افتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري “معرض لوحتي رسائل
ملونة” بريشة اطفال العراق، ممثلا بالنائب علي بزي مساء امس في ساحة النجمة
والذي نظمته واشرفت عليه ودعمته الاميرة نسرين بنت الامير محمد بن الملك فيصل
الاول الهاشمي، وشارك فيه 110 اطفال من العراق، والذي يمثل يمثل مشروعاً لتنمية
مواهب الأطفال في العراق وتثبيت روح الامل في نفوسهم، وذلك بأخذ صوتهم عن أحلامهم
وأمانيهم للعالم أجمع.
بدأ الحفل بعزف النشيدين الوطنيين اللبناني والعراقي، ثم
ألقت الأميرة الدكتورة نسرين الهاشمي كلمة رحبت فيها بالحضور فقالت:
“إن هذا المعرض هو لفتة صغيرة لمساندة وتشجيع ودعم
أطفالي: أطفال العراق أجيال المستقبل وبالتأكيد إن هذا اليوم هو يوم تاريخي لهم لا
يمكن ان ينسوه، فرسوماتهم تعرض في ساحة النجمة وأمام البرلمان اللبناني وتحت رعاية
دولة رئيس مجلس النواب اللبناني، هذه الساحة لم تعطى لأي شخص من قبل، وكثير من
الفنانين الكبار يحلمون بعرض لوحاتهم هنا، ولكن تفضل دولة الرئيس نبيه بري بالسماح
لأطفال العراق بعرض رسوماتهم وأحلامهم عن وطنهم فيها. واسمحوا لي أن أتوجه بجزيل
الشكر وعظيم الامتنان لدولة الرئيس أستاذنا الكبير نبيه بري الذي أكرمني وأكرم
أطفالي أطفال العراق برعايته لهذا المعرض، فكما تعلمون أنه ليس لأطفالنا وحتى
لشبابنا من أمل في الحياة ولا من شخص ينظرون له للأعلى، وليس من سياسيي العراق من
ينظر اليهم أو حتى يسمعهم، لذلك فإن رعاية دولة الرئيس نبيه بري هي بمثابة الأوسمة
التي سيعلقها الأطفال على صدورهم طيلة حياتهم وأشبه بالروح التي تنفخ بالجسد
ليعيشوا ويصبروا ويبدعوا في حياة فرضت عليهم كما هي. فجم الاحترام والتقدير والاجلال لهذا الرجل
العربي الكبير دولة الرئيس بري على رعايته الكريمة وموقفه الجليل… إن الأطفال
الذين رسموا هذه اللوحات ولدوا ولا زالوا في العراق يحلمون وطن، فكما ترون أن فيهم
العربي والكردي والآشوري والكلداني، فيهم المسلم والمسيحي والصابئي ولكنهم كما
يقولون: “كلنا عراقيون ويجمعنا وطن واحنا الوطن”، فهذه صورهم تجمعت
لتشكل خارطة العراق..
كثير من هؤلاء الاطفال أيتام وآخرين من أسر متعففة في بلد
يعوم على النفظ! فبين الحيرة التي في قلوب وعقول أطفال العراق لعدم قدرتهم على استيعاب
ما يحدث في وطنهم، يعيش اطفالنا تحت وطأة العنف والارهاب والفقر والتهجير ونقص الرعاية
والتعليم وقلّة الخدمات وغيرها من المخاطر والإهمال التي تبقى تداعياتها النفسية والجسدية
على ابنائنا لسنوات وسنوات. لذلك ها نحن ومن خلال هذا النشاط الاجتماعي استطعنا
تشجيع هؤلاء الأطفال الموهوبين ورعايتهم ومن رسم الإبتسامة على وجوههم المليئة
بالفخر والاعتزاز بالنفس بأن رسوامتهم تعرض في لبنان. في هذا المعرض وكما ترون
استطاع اطفالنا ان يحولوا آلامهم إلى أمل فيه نظرة لمستقبل مليء بالأمان والفرحة
والسلام.. من خلال رسوماتهم استطاعوا أن يبنوا بيتا ويزرعوا شجرة ووردة ويصيدوا
سمكة ويجملوا العراق بالحب والعمل والعطاء دون تفرقة أو عنصرية.. أتمنى على المسؤولين
في العراق أصحاب المناصب الرفيعة ومسؤولي الأحزاب أن يلتفتوا إلى الأطفال ويتعلموا
منهم أن يعملوا من أجل العراق فهؤلاء الأطفال هم العراق، وألا يقتلوهم باختلافتهم
ونزعاتهم على السلطة. إن العراق ومجتمعه لايرتقي إلا بأطفاله، فلابد من الالتفاته الى
اطفالنا الذين ابكتهم الحروب واليتم والفقر والخوف والمرض.
وقد تحدث النائب علي
بزي باسم دولة الرئيس نبيه بري فتمنى لاطفال
العراق وللشعب العراقي “مزيدا من التقدم والنجاح والازدهار”. وقال:”ان
الرئيس بري شرفني بتمثيله في هذه المناسبة الطيبة مع الاميرة نسرين الهاشمي التي نظمت
هذا المعرض..”.
