صادف
يوم 20 تشرين الأول من هذا العام مرور 22 عاما على توقيع اتفاقية حقوق الطفل
واليوم العالمي به، فوفق هذا القرار الممهور بختم معظم دول العالم فإن لكل طفل
حقوق وعلى الدولة وكذلك المجتمع واجبات: تعليم، صحة، رعاية اجتماعية، ترفيه، عيش
كريم دون خوف، مساواة وعدم التمييز بسبب اللون والجنس والدين والانتماء والأصل
الاجتماعي والثروة والنسب، النمو الطبيعي جسميا وعقليا وخلقيا وروحيا في جو من
الحرية والكرامة، الضمان الاجتماعي، الحد الكافي للغذاء والمأوى والسكن، والأهم
تمتعه بطفولته.. الخ
ولكن
كيف يعيش الطفل العربي؟
ما
زال الطفل العربي يعاني من أبسط حقوقه، ابتداء من حقه بحنان ورعاية الأم والاب له
وحتى التعليم والصحة والأمان في بلدان ما زال شبح الحروب والطائفية والثورات وعدم
الاستقرار يسيطر عليها. فذاك الطفل الفلسطيني
مازال تحت وطئة الاحتلال ينتظر أن يعترف به كإنسان له حق الوطن. وذلك الطفل في العراق يموت من الحروب والإرهاب
ناهيكم عن أمراض السرطان والتلوثات البيئية، وإذا عاش طفل أو اثنين من أطفال
العراق فإما يكون يتيما لأن أحد أبويه قتل بانفجار أو يكون بلا حياة قتله الخوف من
الصدمات النفسية، أما إذا كان هناك ثالث فيعيش عاملا أو مشردا في الشوارع.
ناهيكم
عن أطفال تولد وتسجل مكتومة القيد أو أخرى ليس لها حق التعليم والطبابة والصحة،
فإما يموت على باب المستشفى أو في بيت أهله لعدم وجود كلفة العلاج.
وآخرون
في بلدان لا يعرفون معنى الحنان من الأم والأب تجدهم قد كبروا قبل أوانهم يتحملون
آهات الأهالي ومشاكلهم الاجتماعية، والجزء الأكبر متمرد على الحياة فلا يعرف لماذا
هو في هذه الدنيا حيث تتوفر له المستلزمات المادية ولكن يفقد التوجيه والرعاية
وقبل كل شيء دفئ وحنان الأسرة والقيم والخلق.
هل
هناك أمل للطفل العربي في ظل السياسات والحركات السياسية بعيدا عن هموم الاقتصاد
والزعامة والسياسة وتفاقم الصراعات الاجتماعية والقومية والطائفية في الوطن
العربي؟
إن
صورة الطفل العربي مؤلمة، فمشهد الطفل مختلف عما يجب أن يكون عليه، البراءة اختفت
من العيون حتى في أفلام الكارتون ومناهج التعليم، والحنان الممزوج بدفئ الأسرة بات
شيء من الماضي، وأحلام الطفولة بمستقبل غاب مع غياب المجتمع والقيادة.
احتفل
العالم يوم 20 تشرين الثاني بالطفل، وكل وسائل الاعلام تعمد على تغطية المناسبات
والاحتفاليات الاجتماعية فيظهر المسؤول مع مجموعة من الاطفال والمسؤولة مع عدد آخر
بهدية أو عزيمة غداء، لتختفي الصورة بعد ذلك على مدار العام إلا في شهر رمضان أو
أعياد الميلاد.
إن
الواقع الراهن للطفل العربي الذي بالأساس هو عماد المستقبل لمجتمعه وبلده لا يدل
بل لا ينبأ بالخير، أجيال تنمو على العنف وفقدان أبسط الحقوق وهي الرعاية بداخل
الأسرة وحنانها، ليأتي التفرقة الاجتماعية وتحطيم الآمال بالماديات بعيدا عن
الفكر، وعدم توفر الرعاية الثقافية وكذلك الصحية سواء النفسية أو الجسدية. الطفل العربي لا يشعر بالأمان والاستقرار في
البيت والوطن.
لا
بد من وضع حد للجرائم التي ترتكب بحق الأطفال في الوطن العربي، الجرائم لا تعني
الحروب والقتل والدمار فحسب، بل كل شيء يفقد الطفل براءته واحساسه بانسانيته
وكرامته ومستقبله هو جريمة.
يشكل
اليوم العالمي للطفل مناسبة ملائمة لإعادة التأكيد على حق الأطفال في التمتع
بالحماية والحصول على التعليم والغذاء والمياه والرعاية الصحية وقبل كل شيء الحب
والحنان والاستقرار والأمان في الاسرة والمجتمع والوطن.
لذلك
يجب مساءلة الذين ينتهكون حقوق الطفل.
ولكن
من ينتهك حقوق الطفل: الأم، الأب، المجتمع، الحكومة، الساسة؟
ينتهي
القول في هذا اليوم عن حلم مريم من مخيم شاتيلا لللاجئين الفلسطينيين في بيروت
“بكره جاي ورح يكون حلو زي الشكولاته”.