10 سنوات مضت على إنطلاق اليوم العالمي للمتطوعين والذي يصادف يوم 5 كانون الأول من كل عام. هذا العام هو عام التطوع والمتطوعين، والأبرز فيه هو تسليط الضوء على دور المتطوعين من الشباب في برامج التنمية المستدامة.
قد يظن كثيرون أن العمل التطوعي هو تغطية لأوقات الفراغ عندهم، بينما ينقصهم مفهوم التطوع ألا وهو الإلتزام بمبدأ وبقضية ما يعطي من خلالها المتطوع وقته وعلمه وفكره وأيضا جهده لتحقيق الغاية المنشودة لتنمية المجتمع.
حركة التطوع شيء ليس بالجديد على المجتمعات العربية، فمبدأ التكافل الإجتماعي والمساعدة، جزء من العادات والتقاليد العربية، ولكن في السنوات 15 الأخيرة انتشر مفهوم جديد للعمل الاجتماعي والذي صار أشبه بالموضة العصرية لمن لا عمل له، أو حتى ظاهرة من ظواهر التباهي لتزيين الصورة الاجتماعية، ومعها غاب مبدأ الالتزام في الأعمال الخدماتية والمجتمعية. لذلك نلاحظ إنتشار الجمعيات الأهلية ذات الهدف الواحد وغياب استراتيجية العمل عنها والتعاون، ومعها انتشرت حاجة المجتمع الأكبر للتنمية..
ومع أن تقرير منظمة الأمم المتحدة، الذي صدر هذا الشهر، يبين أهمية المتطوعين في تحقيق برامج التنمية المستدامة وضرورة تمكين الشباب واستثمار قدراتهم وتطوير منهجية تفكيرهم للعمل التطوعي، إلا أن الشباب العربي يعد من أكثر الشباب في العالم حبا للعمل التطوعي والتزاما به وبمبادئه، فهو وعلى الغرار من ذويه عنده من الطاقة البناءة والقدرات للعطاء والحماس للعمل، ولكن ينقصه امتلاك الخبرة والمنهجية التي يمكن أن تشكل أحد أهم روافد التنمية المجتمعية، فالشباب العربي ينقصه التوجيه.
هذا وقالت الأميرة الدكتورة نسرين الهاشمي المدير التنفيذي لمنظمة Royal Academy of Science International Trust /RASIT ، أن الظروف الاقتصادية السائدة وضعف الموارد المالية للمؤسسات الشبابية وسيطرة بعض الأنماط الثقافية في المجتمعات العربية كالتقليل من شأن الشباب وحب المظاهر وضعف الوعي بمفهوم وفوائد المشاركة وإقصاء الشباب وعدم السماح لهم للمشاركة في اتخاذ القرارات وقلة البرامج الموجهة للشباب وغياب وجود سياسات داعمة لعملية المشاركة، وإقصائهم عن عملية صنع القرار في المراكز المتقدمة ضمن البنى الهيكلية المجتمعية، كل هذا أدى إلى خلق حالة من التنافس وعدم التكاملية وغياب التنسيق والعمل المشترك بين المؤسسات الأهلية والحكومات والأطر الشبابية، هذا وغيره من معيقات تثير التساؤل عن الأسباب المؤدية إلى عزوف الشباب عن الاستمرارية في المشاركة بالعمل التطوعي.
كما ورأت من جانبها أن الإستراتيجية الأساسية تتمثل في دعم مشاركة الشباب في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتي تعزز من تمكين الشباب باعتبارهم مشاركين وصانعين لعملية التنمية والبناء وهي فرصة أيضا للشباب للمشاركة في تحديد أولوياتهم واحتياجاتهم والمشاركة في اتخاذ القرارات، كما أنها تؤسس لأشكال عدة من الشراكة الفعلية بين مختلف الشرائح والقطاعات وبين المنظمات الدولية وغير الحكومية. إن استمرار تجاهل قضية الشباب في المجتمعات العربية وموقف اللامبالاة مما يجري حولهم هو نتيجة حتمية لسياسات التجاهل لمواجهة قضاياهم. إن كل هذا وذاك سيعزز من تهميشهم وسلبيتهم والتأثير على سلوكهم ومشاعرهم، مما سيؤدي إلى أن يكونوا طاقة كامنة محايدة لا يستفاد منها. وشددت الأميرة الدكتورة نسرين الهاشمي على أن تعميم ثقافة العمل التطوعي ليس مسؤولية جهة بعينها، وإنما هو مسؤولية وطنية تلعب فيها المؤسسات دورا فاعلا ومؤثرا، لا سيما مؤسسات التنشئة الاجتماعية على اختلافها، إلى جانب المؤسسات الأهلية والحكومية، خاصة المؤسسات التي تعنى بالعمل التطوعي وبإعادة الاعتبار له وتطويره. وبالتالي، فلا بد من الوصول إلى بلورة مشروع قانون ينظم العمل التطوعي في الوطن العربي موازيا للخدمة الاجتماعية أو الوطنية. وكمقدمة لذلك يجب البدء بترسيخ مبدأ العمل التطوعي من الأسرة أولا والمدرسة ثانيا مرورا بمؤسسات التعليم العالي ودور العبادة ووسائل الإعلام، بأشكال وطرق ابتكاريه مختلفة وذلك من أجل تقوية روح العمل التطوعي في المجتمع. وأكدت المدير التنفيذي لـ RASIT على أهمية إنشاء مركز دراسات يُعنى بالعمل التطوعي ودعم جهود الباحثين لإجراء المزيد من الدراسات والبحوث العلمية حول العمل التطوعي، مما يسهم في تحسين واقع العمل الاجتماعي بشكل عام، والعمل التطوعي بشكل خاص.
