لم يكن أحدٌ ليتوقعَ أن تتحولَ قضيةُ الحفلِ الموسيقي، الذي اتُهم منظموه بالترويج لـ”عَبدةِ الشيطان” في يحشوش، والتي تمت معالجتها في الحلقةِ السابقةِ من للنشر، بأن تتحول بامتياز إلى قضية الموسيقي وصاحب “الميوزيك هول” و “أمبراطور نويرستان” ميشال الفتريادس وتأخذَ شكلَ معركة مفتوحة، لم تقتصر على رجال الدين ممن يتهمونه بالترويج لشعاراتٍ مسيئةٍ للرموزِ الدينيةِ قام بتصميمها بنفسه وطلب من معملٍ لصبِّ التماثيلِ المعدنيةِ يمتلكه شخصٌ يدعى بولس أن ينفذها، حيث قامت القوى الأمنيةُ بمداهمة المعمل لتجد هذه التماثيل على شكل جماجم ورؤوسٍ حيوانيةٍ، ما دفعها لاستدعاء الفتريادس والتحقيق معه لمدة خمس ساعات…
ألفتريادس حمل تماثيله إلى برنامج “للنشر” واستفاض بشرح وجهة نظره كفنان تشكيلي خريج وصاحب أعمال كثيرة في هذا المجال، قيل أن يتهم حزب القوات اللبنانية بتركيب هذه التهمة عليه، وهو يخوض معركته الأكبر معها بعدما كان “موقع القوات” السبَّاق في نشر الخبر وبعنوان استفزازي هو “الاستماع إلى الفتريادس على خلفيةِ عبدة الشيطان”…!
بيار أبي صعب (نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار) الذي حضر مع ألفتريادس سخر من اتهامه وحتى من اتهام أشخاص يحترفون الموسيقى بأنهم من “عبدة الشيطان” معتبراً أن هذا الأسلوب يعيدنا إلى القرون الوسطى.
كلام ألفتريادس استدعى اتصالاً من جورج العاقوري (رئيس تحرير موقع القوات) رد خلاله عليه متهماً إياه بأنه يتوهم وجود حرب كونية عليه!
سليم عاكوم موظفٌ في شركة طيران الشرق الأوسط الـMEA جرى طرده من عمله بعد مشادةٍ بينه وبين علي حمد (مديرِ عام شؤون الرئاسةِ في مجلس النواب اللبناني) على باب الطائرةِ القادمة من مصر إلى لبنان، ، بعدما قيل إن الأخير أقدم على صفعه بسبب تباطؤه بفتح باب الطائرة للمسافرين…!
مديرُ عام الطيران المدني محمد شهاب الدين (وبعد طرد عاكوم) كان له أكثر من تصريح أكد فيه وقوع الحادثة وعملية الطرد، بينما آثر علي حمد عدم الرد إعلامياً معتبراً أن القضية شبه منتهية، متلاقياً مع تصريح لعاكوم بنفي حصول واقعة الضرب أو الصفع، أما رأي شركة طيران الشرق الأوسط فقد حضر للمرة الأولى على طاولة “للنشر” مفنداً الواقعة بكامل تفاصيله وذلك على لسان ريشارد مجاعص (مديرعام الشركة للخدمات الأرضية) منتدباً من قبل المدير عام محمد الحوت، مجاعص ألقى بكامل اللوم على الموظف عاكوم باعتباره هو من أساء للركاب لدى اعتراضهم على التأخير الحاصل بفتح باب الممر وبعدما تبين أن هذا الموظف هو المتسبب بالخطأ، ورغم محاولة ريما كركي لعب دور الوسيط لإعادة عاكوم إلى عمله، خصوصاً من خلال إشارتها بأن علي حمد الذي آثر عدم الظهور في البرنامج كان قد أكد من خلال اتصال معه من قبل فريق للنشر أنه لا يمانع لا بل يتوسط لإعادة عاكوم إلى عمله، لكن مجاعص لم يتجاوب مع هذه الدعوة معتبراً الإساءة إلى الركاب من قبل موظف هو خط أحمر لا يمكن للشركة تجاهله.
في وقت يتحاشى فيه كثيرون الاقترابَ من المقابر، خصوصاً في ساعات الليل حيث الظلام الدامس والوحشة التي تقشعر لها الأبدان، في هذا الوقت هناك من يجد في بعض هذه المقابر، ومن بينها مقابر باب الرمل- طرابلس (شمال لبنان) وتحديداً بعد منتصف الليل حين يخلو محيطها من المارة، مكاناً لممارسة شتى أنواع الموبقات، وهذا الأمر يتداوله أهل المنطقة منذ فترة طويلة. لكن ما حصل أخيراً تجاوز كل الحدود، كما أشار ربيع مراد مختار محلة الحدَّادين المحاذية لباب الرمل في طرابلس، والذي قال إنه جرى اكتشاف عملية نبش لأحد القبور وسحب جثة امرأة لم يمر على دفنها أكثر من شهرٍ ونصفِ الشهر ورميها بين القبور، هذا الى جانب ممارسة الدعارة وتعاطي المخدرات، وهي أمور موثقة بالصور، لكن بالرغم من ذلك لم يتحرك أحد حتى الساعة أقله من دار الفتوى، المطالبة بتحقيقاتٍ جدية بالأمر، ما يثير الريبة إزاء الغموض الكبير الذي يعتري هذه القضية.
