رغم أن كثيرين يُجمعونَ بأنه لا يجب مناقشة أو طرح أي قضية سياسية أو وطنية في قالب درامي إلا بعدَ مُضِي وقتٍ طويل على وقوعها، كي تتم مناقشتها بعيداً عن الإنفعال وبموضوعية مُطلقة، إلا أن مسلسل “سنعود بعد قليل” خرجَ من هذه الفكرة وأدخلنا في قلب الأزمة السورية من خلال دُريد لحام الذي غادر شامَه وجاء إلى لبنان ليقابل أولاده الموزّعين والمتفرّقين والذين يخفي كلٌّ منهم مُصيبة وقصّة مختلفة!
“سنعود بعد قليل” عظيمٌ في هدوئه رغم غليان أحداثه وفي السيناريو أيضاً، فالكلامُ القليل الذي ينطق به دريد لحّام فيه رسائل وحِكَم إنسانيّة وحياتية ووجوده في هذا العمل طاغٍ وهيبته وشكله وتصرّفاته، قتلت أي إحتمال لنجوميّة أحدٍ سواه، رغم أن كلّ قبعات الدنيا لا تكفي لتُرفَع لنادين الراسي وعابد فهد وكارمن لبّس وقصي خولي وكثر غيرهم..
هو دريد لحّام.. وحدَهُ يُبكينا ويضحكنا.. وحده يقع معه قلبُنَا حين يقع على الأرض، ونشعر بطعم السكّر في الحلويات التي حملها لأولاده وكأننا أولاده يقدّمها لنا.. دموعه تحرقُنا وننسى معها أنه يمثّل.. السرطان الذي اكتُشِف في جسده آلَمَنا وكأنّه أصابنا وسحرُ هذا الرجل يفوق الشاشة، فهو أقرب إلينا كوالد منه كممثل..
أطال الله بعمره فهو سيّد الشاشة وملِكُها وروحها وشبابها ورصانتها وكلِّ ما فيها!