ربيع الأحمد شابٌ مسلم أحبّ ردينة ملاعب، فتاة درزيّة وأراد الزواج منها.. هي من بيصور وهو من عكار، لا يجمعهما الدين أو التقاليد أو العادات أو أساليب العبادة والصلاة، لكن شاء القدر أن يجمعهما الحب!
في العادة تكون النتائج متعدّدةً، فإمّا يوافق الأهل وإن على مضد، ويتم الإرتباط دون طنّة ورنّة، أو يرفض الأهل، ما يترك الفناة أمام خيار الزواج والإنفصال عن الأهل بشكلٍ كليّ، فيقال للبنت: “روحي، بطّل عندك أهل”! ونحصر التفاصيل بالفتاة، فنحنُ مجتمعٌ ذكوري وإن تزوّج شابٌ من فتاة من غير دينه، فـ “ذنب الفرفور مغفور”!
لكن.. الإحتمالات التي ذُكرت لم يحدث أيٌّ منها مع ردينة وربيع اللذين تزوّجا بعد أن رحلت الشابة “خطيفة” مع من أحبّته، وبعد شهرين على الزواج، دعاها أهلها وشقيقاها مع زوجها إلى المنزل العائلي واهمين إيّاهما بأنهم يريدون المصالحة ووضع حدٍّ للقطيعة.
وفور وصول العريس مع عروسه، حدث أن هجم أهلها عليه، فضربوه ضرباً مبرحاً وقطعوا عضوه الذكري وهشّموا خصيتيه وحملوه إلى ساحة البلدة محاولين تعليقه فيها، إلى أن تدخل أهل بيصور وطلبوا الإسعاف، ليُنقَل الشاب إلى المستشفى، فيما اختفت ردينة عن الوجود وحتى الساعة لا يعلم أحدٌ بمكان وجودها، رغم أنه تمّ إلقاء القبض قبل ساعات على المُعتّدين، في حين يقبع العريس في المستشفى!
في ردود أفعال على الحادِثة سمعت أشخاصاً يقولون: “تسلم البطن اللي حملتُن، ما قصّروا”.. وسمعت آخرين يقولون:” هؤلاء لا يمتّون للإنسانية بصلة والدروز براءٌ منهم”..
الأكيد أن هذه حادثة فرديّة لا تمت للأخلاق الدرزية بصلة، فـ بني معروف لا يبيّتون شرّاً لأحد ويعرف عنهم أنّهم يحمون من في دارهم حتى ولو أن بينهم وبينه ثأرُ دمٍ وقتلى، وكثيرون يعرفون بأن سلطان باشا الأطرش حمى فرنسياً لجأ إليه، رغم أنه كان القائد العام للثورة السورية الكبرى ضدّ الإنتداب الفرنسي!
الدروز هم الذين قال فيهم الجنرال ديغول: “العشيرةَ المعروفيّةَ من أشرفِ العربِ وأكرمِهِم، بيوتُها ومضافاتُها فنادقٌ مجانيةٌ ومقاهي مجانيّةٌ، إنّها تحبُّ الحقَّ وتموتُ في سبيلِه، لا تتعدّى على أحدٍ ولا تنامُ على ضَيْم، تحمي الضّيْفَ والدّخيلَ بالدّمِ وتبْذُلُ الغالي والرّخيصَ فداءَ كرامتِه، وحمايتُهُ واجبٌ مقدّسٌ عندها”.
وهم من قال فيهم لامارتين: “إن الكرم والضيافة عند الموحدين، أمر مقدس وكذلك حماية الضيف”، ونابليون بونابرت: “عندما كنت محاصِراً عكا، قدمت عليّ شرذمة من الفرسان الموحدين بقيادة الشيخ عمر ظاهر، فاندهشت لرجولتهم وعزيمتهم وإيمانهم بقضيتهم وأحسست في نفسي ميلاً شديداً اليهم ودافعاً قوياً يقرّبني من كل فرد منهم، فتمنيتهم لو كانوا فرنسيين لأقاتل بهم العالم بأسره”!
بعضُ الأشخاص مبتورو العقل يعتقدون أن من حقّهم باسم الشرف والدين أن يَبتروا عضو رجلٍ ظنّاً منهم بأنهم هكذا يبترون رجولته، فرجولتهم هم بين أقدامهم ويعممون المبدأ على الجميع، والدروز براءٌ من هؤلاء..
فليأخذ العدل مجراه وليتحمّل كلُّ شخصٍ عواقب أفعاله لأننا في بلد القانون والمؤسسات!