“سفير الأمم المتحدة للنوايا الحسنة”.. هذا هو اللقب الأبرز في أيامنا هذه، حتى صار ينافس لقب ملكات الجمال! سفراء فنانون عرب بالجملة والمفرّق أقيمت لهم الإحتفالات والمؤتمرات لتعيينهم في هكذا منصب رفيع، لكن قد يسأل سائل: ما الذي فعله سفراء النوايا الحسنة للأمم المتحدة حتى اليوم؟ وما الذي فعلوه أصلاً في المجالات الإنسانية و”النوايا الحسنة” كي يحصلوا على هكذا لقب..
فمع احترامنا البالغ والرفيع للنجوم الكثر الذين تربعوا على عرش هذا اللقب، ومع تقديرنا البالغ لنجوميتهم، لكن أين هم من ألقابهم وهل صار هذا اللقب مجرد برستيج يضاف إلى لقب: النجم والنجمة والزعيم؟!
حسين الجسمي، نانسي عجرم، مصطفى فهمي، محمود قابيل، مارسيل خليفة، عمر الشريف، صفية العمري، محمود ياسين، مطرب الراي خالد الجزائري، ماجدة الرومي، لطفي بوشناق، عاصي الحلاني، جورج قرداحي، رجاء بلمليح، خالد أبو النجا، هند صبري، ومؤخراً إليسا وعبدالله الرويشد.. ما الذي فعله هؤلاء جميعاً ليستحقوا ألقابهم، وإن كنّا نستطيع تحييد إليسا وعبدالله الرويشد لأنهم عيّنوا مؤخراً!
حسين فهمي كان أوّل المشاهير العرب الذي حصل على هذا اللقب العام 1998، وقيل إنه سخّره للتركيز على قضايا إدمان المخدرات والفقر والأطفال المعوقين، كما شارك في ورشة عمل لمحترفي الإعلام والفنون للفت أنظار الناس إلى مرض الإيدز، حيث أن هناك 500 ألف عربي مصابون بالإيزز حسب إحصاءات الأمم المتحدة، فهل هذا هو كل ما فعله منذ العام 1998؟ كما تقول الإحصاءات في المواضيع التي من المفترض أن فهمي أعلن إعطاءها كامل إهتمامه أن هناك مليار و200 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع، بالإضافة إلى وجود 800 مليون شخص في العالم لا يحصلون على الخدمات الصحية، و500 مليون طفل يعانون من سوء التغذية، وحوالي 90 مليون طفل خارج نظام التعليم الأساسي، و230 مليون طفل خارج نظام التعليم الثانوي.. فهل تعتبر إنجازات فهمي ذات قيمة أمام هذه الإحصاءات المرعبة، ولماذا لا يزال يحمل اللقب حتى اليوم وما هي إنجازاته؟
عادل إمام سفير هو الآخر ومبعوث للسلام وهو بهذا يتشارك في اللقب مع أنجلينا جولي.. فهل يجب أن نذكّر بإنجازات أنجلينا الشهرية وعدد المخيّمات التي زارتها والملايين التي تبرّعت بها والدول المنكوبة التي دعمت شعوبها وثوراتها، ومنها تونس مؤخراً التي زارتها رغم الأوضاع الأمنية المتعثّرة فيها.. هل علينا أن نفعل ذلك لنعرف إنجازات عادل إمام الذي حقق المليارات في أعماله، ولم يتبرّع حتى اليوم بسنتٍ واحد؟! وهل علينا أن نسأل: لماذا لم يكلّف الزعيم نفسه بزيارة النازحين من ليبيا إلى مصر الذين يعانون الفقر والجوع ويقبعون في الخيم على الحدود الليبية المصرية، ما دفع بالعالم أجمع إلى دقّ ناقوس الخطر والطلب من الجميع لمساعدتهم بأي وسيلة متاحة؟!
الممثلة الموهوبة صفية العمري، يقال إنها من خلال منصبها كسفيرة للنوايا الحسنة، تروج لقضايا مختلفة كالرعاية بالصحة الإنجابية والتعليم، بينما جمال سليمان سفير للنوايا الحسنة لصندوق الأمم المتحدة للسكان، فما هي إنجازاتهم؟ وإن كان هناك من إنجازات، فلماذا لم يعلنوا عنها مع “طنّة ورنّة”؟!
وبناءً على تقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة فإن نحو ثلاثة أرباع التنوع الوراثي من المحاصيل الزراعية قد تعرض للفقدان خلال القرن الماضي و 1350 سلالة حيوانية من أصل 6300 سلالة معرضة لخطر الإندثار أو قد إندثرت فعلاً، فأصبحت الامدادات الغذائية أكثر عرضة للمخاطر، بالإضافة إلى تناقص فرص النمو أو التجديد في قطاع الزراعة، ومن المفترض أن السيدة ماجدة الرومي وهي أيضاً حاملة للقب سفيرة للنوايا الحسنة تقوم بمهمة الترويج لهذه القضايا ودعمها وحشد الرأي العام لها، ومع احترامنا الكبير والبالغ للسيدة الرومي، ما هي المبالغ التي جمعتها لدعم تلك القضية والترويج لها؟!
تلك لم تكن إلا جولة سريعة وعينات بسيطة، فأين هم نجومنا العرب من ألقابهم الرفيعة المستوى؟ ما هو عدد الحفلات التي تبرّعوا بريعها وما هي المبالغ التي قدّموها والنشاطات التي قاموا بها؟! أم أن اللقب صار برستيجاً فحسب؟!
وليس كنوع من المقارنة أو للتقليل من شأن أحد من النجوم المذكورين، لكن لماذا وكيف استطاعت جوليا بطرس أن تجمع من حملة واحدة 3 ملايين دولار وزّعتها على عائلات شهداء حرب تموز 2006 بيدها، فزارتهم بيتاً بيتاً وقدّمت لهم ما يعينهم ويساعدهم وهي لا تحمل حتّى أي لقبٍ يذكر؟!
من هو سفير النوايا الحسنة حسب تعريف الأمم المتحدة؟
وللتنويه فقط، نذكّر نجومنا بتعريف الأمم المتحدة للقب سفير النوايا الحسنة:
تلجأ الأمم المتحدة إلى التعاون مع شخصيات عامة لها مكانة في منطقتها للقيام ببعض الأعمال الإنسانية، ويطلق على هذه الشخصية (سفير الأمم المتحدة للنوايا الحسنة) وهو تكليف تشريفي لمشاهير العالم من قبل المنظمات المختلفة للأمم المتحدة، وهي ليست صفة سياسية دبلوماسية كالتي يحملها سفراء الدول المختلفة لدى الدول الأخرى. وأهداف هذا التكليف هو المساعدة في دعم مختلف القضايا التي تعالجها الأمم المتحدة سواء كانت اجتماعية أو إنسانية أو اقتصادية أو متعلقة بالصحة والغذاء. فالغرض من استخدام المشاهير أن شهرتهم تساهم في نشر الوعي والدعم تجاه هذه القضايا. ويمكن لهذا التكليف أن يكون على مستوى دولي أو إقليمي أو محلي في نطاق دولة الشخصية الشهيرة!