قررت إدارة فندق البريستول في رأس بيروت إقفال أبوابه نهائياً، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية العامة في لبنان. وهذا مؤشر اضافي وخطير على احتضار قطاع الاعمال للعاصمة اللبنانية ومعالمها.
وتناقلت وسائط التواصل الاجتماعي الخبر، لتضم الفندق إلى سلسلة معالم العاصمة الغاربة، وخصوصاً في شارع الحمراء ورأس بيروت: مقاهي شارع الحمراء، ومطاعمها، الأكسبرس، الهورس شو، الكافي دو باري، المودكا، الويمبي، فيصل، السمغلرز إن، الباك ستريت. وكذلك دور السينما كلها التي يتجاوز عددها ال١٢ .
لولا بقاء الجامعة الأميركية وتوسع مستشفاها لكانت منطقة رأس بيروت خلت تماماً من معالمها التاريخية الناشئة في مطلع القرن العشرين. وشارع الحمراء انطلق انطلاقته الكبرى في مطلع ستينات القرن العشرين، بعدما أخذ وسط بيروت التجاري التقليدي يواصل تراجعه، وانتقلت الأنشطة التجارية والثقافية والترفيهية منه إلى الحمراء الذي اكتسب شهرة عربية وعالمية.
أما فندق البريستول المتربع على تلة مشرفة على رأس بيروت وشارع الحمراء، فكان فتح أبوابه منتصف القرن العشرين بهمة آل ضومط. وما لبث أن صار من معالم السياحة اللبنانية والبروتية للرعايا العرب والسياح الأجانب. فاستضاف رؤساء دول، وصار مقصداً للصحافيين والنخب الثقافية والاجتماعية والسياسية من اللبنانيين والعرب.
وكتب الصحافي نجيب خزاقة على صفحته الفيسبوكية أن البريستول كان مقصداً “لمحبي السهرات المميزة، والأطباق المميزة التي كان يعدها الشيف جورج الريس، الذي منح نكهة خاصة للمازة اللبنانية للمأكولات الشرقية من مطابخ اسطنبول وحلب والشام وطرابلس وبيروت”.
وظل البريستول يفتح أبوابه على الرغم من مآسي الحرب وقتال الميليشيات في الشوارع، وفي زمن الحصار الإسرائيلي لبيروت الغربية، ودخول الجيش الإسرائيلي إليها صيف 1982.
وقد تحولت صالات البريستول مركز لقاءات سياسية موسعة وضيقة لرجال السياسة. ومن تلك اللقاءات الموسعة ذاك الذي وضع النواة الأولى لولادة قوى 14 آذار لمجابهة الوصاية السورية على لبنان، قبيل اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005.
وعانى الفندق من الحصار السياحي الذي ضرب لبنان، منذ 2014، ولكنه استمر يعج بالوافدين العرب، وخصوصاً السوريين والأردنيين.
وفي 2013 كان ملّاك البريستول في صدد ترميم الفندق وتحديثه. لكن انهيار اقتصاد لبنان المتدرج، حال دون استكمال تلك الخطوة.
وجاءت جائحة كورونا لتكمل هذا الانهيار. فاستغلتها المنظومة السياسية الحاكمة وسيلة لئيمة للظهور في مظهر المنقذ للبلاد وهي التي كانت السبب في إفلاسها بالكامل.