النقد الفني ليس مجالي و لن يكون… لست ضليعاً بالفن و لست عريفاً بأبعاده…
شاء القدر أن أشارك من يصفهم البعض بالتافهين، المجانين، الفاشيين (على وزن الفاشي أو الفاشن لا يهم)… شاء القدر أن أشاركهم بعض لحظات جنونهم في دبي… أم شئت أنا أن أشارك دبي بقدر من الجنون!
لا مكان للقواعد و لا مكان للقيود..إيماناً بالحريات أو إفراطاً بها.. إيماناً بالحوريات أو تعلقاً بأساطيرها.. و كم من حورية سطرت تعاليم الحياة.. و كم من حورية أحيت معالم خطت سطور من حولها…
وجب علي أن أجلس على المقاعد الأمامية، أنتظر إشارة المخرج مع إضاءة مسرح و خروج أول عارضة..و تتوالى الفاتنات، يعلو الصفيق، ينبهر الحضور، يعلو الصفيق، تتوالى الفاتنات، تتسارع الخطوات، تعاد الأزياء مجموعات، يقف الجمهور… و كما صمم الفعل / الأزياء أجاد تصميم ردة الفعل! كل ذلك كان وجب علي أن أقوم به… و لكن لا… فحيث لا قيود و لا قواعد، حيث يكون الإبتكار سيد المواقف…حيث يطفو سحر التصميم على رغبة التصميم…حيث تشعر بجاذبية لما وراء الحدث…حيث تتخبط المشاعر و تلاحق الأساطير، حيث كل ذلك تتناسى الواجب لا بل تتمرد عليه..تنسف شهرة التواجد في الصفوف الأمامية و تعود بذاتك إلى الوراء!
وجدتني في الكواليس، تارة أحاول مساعدة خفير النحل المتحلق حول الزهر، تارة أحاول استيعاب ما يجري من حولي و تارة أتأمل لحظات ربما لن تتكرر.
وجدتني في الكواليس… لا بل وجدتني في عمق الشغف، شغف إبراز ما لا يمكن لكائن أن يعبر عنه بالكلام أو النظرات…شغف ترجمته أنامل رسمت و تجسدت.
وجدتني في الكواليس محاطاً بحوريات ما تلبث خلع طبقات الرومانسية حتى تتحول إلى نساء وحيدات كمن عاصرن تراجيديا الحياة.
وجدتني في الكواليس، أسلم نساء عالمي و بكل سلام إلى ذاك القماش…واحد أكسو به ملكة وجودي و سره…و آخر ألف به عروس دنياي…و ثالث أصنع به من قوة أحزاني سلطنة أسراري… ومتى استطاع آدم إيداع الأم و الزوجة و الأخت مملكة الألوان دون خشية أو حياء، يومها فقط يستطيع البوح باستسلامه لموهبة عريف الفن…
و لحظة انتهاء العرض، تنبهت لتسمري خلف شاسة صغيرة في الكواليس… تنبهت لفرحي بنجاح و كأنه نجاحي… تذكرت خوف إنسان اليوم من سحر الحوريات.. حوريات حسين بظاظا سحرتني و ولدت في داخلي إرهابا على من ادعى ابتكارا في حضرة بكر التصميم الراقي الذي يليق بنسائي!
في تلك اللحظة وجدتني عاجز عن الكلام و تواق للكتابة… نقدي ليس بناء… فلست أنا من بنى الأحلام و جعل من الرجل داخلي عريفا أفخر به…