في نيسان من العام الماضي، إنشغل الوسط الصحافي بخبر الإستقالة
المفاجىء للإعلامي غشان بن جدو من قناة “الجزيرة” التي إعتبر أنها أنهت حلما
كاملا من الموضوعية والمهنية وخرجت عن كونها وسيلة إعلام وتحولت إلى غرفة عمليات
للتحريض والتعبئة!
وبعد الإستقالة بأقل من شهر، أعلن بن جدو أنه يستعد لإطلاق
قناة جديدة سيعود من خلالها إلى الجمهور العربي والأهم أنها لن تحيد عن عن المبادئ
المهنية الأساسية ومقاومة الاحتلال، مع دعم الإصلاح دون ممارسة الفتنة!
ومع كتابة هذه الأسطر، إنتشرت على الطرقات اللبنانية إعلانات ترويج
لقناة “الميادين” التي ستنطلق في الحادي عشر من الشهر الحالي، ما يطرح
عدة أسئلة، نُجيب عنها قدر المستطاع..
السؤال الأول الذي يتبادر إلى الأذهان هو حول تمويل هذه
المحطة، والجواب حسب المتعارف عليه هو أن الميادين ستنطلق بميزانية تصل إلى 40
مليون دولار، شاركت في تأمينها شخصيات سعودية وقطرية ولبنانية، إضافة إلى جولة قام
بها بن جدو في أوروبا وأميركا الجنوبية، لطرح أسهم القناة، حيث طرح سعر سهم الشركة
بـ 100 دولار أمريكي للسهم الواحد..
أما الجواب الثاني الذي نعرضه كما
تردد، فيشير إلى أن أمين حزب الله السيد حسن نصرالله، تدخل شخصيا لفض خلاف نشب بين
غسان بن جدو وشريكه السابق في مجلس إدارة “الميادين”
السيد نايف كريم، وقد دفع السيد نصرالله أربعة ملايين دولار أميركي ثمنا لحصة كريم
الذي شغل منصب رئيس مجلس إدارة محطة “المنار”، قبل أن يستقيل من منصبه
ليغادر الى دبي، ويظهر بعد ذلك في “الميادين” شريكا لبن جدو!
وقد رد بن جدو على هذه الأخبار، فقال:
“
لا أعتقد أن السيد نصر الله لديه الوقت حتى يفرغه لمسألة
تعني قناة ما.. حتى
“المنار” المسؤول عنها هو السيد
هاشم صفي الدين، وليس الأمين العام، الذي لديه إستراتيجية كبرى وقضايا أكثر أهمية،
وأجزم بأنني لم أتلق دولارا واحدا من السيد أو حزب الله، فكيف الحال بأربعة ملايين
دولار، بحسب بعض وسائل الإعلام؟! وأضاف: “الحديث عن تمويل إيران للمحطة، ليس
جديدا، ولكن الناس تحدثوا ايضا عن تمويل سوري، وقطري، وحتى تركي.. وهنا أسأل: كيف
يتقبلون أن تمول قنوات لبنانية أخرى مثل الـ LBC
والجديد والمستقبل من قبل أشخاص، وقنوات مصرية وتونسية من
قبل رجال أعمال (رجل أعمال واحد وراء كل قناة)، ولا يتقبلون فكرة أن “الميادين”،
ممولة من قبل مجموعة من رجال الأعمال؟”!
السؤال الثاني الذي قد يسأله سائل هو
مدى قدرة القناة على منافسة قنوات أخرى ذات الإتجاه البرامجي نفسه كالجزيرة التي
غادرها بن جدو والعربية التي لها ثقلها في عالم الإعلام المرئي.. وحول ذلك، كان بن
جدو قد قال: “القناة لن تنافس زخم القنوات الفضائية
العربية التي أصبحت نسخا متطابقة”، ما يعني بأنها ستناقش ذات
القضايا إنما من زاوية مختلفة..
وللقناة حسب تحليلنا نقاط قوة كبيرة، شريطة
أن تسير على الخط الذي أعلنت أنها رسمته لنفسها وشعاره الأساسي “الواقع كما
هو”، أي أن القناة لن تُحرض ولن تثير الفتنة وستتعامل مع كل الملفات بحيادية
وموضوعية، لكن درجة تقبلها تتوقف على نسبة تقبل الجمهور العربي لموضوعية ينفر منها
في كثير من الأحيان، فيلجأ إلى القنوات التي تتحدث بلسانه وتتعصَب كما يتعصَب هو!
إذا، فإن نجم المحطة الإعلامي الذي لم
يفشل يوما وبقي نجمه ساطعا، يقف أمام تحد كبير، لأنه وجه المحطة الأبرز وحصانها
المقاتل.. فهل ينجح بن جدو في ترسيخ مكانة “الميادين” على خارطة الإعلام
العربي أم يفشل؟!