يستعد العالم لاستقبال عام جديد وتوديع آخر،وما بين العامين دقائق من الجنون تعتري العالم وشعوبه كأنها هستيريا تنتشر كعدوى تضرب العقول وتعطلها ، وإذا كان المحتلفين بليلة رأس السنة هم مليارات من البشر ، فهناك أيضاً مليارات أخرى تفضل البقاء في منازلها تعيش ليلاً عادياً ينتهي عندها بطلوع الفجر ، وهناك مليارات تترقب عامها الجديد في توقيت مختلف عن الموعد التقليدي المشهور لبداية عام ميلادي جديد ، ففي فارس يعتمدون التقويم الشمسي ويبدأ العام في آذار ، وفي الصين يحل العام الجديد في شباط.
ولهذا الاحتفال بعيد رأس السنة جذور تاريخية فالسومريون الذين اهتموا بالتداخل بين السنين جعلوا الفصل بين العامين يتفق على الاقل مع الفرق بين الفصول، أما المصريون القدماء فاتخذوا يوم الاعتدال الخريفي بداية لسنتهم الجديدة التي كانت تبدأ في 11 أيلول حسب الموسم الزراعي، أما اليونانيون فخلطوا بين الاسطورة والواقع ورمز اليونانيون الى السنة بالاله بروسيفون، وفي التاريخ القديم نجد أن الحيثيين في عهد باركليس في القرن الخامس قبل الميلاد كانوا يحتفلون بعيد رأس السنة في منتصف الصيف أواسط تموز حيث موعد الحصاد ونضج الثمار .New Year History Ancient Greeks began their new year with the new moon after June 21.
وبدأ اليونانيون القدماء السنة الجديدة مع القمر الجديد بعد 21 يونيو،Before the time of Julius Caesar the Roman new year started on March 1. قبل وقت يوليوس قيصر الروماني العام الجديد بدأت في 1 مارس،In most European countries during the Middle Ages the new year began on March 25, the day of the Feast of the Annunciation. في معظم البلدان الأوروبية خلال العصور الوسطى بدأت السنة الجديدة في 25 مارس ، وهو يوم عيد البشارة.
وفي سنة 153 قبل الميلاد عين الرومانيون الأول من كانون الثاني رأسا للسنة الجديدة فهذا الشهر كان مخصصاً في معتقداتهم للإله جالوس ذو الوجهين وهو عندهم إله البداية ينظر بأحد وجهيه الى الماضي وبالآخر الى المستقبل.. ثم تبدل الأمر في فرنسا في عهد السلالة الميروفنجية حيث كان العام يبتدئ في الأول من آذار وهو موسم الاعتدال الربيعي ولكن وبمجيء شارل التاسع قرر رغم المعارضة الشديدة في مجلس النواب أن يبدأ العام دائماً كما كان عند الرومانيين في الأول من كانون الثاني أما الإنكليز فحولوا عيدهم السنوي الى 15 آذار وظلوا يحتفلون به في هذا الموعد حتى سنة 1758 ثم اقتدوا بعد ذلك بقرار الملك الفرنسي شارل التاسع.
وتروي بعض مصادر التاريخ أن روميلس مؤسس روما كان قد اقنع تاسيوس ملك السابينيين بالصلح والتحالف في أول كانون الثاني ولما ذهب الوفد الروماني لمقابلة الوفد السابيني في غابة الزيتون بين حدود البلدين خطر لاعضاء الوفدين ان يقطعوا بعض الاغصان الخضر ويقدموها هدية الى بعضهم البعض فاعتبرت هذه أول “بسترينية” وهي عبارة عن هدية متواضعة ومهمة في آن واحد لدلالتها على السلام والقوة.. ومن يومها اعتمد الرومانيون عادة الاهداء في رأس السنة ودرج تقليد أن يقدم الموظفين الذين تنتهي مدة خدمتهم كراسيهم الى المنتخبين الجدد في العام الجديد ليخلفوهم ، وأصبح عيد رأس السنة عند القرويين يسمى بعيد البسترينية .
يعتبر تاريخ الاحتفال برأس السنة في روسيا قصير نسبياً، فعادة الاحتفال بالعيد وتسميات الشهور أتت الى روسيا من أوروبا، أما روسيا القديمة فعرفت تسميات الاشهر السلافية المتفقة وظواهر الطبيعة في هذا الحين أو ذاك.
