شهادة
الدكتوراه حملتني مسؤولية تجاه نفسي، الناس والتاريخ!
* مبروك نيلك شهادة الدكتوراه…
أخبرينا ريما نجم ماذا يضيف اللقب الأكاديمي إلى مسيرتك؟
– كما أقول دائما، الموهبة هي
الأساس ولا سيما في العمل الإعلامي، ولكننا نعمل على تطويرها وصقلها وتعميقها
بالمعرفة الضرورية فتخرج من الإطار الضيق إلى الإطار الأوسع وهذا ما يحدث عندما
نتعمق في الدراسة والبحث. ويبقى الإختصاص من دون الموهبة وكأنك تقوم بعمل ذات
أبعاد تقنية فقط، خالٍ من الذاتية والنكهة الخاصة بك. لقب الدكتوراه ألقى على
عاتقي مسؤولية كبيرة تجاه الناس، تجاه نفسي وتجاه التاريخ…
* وأين تكمن هذه المسؤولية في
أبعادها الثلاثة؟!
– المسؤولية بأبعادها الثلاثة
التي ذكرتها، هي أن تصبح كتاباتك ومنشوراتك مرجعا لأبناء الإختصاص، فتكون خلاصة
تجاربك ونظرياتك على سبيل المراجع التي تتسم بنكهة خاصة، ولا ننسى طبعا أن ما
أكتبه وأنشره يدخل التاريخ فيتداول به الناس.
* في الحديث عن الإختصاص، إلى أي
مدى يؤثر على العمل الإعلامي؟
– كما قلت لك، فالإختصاص يأتي
ليصقل ويدعم الموهبة فتُهذب وتوضع ضمن إطار سليم، ولكن لا يمكننا ان ننسى أن
الكثير من الإعلاميين لمعوا في مجالهم ولم يكونوا حملة شهادة في الإعلام، بل خلقوا
ثقة بينهم وبين المشاهد وباتت خبرتهم توازي المؤهل الأكاديمي.
كل
إنسان هو إعلامي… ولكن!
* أنت مع مبدأ إطلاق لقب
“إعلامي” على كل من يطل عبر الشاشة أو الأثير ويقدم برنامج؟
– كل إنسان هو إعلامي، ويبدأ
بـ”الإعلام” بالصرخة الأولى عند الولادة معلنا قدومه إلى الحياة… ولكن
العمل الإعلامي مختلف جدا، والإعلامي يختلف عن المقرئ أو الذي يلقي الكلام… هو
من يبحث، يدقق، يتابع، يخلق من الحدث خبرا… في الحقيقة الإعلام هي
“الرئة” التي تتنفس عبرها الشعوب، فيكف يمكن أن تبث عبرها “غازات
سامة”… فستودي حتما بحياة الناس!
* الإعلاميين الكبار اليوم…
غائبون أو مغيبون؟!
– لا أحد يمكنه تغييب أحد! ومن
هذا المنطلق يمكننا أن ننطلق في معالجة ودراسة الوضع الراهن، فالموجود دائما حي
وموجود حتى ولو كان غائبا عن المشهد، ولكنه حي في الذاكرة الجماعية! “أصحاب
القامات مكانتهم دائما محفوظة”، ومن حفر بالصخر ليثتب نفسه لا يمكنه أن يغيب!
* وماذا عن ريما نجم… أنتِ
بعيدة عن “المشهد” اليوم!
– طوال مسيرتي الإعلامية، عملت
على بناء قلعتي المنيعة والتي أحصنها بالمعرفة والعلم، وها أنا اليوم قد نلت شهادة
الدكتوراه، وعلى وجه العموم الإعلام الفكري والأدبي هو الخالد، رغم أن الأقنية
المتلفزة اليوم تعتبره غير مربح لها، ولكنني وكثيرين من الزملاء نسعى جاهدا على
إيصال الصورة الصحيحة والسليمة عن الإعلام الفكري، كالكبير هنري زغيب، الدكتور
منيف موسى وميشال جحا وغيرهم الكثيرين مروا في مطهر الإعلام ووصلوا إلى طهارة
الكلمة، وهذا هو الإعلام الحقيقي!
إعلام
اليوم ينقصه غربال ميخائيل نعيمة… وأرفع القبعة للإعلام اللبناني!
* وماذا ينقص الإعلام اليوم حتى
يعود لما كان عليه سابقا؟
– ينقصه الغربال… غربال ميخائيل
نعيمة (عنوان كتاب من جزأين صدر له ويحتوي على سلسلة مقالات عملية فيها النقد
الموضوعي)… ولكنني أقل للإعلام اليوم Chapeau Bas، فعلا هناك
إعلام مميز في لبنان رغم كل الظروف والأوضاع الراهنة.
* من أي ناحية؟!
– أرفع القبعة للإعلام اللبناني
على صعيد ملاحقة الأخبار، متابعتها وتوخي الدقة في معالجتها!
* وماذا عن الإنتاج؟
– ليس على المستوى الذي يستحق أن
يكون لبنان فيه… بيروت ام الشرائع ونحن منبع الحرية والفكر، كنا الأوائل…
* واليوم…
– لبنان لا يزال مميزا، ولكن هناك
بلدان سبقتنا على صعيد الرقابة وضبط النفس! وأعود وأكرر يجب أن “تتغربل
الساحة”!
* ماذا لو أمسكت ريما نجم
بالغربال… من يبقى على الساحة اليوم؟
– ليس الهدف من يبقى، هناك أسماء
كثيرة بارزة على الساحة، وهناك من عندما يرى الغربال يعيد النظر فيما قدمه!