فريق للنشر تابع القضية إسهاماً في رفع الصرخة بوجه هذا الانتهاك الفاضح لحرمة الإنسان عموماً وحرمة أمواتنا بوجه خاص، جامعاً المختار مراد مع الشيخ فراس بلوط (رئيس قسم الشؤون الدينية في دائرة أوقاف طرابلس) منتدباً من مفتي المدينة الشيخ مالك الشعار، حيث حصلت مواجهة بين الطرفين تبين خلالها أن القضية محط خلافات سابقة وأن التواصل بين الفريقين (المختار والشيخ بلوط) قد انقطع بعد الكثير من التباعد في وجهات النظر، ومن هنا كان الشيخ قد وضع استقالته من دائرة أوقاف طرابلس على طاولة “للنشر” في حال كان هو أو الأوقاف مقصرين في متابعة هذه القضية!
لم تنتهِ قضيةُ رجل الدين الذي يقوم بتزويرِ أوراقٍ ثبوتيةٍ وتأشيراتٍ ويحوِّل اللبنانيين إلى سوريين لتسهيل هجرتهم إلى أوروبا مقابلَ مبالغ مالية، لم تنتهِ عند المفاجأةِ التي أطلقها الأب عبده أبو كسم (رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام) من داخل أستوديو للنشر بأن هذا الشخص لا علاقة له بالكنيسة وهو منتحلُ صفة ولا بد من ملاحقته قضائياً، وبدلاً من تواريه عن الأنظار حضر مطالباً بمبلغ 25 ألف دولار من أحد أعضاءِ فريق للنشر، الذي كان قد أوهمه بأنه زبون… إلى أن تمت مواجهته بتسجيلاتٍ له تدينه بالصوتِ والصورة…
المزيد من تطورات هذه القضية خلال الأسبوع المنصرم أدت إلى حصول مواجهة جديدة وصولاً إلى مفاجأته أنه ليس أمام زبون بل أمام مندوب من “للنشر” فحاول عندها التنصل من مواقفه السابقة لكن تناقضاته ظهرت جلية في الشريط المعروض على الهواء.
إضافة إلى معاناتهم، والتي لم تعد خافية على أحد، يعيش السوريون النازحون إلى لبنان معاناة أخرى قد تكون خافية على الكثيرين، وهي بدل الإقامة لهم ولعائلاتهم في لبنان والتي تصل إلى مائتي دولار كل ستة أشهر للفرد الواحد بواقع 400 دولار سنوياً، وإذا افترضنا أن معدل عدد الأسرة الواحدة هو خمسة أشخاص نكون أمام ألفي دولار سنوياً للعائلة، يُشترط معها عدم ممارسة أي عمل على الأراضي اللبنانية… فمن أين سيأتي النازح بهذا المبلغ؟!
هذه القضية برسم المعنيين وهي قضية إنسانية بحتة لشعب شقيق لطالما التقينا معه في السراء والضراء.
لا يختلف اثنان على المعاناة الكبيرة التي يعيشها الشعب السوري داخل أرضه وخارجها منذ خمس سنوات تقريباً، كما لا يختلف اثنان على أن المدن المحاصرة هي الأكثر عرضة للمعاناة، وفي مقدمها مخيم اليرموك ومضايا وكفريا والفوعة ونبل والزهراء… لكن فجأة طفت مشكلة ما سمي بالمجاعة في مضايا على كل هذه المعاناة، وأهم من ذلك ما انتشر من صور مأساوية لأطفال ولعجائز تحولوا إلى جلد وعظم بسبب المجاعة، قيل إنهم من مضايا ليتبين أنها صور تعود لسنوات بعضها من أوروبا والبعض الآخر من لبنان (حيث الصور المركبة للطفلة مريانا التي تعيش مع عائلتها في قريتها الجنوبية “طير فلسيه” بأحسن حال)… والغريب أن تقوم قيادات وفعاليات من لبنان بالمساهمة في هذه الحملات التضليلية دون التدقيق بها…
بين حقيقة الحصار والتجويع وبين الصور المركبة للاستغلال تمت المواجهة بين ضيوف للنشر حول هذه القضية وقضايا التجويع والحصار للشعب السوري عموماً، حيث كان بين هؤلاء الضيوف مباشر عبر السكايب موسى المالح والذي يقول إنه “رئيس المجلس المحلي في مضايا”…
الشيخ بلال دقماق (رئيس جمعية إقرأ للتنمية الإجتماعية) حضر داخل الأستوديو وبالرغم من اعترافه بالفبركات الحاصلة حاول إعادة التصويب على حزب الله باعتباره يجوِّع المحاصرين بينما وحسب قوله “جبهة النصرة” لم تفعل ذلك بالأسرى من العسكريين اللبنانيين، ما استدعى رد ريما كركي معدة ومقدمة البرنامج قائلة أن النصرة قتلت أسرى عسكريين، ومع رده بأن القتل أفضل من التجويع تمت المواجهة مع ضيف الأستوديو الآخر الشيخ صهيب حبلي(الباحث في الجماعات التكفيرية ورئيس جمعية أُلفة) مشيراً إلى أن النصرة والمسلحين الآخرين هم من يقومون بتجويع المدنيين بسرقة المساعدات وبيعها، وكيف يتشدق البعض من “هيئة العلماء المسلمين” بجمع المال وإيصاله إلى مضايا طالما هناك حصار بينما الحقيقة أن المال يذهب إما للجيوب وإما للإرهاب!
ختام الحلقة كان مع زاهي وهبه الشاعر ومقدم البرامج صاحب الباع الطويل في هذين المجالين، وكثيرون يعرفونه ويتابعون برامجه ومحطاته، ولكن في هذه الإطلالة عبر للنشر وفي حوار من خارج السياق تعرف الناس على وجهٍ آخر لزاهي وهبي الشاعر والإعلامي والإنسان.