وبعد ان جال النئب علي بزي على المعرض قال: “لم نر في
هذه الرسومات سوى الامل بمستقبل مشرق وحياة افضل يسودها المزيد من الاستقرار
والامل والرفاه والطمأنينة والخير لكل العراقيين، وبعراق موحد لكل مكوناته، وتكون
هذه اللغة بكل ماتحمله من دفء وحرارة تنعكس على كافة مكونات العراقيين وبغض النظر
عن عمر الاطفال الذين رسموا هذه اللوحات، فأنا ارى فنانين وربما ان هؤلاء الاطفال
سبقوا عمرهم بكثير ولم ار في رسوماتهم لا رصاصة ولا متفجرة ولا صاروخ، انما عبرت
عن الفرح والامل والسعادة، ونامل ان يعم السلام والسعادة جميع العراقيين“.
وباسم الرئيس نبيه بري، سجل النائب بزي في سجل المعرض كلمة
لأطفال العراق حياهم فيها.
وقامت سمو الأميرة الدكتورة نسرين الهاشمي بتلبية رغبة
الطفل سيف العبيدي وذلك بإهداء لوحته للرئيس نبيه بري، ومعها لوحة أخرى كتب عليها
الأطفال المشاركين في المعرض كلمة:
“كلش ممنونين عمو نبيه ونحبك هواية هواية” وتوقيع
أسمائهم.
ولوحة الطفل هي عبارة عن مزهرية تشربكت خطوطها وخرج منها
زهور ملونة، وكان الطفل سيف العبيدي كتب عن لوحته أن المزهرية هي كما العراق مشربك
بكل شيء ولكن “احنا الأطفال احنا الورد”!
وبسؤال الاميرة نسرين الهاشمي عن هدف هذا المعرض والجهة
المنظمة ومن بيروت إلى أين قالت: “إن هذا المعرض هو لعرض مواهب أطفال العراق
الذين مازالوا في العراق، وهو دعوة للحضور لزيارة العراق.. وان شاء الله سنجول في
هذا المعرض الى نيويورك والى دول اخرى لعرضها فقط. فهذه اللوحات ليست للبيع لان
العراق ليس للبيع” ..
وعلى أنغام الموسيقى والأغاني العراقية العربية منها
والكردية، جال الحضور من شخصيات سياسية وعسكرية وأكاديمية ودبلوماسية وفنية وأيضا
من العامة من العرب والأجانب مرتادين وسط بيروت التجاري على المعرض وسجلوا تقديرهم
لأطفال العراق ومحبتهم. وتجمع جمهور من العراقيين الذين رقصوا الدبكة العراقية
وشاركتهم فيها الأميرة الدكتورة نسرين الهاشمي، وحيت ختاما الشعب اللبناني وقالت:
شكرا للبنان.. لبنان عظيم في ناسه وعظمة حسهم… واختتمت قولها بتسجيل الشكر
للشباب العراقي المتطوع الذي ساهم معها في تنظيم المعرض وقالت هؤلاء شباب العراق
الذين أفخر بهم، وانتهى الاحتفال في هذا المعرض بأغنية الفنان العراقي قحطان
العطار “جنة جنة يا وطنا”.
الملفت أن الدعوات للمعرض شكلت نوعا جديدا لم يُعتد عليه
من قبل في نص الدعوات، فقد كتبت باللهجة العراقية وأيضا باللغة الكردية فجاء في
نصها:
“اللــه بالخيــر
تحت رعـاية عمو الـرئيـس نبيـه بـرّي الله يحفظـه
تفضلوا لعدنا يوم الخميس 30 حزيران 2011
عشان تشـوفونـا.. وتشـوفـو عراقنـا برسـوماتنـا
من عيـونا لعيونكـم
من بغداد لبيروت ومن هناك راح نطير للعـالم
نحـكي عراقنـا برسـائل ملونـة فيهـا أحـلامنـا عن حياتنـا
ووطنـا
أيتـام بس نحـب، فقراء بس نحـلم، أطفـال بس نحـس
إلنـا صـوت، بالألـوان نحكي
عن باكـر اللي راح يجي ويكون طيب مثل مَن السِّما
عنوانا ما يضيع أبداً: ساحة النجمة ببيروت
ننتظركم الساعة 6 مساء، وعمتنا الأميرة الدكتورة نسرين
الهاشمي بتكون باستقبالكم
ممنـونين أغـاتي ونحبـكم هـواية”
الجدير بالذكر أن آلاف الاطفال في العراق لاقوا حتفهم أو شوهوا
أو يتموا أو أصيبوا بأمرض نفسية خلال الحروب والارهاب في مجتمعهم التي فرضت عليهم. فحسب احصائية وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية
لعام 2009 ان هناك 4.5 مليون طفل في البلاد فقدوا والديهم أو أحدهما منهم 500 ألف تركوا
ليعيشوا في الشوارع. ولا يقيم في دور الايتام الحكومية سوى 459 يتيما. وحسب بيانات
منظمة الامم المتحدة لرعاية الطفولة “اليونيسيف” لعام 2009 أن حوالي 50%
فقط من طلاّب المدارس الإبتدائية يرتادون المدارس وهو عدد متدني مقارنة بالعام
2005 حيث كانت النسبة 80%، وأنّ حوالي 40% فقط يحصلون على مياه نظيفة للشرب ولا يزال
الإحتمال قائم لتفشي مرض الكوليرا وغيرها من الامراض المعدية بين الاطفال، كما
أنهم يفتقرون لمعظم الخدمات الاساسية وتظهر عليهم العديد من الاعراض النفسية جراء
اعمال العنف التي يشهدونها.