أقام المركز الثقافي العراقي في بيروت بالتعاون مع مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجيّة امسية ثقافية بعنوان (( اغتيال الحضارة )) هدفها تسليط الضوء على الجريمة البشعة التي ارتكبتها تنظيمات داعش بتدميرها اثار العراق في محافظة الموصل وتجريف مدينة النمرود.
استهلّت الأمسية بعزف النشيد الوطني العراقي، بعدها اعتلى المنصة الدكتور جواد كاظم البكري معاون مدير مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية الذي ادار الامسية حيث قال يشارك معنا في هذا النشاط الثقافي المهم كل من المفكّر العراقي الدكتور عبد الحسين شعبان مستشار مركز حمورابي ، والدكتور حيدر فرحان الأستاذ في علم الآثار من جامعة بغداد.
وأكّد الدكتور البكري إن هذه الجريمة الانسانية بمفهومها لا تستبعد عن كونها استراتيجية أميركية – اسرائيلية لتدمير ذاكرة العراق التاريخية، التي تتكوّن من ثلاث مراحل أنيط تنفيذ المرحلة الأولى للقوّات الأميركيّة المحتلّة للعراق عام 2003 عندما نهب الجنود الأميركان المتحف الوطني العراقي وتمّ تهريب ما يخصّ اليهود والسبي البابلي الأوّل والثاني الى تل أبيب.
أما المرحلة الثانية فقد قام بها اليهود من خلال جمعيات يهودية عملت في العراق داخل السفارة الأميركية مثل منظّمة ( العاد ) الاسرائيلية وإنتهت من سرقة كل ما يخص اليهود عام 2012 ، والمرحلة الثالثة فكانت من حصّة ( داعش) الذي قامت بسرقة ما تبقّى من الاثار وبيعه في أسواق مافيا الآثار العالمية لتمويل نشاطاتها العسكرية، ولتدمير ما تبقّى من الآثار الكبيرة التي لا يمكن نقلها، بعدها ألقى المفكّر العراقي الدكتور عبد الحسين شعبان كلمة تحدّث فيها عن جريمة داعش بتدمير آثار العراق في مدينة الموصل وتجريف آثار مدينة النمرود قائلاً : نحن بحاجة الى خيال لكي نواجه تلك الفظاعات التي تفرضها علينا الأشياء … روح الحجر … الثور المجنّح يبكي في بوابة نركال رمز حضارة الآشوريين ، هل نحر حقا الثور المجنح ؟ ، سخرية الضحية من المرتكب للجريمة السوداء ؟ … قطع الرؤوس … الخطف …استباحوا حرمات المسيحيين والأيزيديين والتركمان والشبك وجميع الناس المختلفين عنهم ، دمروا جامع النبي يونس وجامع النبي شيت انّهم استهدفوا البشر والحجر والبيئة والثروة والغذاء والدواء والأمن المجتمعي والاقتصادي والثقافي والفكري وكل ما له علاقة بالأمن الانساني.
ثلاثية الثور المجنح الجميلة ( الرأس + الجناحان + الجسد ) الرأس يعني الفكر والعقل للانسان العراقي ، والجناحان يمثلان الفضاء، أما الجسد يمثل القوة والصلابة ، منتصب في مكانه لأكثر من (3) آلاف عام. مبيناً قبل داعش قوات الاحتلال الأميركية عام 2003 حطّمت بوّابة المتحف العراقي في بغداد وتركت الأبواب مشرّعة للّصوص والسراق ليحطّم المتحف العراقي في بغداد بهدف تدمير ذاكرة العراق الثقافية والحضارية ونهب كل ما هو ثمين بما فيها النسخة الأقدم لمخطوطة التوراة التي ظهرت منذ مدّة في تل أبيب.
وتساءل شعبان : “لماذا العراق …. لأنّه بلد الشمس ، مهد الحضارات ، مركز الاشعاع الفكري والثقافي والحضاري ، أوّل مؤسسة تمثيلية ( برلمانية ) بلد الأبجدية ، أوّل مجتمع سكني ، أولى الشرائع لذلك تمّ استهدافه ، وما يحدث للعراق سببه الاحتلال الأميركي”.
وقدّم الدكتور حيدر فرحان استعراضاً للحدث جاء فيه : جرائم داعش بحق اثار العراق في الموصل وحرق الكنائس التاريخية وأول تلك الكنائس التي تم حرقها هي كنيسة مار متي وأتخاذ بعض الكنائس مواقع لتجمع تلك العصابات، وهدم جامع مجاهد الدين أو ما يعرف محليا ( الولي الخضر ) وهو ثالث مسجد اثاري مشيد بعد جامعي الاموي والنوري ويعود تاريخه إلى القرن التاسع الهجري ويعتبر محرابه تحفه آثارية على مستوى العالم، هدم قبر المؤرخ المعروف أبن الأثير وهو أحد الرموز التاريخية البارزة في التاريخ الإسلامي، ومن أبناء مدينة الموصل وله الكثير من المؤلفات، وقدم حلولاً وتوصيات لحماية الآثار العراقية التنسيق مع منظمة اليونسكو وتشخيص مدى الضرر الذي لحق بالمواقع الاثرية من خلال تشكيل لجان مختصة ووضع خطة عمل طارئة وتفعيل قرار مجلس الامن الدولي الاخير الذي صدر بحق حماية الاثار العراقية وعدم تمييعه، ودرج مدينة الحضر ضمن مواقع التراث العالمي المعرّضة للخطر، واصدار قرار مرحلي يمنع تداول آثار الموصل ( بيع وشراء ) ومحاسبة من يقوم بذلك طبقا للقوانين الدولية.
وتم خلال الأمسية عرض فيلم جسد جريمة داعش وعرض (60) صورة تمثل حضارات العراق المختلفة مع نماذج جبسية اثارية.
وحضر الأمسية القنصل في السفارة العراقية الدكتور وليد العيسى والدكتور فؤاد الحركة ممثّلاً نقابة الصحفيين اللبنانيين وجمع كبير من المثقّفين العراقيين واللبنانيين ووسائل الاعلام.