صحيح أن الصحافة هي مهنة المتاعب، لكنها أيضا ودون أي شك مهنة الثرثرة الـ Gossip، تقوم على القيل والقال وصرح فلان وحكى آخر وشوهدت النجمة فلانة في المطعم الفلاني وقد زاد وزنها وإنتفخ بطنها، أو نجمة أربعينية على علاقة بشاب يصغرها بعشرين سنة أو عقد الفنان فلان خطوبته بسرية تامة على شابة من خارج الوسط الفني.. إلخ!
ووسط هذا الزخم من الثرثرات، كم جميل أن نقرأ مقالا يضيف الكثير إلى معلومات ربما تفوتنا نحن الجيل الجديد من الصحافيين، كما تفيد القراء، تماما كما في المقال الذي نشرته مجلة “الشبكة” البارحة ووقعه الصحافي الأستاذ الياس حداد، وجاء فيه:
عندما قدمت الفنانة إليسا “عَ بالي حبيبي” إعتبر النقاد أن هذه الاغنية هي قفزة رومانسية في مسيرتها الغنائية بالنظر إلى تكاملها كلاما، ولحنا وموضوعا..
وبالرغم مما حظيت به هذه الاغنية من تأييد واعجاب، إلا ان البعض سجل ملاحظة على عبارة وردت فيها لم تكن.. حقيقة، سهلة على السمع للوهلة الأولى.. وهذه العبارة هي التي تقول:
– وجيب منك إنت طفلك إنت..
وقد إعتبر هذا البعض المعترض، أن هذه الكلمات، تعطي “صورة جنسية” للزواج كان من الافضل لو وضعت في غير إطار… وخصوصا – وهنا بيت القصيد – أن احدا من قبل لم يسبق أن رسم مثل هذه الصورة في اغنية لبنانية..
ولكن.. لا..
هنالك حقيقة لا يعرفها كثيرون.. وهي، أن مثل هذه العبارة الصورة قد وضعت في أغنية
لبنانية كان من المقرر أن يغنيها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، قبل أن تتحول هذه الأغنية إلى اللهجة المصرية..
ما هي هذه القصة النادرة؟
وما هي العبارة التي وردت فيها، ولماذا لم يغنها.. فها هي؟ إسمعوا:
أواخر الستينيات، كان الشاعر الغنائي اللبناني عبد الجليل وهبي يملك مطعما أطلق عليه اسم “ليتوال” وكان فعلا مقصدا لنجوم الفن من كافة البلدان العربية..
وذات يوم زار الملحن بليغ حمدي صديقه الشاعر في مطعمه، وخلال الدردشة التي دارت بينهما، طلب الأول من الثاني أن يحضر له اغنية يلحنها للعندليب عبد الحليم حافظ..
وبعد فترة قصيرة، طلع من شاعرنا الكبير أغنية جاء مطلعها على الشكل التالي:
الهوى هوايا
لابنيلك قصر عالي واحميك من الليالي
وجيب منك عيالي شبان وصبايا
ولكن الملحن بليغ حمدي، وبعد قراءته كلماتها، اعترض على عبارة “وجيب منك عيالي” بحجة انها لم تلامس إحساسه التلحيني، وكان أن تحفظ تجاهها..
وهكذا..
كان العندليب عبد الحليم حافظ سيسبق الفنانة إليسا في إظهار هذه الصورة في الزواج منذ اكثر من أربعين عاما تقريبا في عملية توارد خواطر نادرة الحدوث بين جيلين مختلفين..
اما الاغنية بموضوعها، وعنوانها وبعض كلماتها، فقد حملها الملحن البليغ الى مصر، طالبا من الشاعر عبد الرحمن الأبنودي كتابتها من جديد محافظا على روحها.. حيث صارت كما يغنيها الحليم:
الهوى هوايا.. لابنيلك قصر عالي.. واشغلك عقد غالي ..واقطف نجم الليالي ..أهديه لأحلى الصبايا
وقد قدم حليم هذه الاغنية في فيلم “أبي فوق الشجرة” عام 1969 وأحدثت الضجة العجيبة لدى الجمهور العربي..
فهل كان من فرق في الصورة الغنائية لو قال الحليم : واجيب منك عيالي شبان وصبايا
وقالت اليسا: وجيب منك إنت طفلك إنت؟