ومنذ اعتناق الدين المسيحي في روسيا بدأ تعداد التواريخ من شهر مارس/آذار أو من عيد الفصح أحيانا. وفي عام 1492 اصدر الأمير إيفان الثالث مرسوما يقضي باعتبار 1 سبتمبر/ايلول بداية للسنة وجنى ضريبة بهذه المناسبة، قام القيصر بطرس الاكبر بتغيير جذري لنظام التقويم، وأمر ببدء تعداد التواريخ في السنة الاولى للقرن الثامن عشر ابتداءً من ميلاد السيد المسيح وليس من موعد خلق الدنيا. وقرر القيصر استعارة تقاليد الاحتفال بعيد رأس السنة من هولندا وغيرها من الدول الأوروبية الغربية لتطبيق التقويم الموحد مع شعوب اوروبا الغربية وغيرها من الشعوب التي تحسب التقويم ابتداءا من ميلاد المسيح وليس من موعد خلق الدنيا الوارد في التوراة، وأمر القيصر باعتبار يوم يناير/كانون الأول يوم حلول السنة الجديدة.
أحب القيصر العادات الاوروبية فأمر بأن يشهد هذا اليوم إطلاق النار من البنادق والمدافع واضاءة الأنوار وإطلاق الصواريخ الملونة،وبحلول صباح يوم 1 يناير/كانون الاول عام 1700 قدم القيصر ليقود مسيرة احتفالية مهيبة انتهت بألعاب نارية مدوية واطلاق المدافع. وشهد اهالي موسكو في مساء اليوم نفسه اطلاق الصواريخ البارودية الملونة.
مازالت الشعوب حول العالم تجتمع ليلة اليوم الاخير للسنة القديمة استعداداً لاستقبال السنة الجديدة، والقاسم المشترك لهذه الاحتفالية هو تناول وجبة فاخرة ومعها ما لذ وطاب من الحلويات والمشروبات. وتختلف هذه الوجبة باختلاف العادات الثقافية التقليدية والاعتقادات الدينية والبيئات الجغرافية وغيرها في بلدان العالم .
فالهنود لا يأكلون منذ فجر اليوم الاول للسنة الجديدة حتى منتصف الليل، وبعد ذلك يبدأون بوضع الاطعمة المختلفة والأطباق الشهية على الموائد ويتناولها أفراد العائلة والاصدقاء .
الفرنسيون يستقبلون العام الجديد بشرب الخمور القديمة المخزونة في بيوتهم معتقدين بأن هذه الخمور قد تسبب الشر والضرر إذا ظلت مخزونة حتى مطلع السنة الجديدة، لذلك يفضلون شربها بدلاً من تركها مخزونة في بيوتهم .
ويقال أن شعب الباراغوي يمتنع عن تناول الأطعمة الساخنة لمدة خمسة أيام قبل حلول عيد رأس السنة الجديدة ، ويتناولون فقط المأكولات الباردة. ومع دقات أجراس عيد السنة الجديدة يبدأون باعداد الاطعمة المختلفة على مواقد النار ترحيبا بقدوم السنة الجديدة .
وفي مدغشقر يمتنع الناس عن أكل اللحوم لمدة سبعة أيام قبل حلول عيد رأس السنة الجديدة وفي الليلة الاخيرة للسنة القديمة يتناولون فقط بعض لحوم الدجاج والدواجن الأخرى، وفي اليوم الأول للسنة الجديدة يقدم الزوج والزوجة لوالديهما ذيل الديك تعبيراً عن احترامهما لهم، ثم يقدمان مخالب الديك لاخوتهم وأخواتهم تعبيراً عن العناية والحب .
ويمتنع النمساويون عن أكل سرطان البحر في عيد رأس السنة الجديدة معتقدين بأن السرطان حيوان يسبب الأضرار للعائلة والعمل .
ويشعل أبناء بعض الاقليات القومية في شمال فيتنام ليلة اليوم الاخير للسنة المنصرمة البخور بجانب البئر أو ضفة النهر التي يجلبون منها الماء. ثم يبدأون في منتصف الليل بإعداد عشاء فاخر لأفراد العائلة جميعا بعد حضورهم مراسم تقديس أبائهم وأجدادهم، وخلال تناول الوجبة يمتنعون عن شرب الحساء معتقدين أن ذلك يسبب أضرارا لمزروعاتهم في الحقول.
وفي المجر يمتنع الشعب المجري عن تناول لحوم الدواجن في ليلة رأس السنة الجديدة لاعتقادهم بأن أجنحة الدواجن تحمل بعيداً الحظ السعيد في السنة الجديدة،وفي اليوم الأول من السنة الجديدة يقدمون لأقربائهم وأصدقائهم هدايا عليها رسم يمثل عاملاً يقوم بتنظيف المدخنة، وهى إشارة إلى إزالة الاشياء القديمة والترحيب بقدوم السنة الجديدة.
ويتناول الاسبان في ليلة اليوم الأخير للسنة العنب بعد الاستماع الى دقات أجراس الكنائس، وهم يتناولون اثنتي عشرة حبة من العنب فقط معتقدين بأن لكل حبة معنى معيناً فالحبة الأولى ترمز إلى السلامة أما الأخرى فترمز إلى الانسجام والسرور والثراء والوئام ومنع وقوع الكوارث والصحة والازدهار التجاري والتوفيق في العمل .