يقول الحكماء إنّ أي خسارةٍ يمكن تعويضها إلا خسارة العقل، فمع الأخير يُحال كل مستحيلٍ ممكناً، فكيف الحال إن كانت العزيمة والإرادة أقوى من أن يوقفهما أيُّ مرضٍ أو إعاقة جسديّة؟!
ما سلفَ ينطبق على طبيب الأطفال اللبناني د. جميل زغيب الذي إختار أن يُبقيَ على تواصله مع العالم من خلال تقنية Tobii Eye Tracker وهو أيضاً ما يعتمده البريطاني ستيفن هوكينغ، أحد أبرز علماء الفيزياء النووية، مع فارقٍ هو أن الأخير يُحيطُ به ممرضون وأطباء هم الأفضل في العالم للعناية به، في حين يعتني بزغيب فقط زوجته وأولاده، وربّما لهذا يشعر يوماً بعد يوم أنّه أقوى رغم أنه مشلول وذلك بعدما أصيب منذ العام 2008 بالمرض النادر التصلّب الجانبي الضموري- Amyotrophic Lateral Sclerosis وهو يؤدّي إلى شلل ستّمائةٍ وأربعين عضلة في الجسم، بما فيها ثلاثين عضلةٍ في الوجه، ولا ينجو من هذا المرض إلا ستة عضلات صغيرةٍ فقط في كل عين، كما الإحساس والوعي!
إذاً وفي عزّ نجاحه في طب الأطفال بعدما عاد من فرنسا حيثُ أنهى دراسته، وجدَ زغيب نفسه مشلولاً، كما وأجبر على قسطلة القصبة الهوائية لكي تؤمن له التنفس الإصطناعي المستمر، وأنبوبٍ في المعدة عبر جلدة البطن ليسهّل التغذية!
لكن.. الاستسلام لم يكن يوماً خياراً للطبيب المناضل، إذ تمسّك بالحياة وقرر أن يعيش كل يومٍ بفرح وأيضاً بتواصل مع العالم، وهنا اختار حاسوباً يعمل عبر حركة العين بواسطة جهاز إسمه “متعقب توبي” يتعقّب تحرّكاتها، فكان أن أنهى كتابة ثلاثة كتب باللغة الفرنسية، طبعها بنفسه حرفاً حرفاً بعينيه، وهي “قصتي حياتي”، “نصائح عملية لصحة الأطفال” و ” الحياة بصمت وبلا حراك”، كما ويستعين د. زغيب ببرنامج إلكتروني ناطق يعرف بإسم محاور توبي ليتحدّث خصوصاً أن الشلل طاول لسانهُ أيضاً.
التواصل مع العالم الخارجي يُعطي د. جميل زغيب فرصة جديدة بالحياة فهو يتشارك نصائحه الطبية مع الراغبين في لبنان وخارجه عبر صفحة استحدثها عبر الفايسبوك، إضافةً إلى موقعه الإلكتروني، والأهمّ أن كل ما يفعله، هو درسٌ لا حدود له في القدرة البشرية والأمل والأهم الحب، ذاكَ الحب الذي يُحاط به ويحيط به الجميع من حوله.
[youtube]http://www.youtube.com/watch?v=lGtBZSMEIx8 [/youtube]
[youtube]http://www.youtube.com/watch?v=Y71oy9TE2C0[/youtube]