* وإذا دخلنا أكثر في ذكر
الأسماء…
– على سبيل المثال لا الحصر طبعا،
ومع حفظ الألقاب للجميع؛ عرفات حجازي، عادل مالك، مي منسى، سعاد قاروط العشي، مهى
سلمى… هذا الجيل الرعيل الذي أسس تلفزيون لبنان وترك بصمة صعب أن تمحى في بال
الناس!
* ومن بين الاسماء والوجوه
الجديدة؟
– هناك الكثيرين… (على سبيل
المثال لا الحصر طبعا، ومع حفظ الألقاب للجميع)؛ نيشان، ميشال قزي، طوني خليفة،
زافين قيومجيان، مارسيل غانم، غسان بن جدو، ديما صادق، ماغي فرح، مي شدياق، زينة
فياض، نانسي السبع، داليا أحمد (…) ولاحظت أن الفنانة أروى تقوم بعمل إعلامي
مميز وجميل!
نحن
اليوم في عصر الأشخاص الـ Multi-Talented…
ونحن رفاق في المهنة والزمالة لها أبعادها!
* إلى أي مدى تدعم صفة
“ممثل” أو “فنان” الشخص عندما يقدم البرامج؟!
– أصبحنا اليوم في عصر الأشخاص
الـ Multi-talented، ولكنني كنت أول من غنى في برامجه عند
إستضافة النجوم والفنانين وواجهت حملة من الإنتقادات من قبل أهل الصحافة، أما
اليوم فالأمر صار عاديا أن تكون مغنيا أو ممثلا تقدم البرامج وتمثل في
الفيديوكليب… أنا أول من قام بتمثيل فيديوكليب مع الراحل عصام رجي، وها نحن
اليوم نرى النجة رزان والتي احب ما تفعله، وها هو الناقد والزميل محمد حجازي يمثل
في فيلم My Last Valentine In
Beirut…
“وين الغلط”؟!
* هل تؤيد ريما نجم أن يكون كل من
يعمل في مجال الإعلام “زميلا”؟!
– نحن رفاق في المهنة… ولكن
“الزمالة” لها أبعادها، حتى ولو كنا أمام الرأي العام زملاء في المهنة
ولكن في الحقيقة ليس كذلك… كيف يمكن مثلا لفنانة أن تقول أنا زميلة أم كلثوم؟
صحيح، كلاهما تغنيان ولكن هناك فرق في الأجيال والمقامات!
* تتذكرين أيام تلفزيون لبنان…
بحسرة أم بفرح؟
– على العكس، أتذكر أيام تلفزيون
لبنان بفرح، بداياتي كانت هناك! أشبهه ببيت أهلي الذي ترعرعت فيه وكبرت، هو من أسس
لقاعدة إعلامية وأكاديمية مهمة، وكان أول منارة إعلامية في العالم العربي، وننظر
إليه اليوم برجاء وأمل وسعادة!
* بقبضة من الإعلام اليوم؟
– بقبضة الإعلان… ورؤوس الأموال
والصفقات التجارية!
* يعني أنه لم يعد رسالة كما
يُقال…
– هناك رسالة ولكن
“ضايعة”… “كأنك عم تفتش على إبرة بكومة قش”!
* لمَ لم نرى ريما نجم ممثلة؟!
– عرض علي الكثير، ولكن مؤخرا
صرفت النظر عن الموضوع نهائيا! حتى أنه عرض علي تقديم دور أسمهان، ولكن الخلافات
في عائلة الأطرش حالت إلي عزمي على عدم القيام بهذه الخطوة!
للغناء
قيمة ثقافية روحية مهمة… شكرا Murex d’Or لأنهم ينشطون عدة قطاعات في لبنان!
* كثر يتحدثون عن ريما نجم
الفنانة… ألا ترين أن الغناء يقلل من سأنك الإعلامي؟
– على العكس، فالفن قيمة ثقافية
روحية مهمة! ومنذ أن كنت في أيام المدرسة وأنا أغني وكنت متفوقة في الفنون إلى حين
أنني طورت صوتي بتمارين الفوكاليز وإصداري لأغنيتين “أوبريت القدس”
وأغنية لعيد الأم، وأغني في المطعمين اللذان يملكهما زوجي!
* تشاركين في لجنة تحكيم جائزة
الـ Murex d’Or… ببضع كلمات كيف تصفين لنا الجائزة؟
– على عكس ما يقال ويشاع، وبعد
عامين على العمل في “غرفة عمليات الموركس”، إنها جائزة صادقة وشفافة
وموضوعية! ولكن هناك من يريد الكلام والحديث عنها وتشويه سمعة اللجان…
* ماذا تقولين للقيمين على هذه
الجائزة؟
– أحييهم على الجهد المتواصل سيما
وأنهم ينشطون قطاعات كثيرة في لبنان كالسياحة، الفن والصحافة أيضا!
* أين أنت من الكتابة اليوم؟
– أكتب دائما، وهناك عدد من الكتب
التي ستنشر قريبا ولعل أبرزها أطروحة الدكتوراه والتي أعمل على صياغتها حتى يستطيع
القارئ فهمها!
* كلمة أخيرة لميوزك نايشن
– أشكركم على هذا اللقاء، أتمنى
لمجلتكم الإزدهار أكثر وأكثر، وأتمنى أن يبقى لدي منزلة في قلوب من يحبني!