لازال القطاع المصرفي الخليجي يواصل أداءه بشكل قوي مع بداية 2015م ، رغم انخفاض أسعار النفط وتوقعات بأن يؤثر ذلك في حجم الإنفاق الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي ، إلا ان الاحتياطات الضخمة من النقد الاجنبي الذي تمتلكه الصناديق السيادية والاستثمارية للحكومات الخليجية ، يعتبر عامل استراتيجي في دعم سياسة القطاع المصرفي لمواصلة أداءه بصورة قوية ومتوازنة تمكنه من امتصاص أي مخاطر مالية داخلية وخارجية .
لذا فانه لابد ان يتجه القطاع المصرفي الخليجي لتوسيع سياساته التمويلية نحو القطاعات الاقتصادية والشركات والافراد وعدم التركيز على تمويل قطاعات معينة أو فئات معينة لما في ذلك من مخاطر كبيرة إذا واجه هؤلاء المقرضون أو هذه القطاعات مشكلات مالية تعجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم امام القطاع المصرفي ، ويؤكد تقرير اقتصادي تصدره الامانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي اليوم الخميس أن القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون اسهم بدور فاعل في التنمية الاقتصادية من خلال توفير السيولة الملائمة لتمويل الانشطة الاقتصادية المتنامية ، وواصلت المصارف الخليجية في تقديم الخدمات المصرفية والمالية . وظلت البنوك المركزية تقوم بدورها في تنفيذ سياسة للمحافظة على مستوى السيولة لإضافة الى قوة للاقتصاد الخليجي حتى يكون اكثر استقرارا وجاذبية للاستثمارات المحلية و الاجنبية وتعمل البنوك الخليجية جنبا غلى جنب مع الصناديق السيادية الخليجية الاحتياطات المالية والنقدية بهدف مواجهة أي تطورات تطرأ خليجيا وعالميا .
حيث تشير التوقعات إلى إن البنوك الخليجية أظهرت نموا في ارباحها خلال العام الماضي 2014 ، فقد نمت أرباح البنوك الخليجية للعام 2014 في المتوسط بنسبة 14 إذ حققت أرباحا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي قدرها 20.7 مليار دولار، مقارنة بأرباح بلغت قيمتها 18.1 مليارا، وذلك خلال الفترة نفسها من عام 2013، بزيادة قدرها 2.57 مليار دولار. كما إن انخفاض الخسائر الائتمانية وفر دعم لأرباح البنوك الخليجية خلال عام 2014. ويتوقع أن تحقق معدلات نمو متوسطة خلال العام 2015م ، كما أن التطورات الجيدة لأسواق النفط خلال السنوات الماضية انعكس ايجابا على السياسات المالية في الخليج ، ومما زاد من حجم انفاق حكومات دول مجلس التعاون على مشاريع البنى التحتية .
واوضح التقرير ان القطاع المصرفي الخليجي يعتمد في تقوية مراكزه المالية على الفوائد المالية المتوقع تحقيقها في ظل رصد ميزانيات ضخمة قبل حكومات دول مجلس التعاون لدعم مشاريع البنى التحتية في دول المجلس التعاون وقدرة القطاع الخاص الخليجي على تنفيذ هذه المشاريع ، ما يساعد القطاع المصرفي الخليجي وضع سياسيات تمويلية تمكن القطاع الخاص من اداء هذا الدور في برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية . لذا يحرص القطاع المصرفي على توسيع اوعيته المصرفية في مجال الاقراض سواء للأفراد او شركات القطاع الخاص والتي بدورها تراهن على سياسية استمرار انفاق الحكومات الخليجية على مشاريع التنمية ، رغم انخفاض اسعار النفط، وذلك لوجود فوائض مالية ضخمة حققتها هذه الحكومات من وصول اسعار النفط لمستويات فوق 110 دولار للبرميل خلال السنوات الماضية .
وفي تعليق على ما ورد في تقرير الامانة العامة للاتحاد ، أكد الامين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي ، عبدالرحيم حسن نقي ، اوضح ان البنوك الخليجية اسهمت بدور فاعل في برامج التنمية الاقتصادية في دول المجلس من خلال توفير السيولة اللازمة لذلك ن وتقديم العديد من التسهيلات للقطاع الخاص الخليجي والمواطنين الخليجيين ، ولكن هناك ضرورة لإعادة النظر في موضوع تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بدول المجلس وتقديم مزيد من التسهيلات والحوافز لها حتى تتمكن من ممارسة دورها في برامج التنمية الاقتصادية ، لا سيما وان هذه المنشآت تشكل عنصر مساند للشركات الخليجية الكبيرة التي تتولى تنفيذ البرامج التنموية .
