لمن لا يعرف نجيب بن علي، عرفنا اكثر عن نفسك.
أنا شاعر تونسي من مواليد 26/5/1981 بمدينة “منزل جميل” من محافظة “بنزرت” الساحلية شمال البلاد التونسية، أستاذ جامعي للغة الإنجليزية وخبير إعلامي متخصص في الإعلام الأمريكي.
اخبرنا عن تجربتك في الشعر والحياة، وكيف كانت بداياتك؟
طفولتي كانت في حارة “الإمام سحنون” بمنزل جميل مسقط رأس أجدادي والحارة علّمتنا التواضع وألهمتنا الحسّ الإجتماعي والإنساني. أعتبر نفسي رغم كلّ أسفاري ومراحل تكويني المتعدّدة ابن الحارة بما فيها من قيم البساطة والأنفة ابن الشعب إن صحّت العبارة. وفاة الوالدة كانت منعرجا في حياتي ومنطلقا لتجربتي الشعريّة. عصاميّ كنت وعصاميّا سأبقى. سلكت طريق العلم كسبيل للإرتقاء الإجتماعي كما نصحتني الوالدة رحمها الله واجتزت مراحل الدراسة بتفوق كبير والحمد لله.
كيف اكتشفت موهبة كتابة الشعر؟
كنا ندرس في المرحلة الثانوية الأدب العربي فتأثرت بحياة الشعراء و جنونهم وبدأت الفكرة تراودني في أن أكون شاعرا يقرأ عن سيرته تلاميذ الثانوية في يوم من الأيّام. مع هذا كلّه كان قلمي غزيرا وأسلوبي سلسا وكان المدرّسون يقرؤون نص إجابتي عن أسئلة الإختبارات على زملائي مشيدين بتفرّد أسلوبي في اللغة العربيّة أقصد. اللغة كانت تأتمر بأمري ولا أنسى حفظي في مرحلة مبكّرة لما تيسر من القرآن في مسجد الحارة. الوعي بكلّ هذه الممهّدات جعلني أكتشف الموهبة الكامنة داخلي وأتصيّد الفرصة لتحريرها في الوقت المناسب وقد أتى الوقت.
من اين يأتي مصدر الهامك في الكتابة، وخصوصا انك تكتب عن جميع المواضيع، وهذا يعتبر بالشيء الصعب.
عديدة هي مصادر إلهامي ومنها الزخم العاطفي الذي ورثته عن الوالدة وأمّها رحمهما الله. طفولتي التي قضيتها في حارة شعبية. جدّي لأمي كان صيّادا يركب البحر كلّ صباح عند الفجر كما كانت تحدثني الوالدة. البيت كان عامرا بالمجلات والكتب التي كان الوالد رحمه الله يشتريها وأنتظر فراغه من مطالعتها للإنقضاض عليها. تعلمت من أبي عزة النفس والثبات على المبدأ. تاريخ عائلة الوالد المتجذر في النظال كان له دور فعائلتنا أنجبت محجوب بن علي قائد ثوار الشمال إبّان الكفاح ضد الفرنسيين. إحساسي بانتمائي لعائلة عريقة من أصول تركية إنكشارية كان ولايزال يملؤني اعتدادا بالنفس وفخرا. في بلدتنا الصغيرة كان يضرب المثل بوسامة رجال العائلة وجمال بناتهن أو هكذا حدّثني الكبار. غابة الرمال وبحرها، بحيرة بنزرت وحقول بلدتي الخضراء رسمت ملامح الجمال في ذهني منذ الطفولة. أغاني العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، المغني الإسباني الشهير خوليو إغليزياس… المواضيع التي كتبت عنها نابعة من إحساسي بالمعاناة المادية للشاب التونسي التي عشتها وقت الدراسة ونابعة من تواصلي مع الطبقات الشعبية وفهمي العميق لمشاغلها السياسية والحياتية عموما دون أن ننسى كل أنثى عرفت وكل وجه صبوح رأيت.
كم عدد الدواوين الشعرية التي كتبتها حتى الان؟، وكم عدد الكتب التي اصدرتها ومتى صدر اول كتاب لك؟
قصائد من تحت الانقاض . دار الكناب الحدبث: القاهرة، 2009.
رسائل . دار الكتاب الحديث:بيروت، 2012.
شرفات الوطن الآخر . دار الكتاب الحديث: بيروت، 2013.
مع أي دار نشر تتعاون؟
أتعامل مع دار الكتاب الحديث بيروت. هم أهلي وأحبابي والسيد صالح صالح بمقام الوالد ينصحني ويشرف على تجربتي.
من هو الشاعر المفضل لديك، ومن هم الروائيون الذين تقرأ لهم؟، وما هي رواياتك المفضلة؟
نزار قباني هو شاعري المفضل وحنامينه هو الروائي الذي قرأت له وشدّني أسلوبه على غرار رواية “الياطر” و “الثلج يأتي من النافذة”.
هل تتمنى لو ولدت في زمن الشعراء العظام؟، ولو اتيحت لك الفرصة ان تتواجد في زمن معين فزمن أي شاعر كنت ستختار؟
لا ليس بالضرورة ذلك. أنا أحب الزمن الذي أعيش فيه رغم رداءته ومآسيه والشاعر الفذّ هو من يقلب معادلة عصره ويجعل من الانحطاط رقيّا في عالم شعره ويدفع الناس للتغيير ويؤثّر فيهم.
برأيك هل يوجد شعراء عظام في زممنا هذا ام انتهوا؟
دعنا من الكلمات الرنانة الفضفاضة. العظيم هو رب العالمين بالنهاية وحتى الشعراء العظام سقطوا في الرداءة إن لم يكن في قصائد ففي أبيات. صحيح أن قيمة الشعر تدهورت وأن شعراء اليوم ليسوا بحجم سابقيهم ولكن التفاؤل برأيي أفضل من المقارنات. يعجبني تميم البرغوثي، القصيبي، نزار قباني، محمود درويش، الشابي..