هذا بالإضافة لتشكيل مجلس أو هيئة وطنية في كل بلد عربي للعمل التطوعي لتشجيع المتطوعين وتحفيزهم ولدعم المؤسسات والهيئات التي تعمل في مجال العمل التطوعي بما يمكنها من تأدية رسالتها وزيادة خدماتها، وتفعيل دور وسائل الإعلام المختلفة للقيام بدور أكبر في نشر وتعزيز ثقافة العمل التطوعي، وبضرورة تناول البرامج الدراسية للمؤسسات التعليمية المختلفة من خلال المقررات الدراسية التي تركز على العمل التطوعي وأهميته ودوره التنموي. كما وحيت المدير التنفيذي لمنظمة RASIT الدور المتقدم للشباب العربي وإصراره وعزيمته لقيادة التغيير وصنع المستقبل قائلة: “إن ملايين الشباب العربي لم يتحركوا بعيدا عن واقعهم الاجتماعي وهموم شعوبهم، لقد برهن هؤلاء الشباب عن وعي عميق لذاتهم وانتمائهم وهويتهم الحضارية والثقافية، كما عبروا عن وعي عميق لتاريخهم، وفي هذا اليوم فرصة للتأكيد على أهمية دور الشباب في كل جهد ومسعى لتحقيق النهضة بمختلف المجالات العلمية والفكرية والثقافية والاجتماعية للتقدم والتنمية”.وأكملت الأميرة الدكتورة نسرين الهاشمي حديها قائلة: لأكثر من 42 عاما ونحن أعضاء منظمة RASIT نعمل على خدمة الإنسان، نطرح القضايا التي تهم البشرية.. نقدم المساعدات والدراسات للأفراد والمنظمات والحكومات، وما زلنا في هذا التقليد لخدمة المجتمعات والانسانية في أي مكان وفي كل مكان، خلال السنوات قمنا بأعمال كثيرة وتطبيقاتها خير دليل على الجهود المعطاة، هذه الأعمال الهائلة هي ثمرة العمل التطوعي.. الكل من أعضائنا من أساتذة ووعلماء وباحثين وحقوقيين واقتصاديين واعلاميين وطلاب وشباب أعطوا الجهود والوقت.. العلم والفكر، لتنمية الانسان لأنهم يؤمنون بالقضية، وقضيتنا هي العمل من أجل الإنسان في التعليم والعلوم والثقافة وكافة المجالات.. حققنا نجاحات كثيرة وما زلنا، كل هذا بفضل الإيمان بأهمية العمل التطوعي في التنمية المستدامة.. في هذا اليوم العالمي للمتطوعين نقدم جزيل الشكر لكافة أعضاء منظمة RASIT الذين أضاؤوا معنا شعلة العلم والعمل والنجاح. Royal Academy of Science International Trust (RASIT) هي منظمة دولية غير حكومية تأسست عام 1968 وتعمل منذ العام 1969 في خدمة التعليم والانسانية تحت مظلة الأمم المتحدة ورئيسها المؤسس سمو الأمير الدكتور محمد بن الملك فيصل الأول بن الشريف حسين الهاشمي. وقد تم افتتاح المكتب الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لبنانتحت اسم: RASIT Middle East & North Africa Region من أجل العمل على تنفيذ برامج المنظمة في لبنان والوطن العربي التي تعزز تطوير البحوث والتعليم والاقتصاد والطب والمهن وذلك من خلال التواصل والتعاون مع الهيئات الدولية والحكومية والمحلية لتنمية الانسان. فعلى مدار أكثر من عقدين قدمتRASIT العديد من البرامج والإنجازات في المنطقة العربية، وتتطلع RASIT لمزيد من التعاون مع ذوي الاختصاص بكافة المجالات العلمية والأدبية والقانونية لخدمة المجتمع اللبناني والعربي.