واوضح نقي ، ان الاتحاد يحرص على ان يكون للبنوك الخليجية التجارية والاسلامية منها دورا اساسيا في تمويل مشاريع رواد وشباب وشابات الاعمال في دول المجلس وان يكون ذلك باحتساب نسب فوائد قليلة مشجعة لإنجاح هذه المشاريع ، مؤكدا ان نجاح هذه المشاريع يعني ان البنوك الخليجية ستتوسع في عمليات الاقراض والتمويل ، بالتالي تحقيق ارباحا مجزية ، في نفس الوقت لابد ان من التزام رواد الاعمال بابتكار الافكار المثمرة والمبنية على دراسات جدوى اقتصادية محكمة ذات العوائد الجيدة دون ان تكون محفوفة بالمخاطر حتى تكون قادرة على إقناع البنوك الخليجية بتوفير التمويل اللازم لها بدون تردد . وقال البنوك الخليجية في نهاية الامر تحرص على عدم تعرضها لأي عمليات تعثر في السداد اقساط التمويل حتى لا تحجم بعد ذلك عن تمويل مثل هذه المشاريع التي يتبناها رواد الاعمال في دول المجلس .
بالعودة لتقرير الامانة ، فان سياسة الانفاق الحكومي في دول المجلس على مشاريع البنى التحتية وتوجه القطاع المصرفي نحو اتباع سياسات تمويلية للقطاع الخاص الخليجي يحقق وارباح تدعم محافظه الاستثمارية لهذه البنوك وعوائد مجزية للقطاع الخاص وهذا يعني تدوير السيولة في مشاريع التنمية الاقتصادية، ويدعم تقرير الامانة تقارير دولية اطلقتها مؤسسات مالية عالمية أكدت أن القطاع المصرفي الخليجي يتميز بقوة مراكزه المالية وجودة التصنيفات الائتمانية ما يؤهله للقيام بدور كبير في تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي، فقد توقعت وكالة (ستاندرد آند بورز) لخدمات التصنيف الائتماني، زيادة الأصول الإجمالية للمصارف الخليجية التقليدية والإسلامية إلى تريليوني دولار بنهاية عام 2015.
وبينت التقارير أن محفزات النمو في الخليج تتمثل استمرار الانفاق على مشاريع البنى التحتية ، كما ان الحكومات الخليجية تمتلك صناديق سيادية تتمتع باحتياطات نقدية ضخمة يمكن اللجوء اليها في حال استمرت اسعار النفط في الهبوط لمستويات دون 50 دولار للبرميل ، كما ان المصارف الخليجية لازالت مستمرة في تمويل واقراض المشاريع في المنطقة، وارتفع إجمالي الإنفاق الحكومي في دول المجلس ـ حسب التقرير ـ بواقع 5% ليبلغ 549 مليار دولار عام 2014 ، مقارنة بأقل من 8% معدل النمو في الإنفاق عام 2013. ورغم أن هذه النسبة هي أقل من وتيرتها للسنوات الأخيرة، فأنها كانت ملائمة لمواصلة الأنفاق على مشاريع البنية.
ويتوقع تراجع إجمالي الفائض المالي الخليجي من 10.6% من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي في عام 2013 إلى 7.9% في عام 2014 بسبب التراجع في الإيرادات النفطية. وفي الوقت ذاته، ظلت السياسة النقدية أيضا تسهيلية، مع بقاء أسعار الفائدة الرئيسية على الإقراض في معظم الدول الخليجية عند مستوى 2% أو أدنى عام 2014. وكنتيجة لاستمرار الفوائض المالية، يتوقع أن ترتفع أصول الصناديق السيادية والموجودات الخارجية الخليجية من 1.45 تريليون دولار عام 2013 إلى 1.50 تريليون دولار عام 2014 ، وقد منحت وكالة “موديز″ نظرة مستقبلية مستقرة لبنوك دول الخليج، نتيجة السياسات المالية التوسعية واستمرار الإنفاق على البنية التحتية، التي لا تزال داعمة لنشاط القطاع المصرفي ، رغم أن تراجع أسعار النفط عند المستويات الحالية التي تقلل الفوائض المالية .