اللبنانية وطاقم عملها إلى الخروج عن
المألوف وصهر ذلك البرود كما هي عادتها من خلال تقديم التناقض الجميل والمعاني
المتضادة في صورة واحدة، لتثبت لنا أن المستحيل لم يعد مستحيلاً بعد الآن، حيث
جمعت بين الحزن والفرح في مساحة لا تتعدة الـ 500 بيكسل، حيث كانت تلك الـ 500
بيكسل كفيلة بجعل وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات لا تجد حديثاً إلا هي في أقل
من 48 ساعة.
وللتوضيح، فإن الصورة تحتمل العديد من
التفسيرات، ولكن التفسير الذي يبدو أنه الأقرب للحقيقة هو أن الفنانة اللبنانية
تعبر عن أنها قد تكون حزينة وسط علاقة قد تتخللها أمور تسبب لها الألم والوجع
أحياناً، إلا إنها تعود لتقول أنها راضية بهذه العلاقة وأن البقاء مع حبيبها على
الرغم مما تعانيه هو أجمل ما حصل لها وهو كاف بالنسبة لها من خلال الوردة الحمراء
التي تحملها بكل رقة بين شفاهها والتي ترمز عادة للحب والرومنسية. ولو قلنا أن
الوردة صفراء لكان الأمر متناقضاً فعلاً لأن الورد الأصفر عادة يرمز إلى الفراق
والوداع ولكن لأن علاقة ذكية جمعت بين إليسا وماتياس كلايمر فنياً فلم يكن ذلك
ليحدث، كيف كان ليحدث ونحن نتحدث عن النجمة التي لا تحارب وتنتقد من خلال أغانيها
فقط وإنما من خلال أغلفة ألبوماتها أيضاً في كل مرة تصدر فيها ألبوماً؟! إذاً لا
بد أن تكون إليسا على مستوى عالم ومتقدم من الإبداع والتميز اللذان جعلاها حديث
الصحافة دوماً. وإذا ما تركنا ذكاء إليسا لوهلة، هل من المعقول أن يمر خطأ كهذا
على مصور عالمي تعامل مع أضخم وأكبر الشخصيات حول العالم بأسره؟ أين ذهبت العقول التي تحلل وتفكر في اللحظة
التي رأت فيها تلك الصورة؟ نعم، إنهما الإبداع واللامألوف اللذان تقدمها الفنانة
اللبنانية واللذين نجحا في تغييب العقول والأذهان بجمالهما كما هو معتاد من ابنة
دير الأحمر. وعندما يكون هنالك أكثر من تفسير للصورة فذلك يذكرنا بأجمل الأفلام
الهوليودية التي تنتهي عادة بمشهد مفتوح تاركاً للمشاهد أن يهيم ويغرق في بحر التخيلات
والخواتم التي كان من المحتمل أن ينتهي الفيلم بها، وذلك شيء يحسب لإليسا وليس
عليها.
كما أن هنالك من انتقد
“السامبلات” نفسها متهماً إليسا بعدم تقديم أي جديد وأنها دون المستوى،
في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن السامبل الواحد لا يتعدى الـ 30 ثانية للأغنية،
علماً أن بعض الأغنيات لم يتم الكشف عن الكلمات فيها وإنما تم الاكتفاء بالموسيقى
فقط حتى تبقى مفاجأة للجمهور. وفي الوقت نفسه الذي يعتبر هذا الألبوم قفزة نوعية
للفنانة إليسا وذلك من خلال تقديم ألوان غنائية لم نعتدها من قبل منها المتمثلة في
أغان مثل “هيلف ويلف” و”قلبي حاسس فيك” و”متفائلة”
و”فاكر”. يبقى السؤال هنا: هل من المعقول أن يتم الحكم على ألبوم تم
العمل عليه لشهور وشهور طويلة برفقة أبرز وألمع الأسماء في الساحة الفنية مثل محمد
رحيم وتامر علي وجان صليبا وتميم وناصر الأسعد سواء على مستوى الكلمات أو الألحان
أو التوزيع من خلال مقاطع لا تتعدى الـ 30 ثانية لم نسمع في بعضها حتى مقطع
“الكورس”؟! أم أن مقدار الغيرة والحسد اللذان تتعرض لهما الفنانة
اللبنانية قد تضاعف أكثر منذ إصدارها لآخر ألبوماتها “تصدق بمين” في
أواخر 2009؟