انت الان مقيم في المملكة العربية السعودية، ولكنك في الاصل من تونس ما الفرق بين الدولتين على الصعيدين العام والخاص وهل تشعر بالغربة؟
أشعر بشيء من الغربة ولحسن الحظ أقاسم بعض أبناء الجالية التونسية الغربة. نلتقي في المقهى ونتنسّم أخبار البلد. تونس بلد جميل ولكن الأوضاع فيه ليست على ما يرام والسعودية أفضل من ناحية المردود المادي بالإضافة إلى الجانب الروحاني: مكة والمدينة أعني تحديدا.
هل تعتبر ان هناك شعراء لديهم الحظ وآخرون ليس لديهم؟، كيف تفسّر ذلك؟
الحظ يؤثر في كل المجالات بلا شك ولكن العمل بجدّ وذكاء له دوره أيضا.
الشعر الحقيقي هو موهبة، ولكن ذلك لا يكفي لإنتاج الأبداع. ما هي العوامل المتبقية لأكمال التجربة؟
فهم مشاغل الناس والقدرة على الترويج مع إبراز الشاعر لنفسه ولشعره بطريقة جذابة ومهذّبة واحترافية. الدعم المادي والمعنوي والتأطير الاكاديمي والنقدي والأدبي عوامل ضرورية أيضا.
ما رأيك بالظروف الصعبة التي نعيشها؟، وهل هذا يؤثر عليك في كتابة الشعر؟
العالم العربي عموما كله متأزم والأزمات موضوع يستحق الكتابة. العالم العربي أصبح مسرحا دراميا من الطراز الأول والفطنة تكمن في ترجمة الأحداث فنيا وإنسانيا دون السقوط في الإيديولوجيا والتّحزّب.
هل من الممكن ان تعتزل الكتابة يوما ما؟
لا أعتقد.. مع الموت سأعتزل الكتابة.
من كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية؟
مدرّس اللغة العربية في المرحلة الثانوية السيد المنصف العيدودي.
هل وصلت لمرحلة اضطرِرت فيها للاختيار بين كتابة الشعر ومغريات الحياة المادية؟
هو صراع مرير وأنا أغلّب شعري عموما في هاته الحالة.
من هو معلم نجيب بن علي؟
صديقي العزيز عمر الغندور هو أستاذي الأوّل دون أن أنسى أخي عاطف الرشيدي. عمر في مقام الوالد وعاطف في مقام الأخ الأكبر. ابنة عمّي نجوى هي معلّمتي ومرشدتي وهي في مقام الوالدة أيضا. معلّم العروض عندي هو الصديق محمد الهادي الكعبوري.
هل تقبل النقد ام تنزعج منه؟
النقد مفيد أيّا كان مصدره وأيّا كان المقصود منه.
ما هو سر النجاح؟
العمل بإيمان.
لو لم تكن شاعر فماذا كنت؟
روائيا ربّما.
شكرا لك على هذه المقابلة.
شكرا لكم.
عن الشاعر:
- ولد بمنزل جميل بنزرت الجمورية التونسية يوم 26 ماي 1981.
- شاعر تونسي وأستاذ جامعي للغة الانجليزية وخبير إعلامي متخصص في الإعلام الأمريكي.
- بكالوريا آداب سنة 2000 بالمعهد الثانوي بمنزل جميل بملاحظة “قريب من الجيّد”.
- الأستاذية في اللغة الانجليزية سنة 2004 من جامعة تونس الأولى كلية العلوم الإنسانية والإجتماعية بتونس.
- ماجستير إنجليزية سنة 2007 من جامعة قرطاج المعهد العالي للغات بتونس تخصص اعلام امريكي بملاحظة “جيّد”.
- رسالة ماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية في شكل بحث علمي أكاديمي تحت إشراف الدكتورة مارلين الحناشي عن تأثير الإعلام الأمريكي المرئي في صياغة نظرة الأمريكان للعالم العربي بملاحظة “جيّد”.
- رسالة بحث آخر في الإعلام الأمريكي تحت اشراف الدكتور محمود برايما بجامعة سوثرن يونيفرسيتي بباتون روج لويزيانا الولايات المتحدة الامريكية سنة 2007.
- شهادة الإمتياز في اللغة الانجليزية من جامعة سوثرن يونيفرسيتي بباتون روج لويزيانا الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2007.
- محاضرات في طرق البحث في الاعلام بجامعة سوثرن يونيفرسيتي بباتون روج لويزيانا الولايات المتحدة الامريكية.
- شهادة الإمتياز في اللغة الإنجليزية من جامعة أبريستويث بلاد الغال بريطانيا سنة 2002.
- رسالة بحث أكاديمي لختم الدروس بجامعة تونس الاولى تحت عنوان “السياسة الخارجية الأمريكية و المسألة العراقية” تحت إشراف الدكتور خالد بن سليمان.
- شهادة تكوين ودورة تدريبية في التقديم الحواري بمركز الجزيرة للتدريب والتطوير سنة 2010 تحت اشراف الصحفي جاسم العزاوي.
- عضو في الجمعية اللّغوية الأمريكية “ألفا مو غاما” باتون روج لويزيانا.
- أصدر ثلاث مجموعات شعرية:
– قصائد من تحت الأنقاض عن دار الكتاب الحديث بالقاهرة 2010.
– رسائل عن دار الكتاب الحديث ببيروت 2012.
– شرفات الوطن الآخر عن دار الكتاب الحديث بيروت 2013.