يطل علينا الزعماء يوميا و في كل ساعة ليتحفوننا بتحاليلهم السياسية و الوطنية و تحذيراتهم من مخاطر الجوار المشتعل. فيشعلون في قلوبنا ثورة تجتاح العقل و الجسد … تدفعنا إلى ضرب الحسد من أي جهة أتى و كيفما أتى … فكانت المقاومة على شتى أشكالها مادية معنوية فكرية و عسكرية …
و لكن ماذا إذا كان المعتدي من الداخل على الداخل؟
نتغنى في كتب التاريخ و الجغرافيا بمياه لبنان و صحة مياة لبنان و غزارة مياه لبنان … فهذه المياه، و قبل بدعة الغاز، كانت تشكل الثروة الطبيعية و الهائلة للجمهورية اللبنانية و التي يتنازع عليها علنا و سرا أشقاؤنا و أعداؤنا. إلى أن قررت الخطوط الجوية اللبنانية الرسمية، شركة طيران الشرق الأوسط، أن تقدم لزبائنها الكرام – و على متن رحلة منطلقة من بيروت – مياه تركية ضاربة بعرض الجو ثروة لبنان، كرامة طبيعته و دعمها الإقتصادي لشركات المياه اللبنانية الحائزة على علامة الجودة (من دون أن نغفل عدد من الشركات الغير مرخصات و الواجب إقفالها بالشمع الأحمر).
و مع هذه المياه التركية، و التدخل التركي في السياسة العربية، و الهجمة الدرامية التركية، باتت السلطنة التركية واقعا قد لا يكون أسوأ من الواقع اللبناني الحالي.
تلك ليست هجمة على طيران الشرق الأوسط التي ندعم و نقدر؛ إنما على سياسة إقتصادية تتداخل فيها عوامل عدة. إلا إذا كانت الشركة الوطنية غير راضية عن جودة المياه اللبنانية و هنا المصيبة أكبر و أكبر يهتز لها عرش صنين …