وجودها على الساحة الغنائية يشكل الأمان ويحفظ للغناء الأصيل والصوت الجميل مكاناً كبير يتمسك به الجمهور العربي. في صوتها المجد وحضورها الأمجاد، هي الماجدة التي تهيم بصوتها الأشعار والألحان فتروي عطش سمعنا بعبق من الطرب والإحساس الفريدين.
يتفق الجمهور والنقاد أنها قد تكون من أواخر العمالقة الكبار في وطننا العربي، والأكيد أنها رمزٌ من رموز لبنان الذي تحمله في قلب فنها وتخرج به إلى بحر الموسيقى الواسع. من الصعب وصفها، والأصعب تقييم أعمالها لأنها القدوة والمدرسة التي تقف عندها الحروف لتعتزل الكلمات خوفاً من أن لا تفي العبارات حق قدرها.
غازلت الساحة الغنائية، فنثرت أربعة عشر أغنية بالبوم خطف الأضواء وجعل من النجاح حليفاً لدوداً فتربع على عرش المبيعات طيلة الشهور الأربعة الماضية ولازال حتى اليوم الألبوم الأكثر طلباً وإنتشاراً ومن دون منازع. عندما يتحث أياً كان عن البوم ماجدة الرومي، يتحدث طبعاً عن أسماء كبيرة عملت على أغنيات لا طليق إلاّ بقيمتها الفنية وتاريخها الحافل بالنجاحات المنقطعة النظير، وآخر البوماتها “غزل” لم يكن إلاّ إثباتاً لذلك واليوم سأبحث عن الكلمات لترجمة رأيي المتواضع بعملاقة الفن وجامعة الأصالة بالأغنية المعاصرة.
1- وبتتغيّر الدّقايق: وكيف لا تتغير الدقائق والساعات حين يجتمع عمالقة من عمالقة الفن كالموسيقار الكبير ملحم بركات مع السيدة الماجدة بأغنية، فيعيدوننا بها إلى زمن الفن الجميل والطرب الأصيل؟
تجتمع في هذه الأغنية أنماط موسيقية على حيلها فتشعر وكأنك إكتفيت من الموسيقى بعدها وأنك تذوقت أرقى النغمات التي حاكها الموسيقار على صوت السيدة ماجدة الرومي التي أدّت شعر سلطان الكلمة نزار فرنسيس بحبّ كبير فكان إحساسها في الأغنية لا حدود له يتمايل على الموسيقى التي قام جان ماري رياشي بتوزيعها في حبكة موسيقية قد لا تتكر في تاريخ الموسيقى العربية.
2- وعدتك: إنتظرنا طويلاً هذه الأغنية التي وعدنا بها القيصر بصوت الماجدة، وها هما يفيان بالوعد ويجتمعان في أغنية من أروع أغنيات التاريخ. كان لا بدّ من التوقف والإستماع بل الإصغاء جيداً إلى هذه الأغنية القنبلة التي أعتبرها الأقوى على الإطلاق في هذا الألبوم حيث إجتمع أقطاب الأغنية الشرقية ماجدة الرومي وكاظم الساهر.
أجمل ما لامس صوت الماجدة من شعر نزار قباني في هذه الأغنية: “وعدتك ألاّ أكون أسيرة ضعفي … وكنت
وألاّ أقول بعينيك شعراً… وقلت
وعدت بألاّ وألاّ وألاّ فكيف ؟ وأين ؟ وفي أيّ يوم تراني وعدت؟”
حالي كحال كثر من المستمعين والمنصطين إلى الإحساس الكبير في هذه الأغنية التي لم يمرّ بعد من تاريخ صدورها يوماً واحداً لم أستمع إليها فيه لمرات عديدة، ففيها السلام والأمان وقيمة الوعود، حيث ينحني الكبرياء ويعلو الحبّ فوق أي إعتبار آخر.
3- بس قلّك حبيبي: تحمل ماجدة مستمعيها في هذه الأغنية بوفاء إلى عالم شارلي تشابلن، حيث صاغت الماجدة نصّها في هذه الأغنية على واحدة من مقطوعاته التي شاركه في وضعها الـ Pianist العملاق جيفري بارسنز، فحاكت أجمل كلام الحبّ وتغزّلت بالحبيب وتغنّـ بصفاته مشعلةً كل مشاعر الغيرة والعشق في أغنية قد تكون أجمل ما تقوله أي حبيبة يوم وعدها الأزليّ لرفيق دربها في الحياة.
4- متغير ومحيّرني: “متغير ومغيرني ناسي وما بتسأل عنّي .. إنت يللي مسهّرني بتذكرني ليلة … وليلة بتنساني.”
بهذه الكلمات التي أبدعت بها شعراً الماجدة، خرجت أغنية الملحن عبد الرّبّ إدريس لتكون الأغنية الشبابية الأقرب للشباب العربي دون أن تتنازل ماجدة الرومي عن إيمانها بالفن الأصيل، فدمجت بواحدة من إبداعاتها مجد الطرب بالنغمة السريعة، فنجحت بحملنا نحن شباب اليوم إلى عالم أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة، لتثبت مرّة جديدة واقع فنها الغير محدود، فالسيدة ماجدة الرومي بصوتها تحاكي أجيال وأعمار بأسرها.
5- العالم إلنا: من اجمل الأغنيات الكلاسيكية التي تبعث في نفسك أثناء سماعها سلاماً كبير، وكأنك في طريقك إلى السماء في عالم من الحبّ لا تحتويه إلاّ الزهور والطيور الجميلة.
“تصورني عيد وإنت شمعة مضويّة وليلي السّعيد يقلّي تمنّي وزيدي تصورني زهرة نار وإنت هالنّار… وهيك نحبّ”.
وما أجمل من هذه الكلمات كي تتفوه بها كل إمرأة لشريك حياتها، فأخذت الماجدة المهمّة وتغنّت بهذه المشاعر العميقة والصادقة التي يظن من يستمع إلى الأغنية أنها فعلاً تعيشها، وهنا حرفية إمتلاك المستمع والسيطرة على حواسه.
6- إقبلني هيك: لم تكتفي الماجدة في هذا الألبوم ببصم صوتها فقط، بل صاغت مشاعرها وإبداعاتها شعراً في عدد كبير من الأغنيات التي حملت توقيعها وهذه من أكثر المرّات التي تشارك فيها ماجدة في وضع الأشعار، أو ربما تكون أول مرّة يعلن فيها عن كل كتاباتها. هذه الأغنية واحدة من أجمل ما كتبت الماجدة، وقد أكمل روعة الكلمات الملحن جان ماري رياشي بنغمات ليست إلاّ علامة وفاء للأصالة التي تنشقتها هذه الأغنية في مساحات صوت ماجدة التي أقسمت الحبّ وناشدت الحبيب بلسان الآلاف بقبول الآخر.
7- الطير طرباً يغرد: هكذا عنونت الماجدة أغنيتها، أما التاريخ والفن فطبعاً سيعنونون قسماً كبيراً يتناول قيمتها الفنية بـ “الماجدة طرباً تغرّد”، فتطربنا وتطرب النغمات بصوتها الملائكي. صاغ شعر هذه الأغنية الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ولحنها كلود شلهوب بالإشتراك مع لانا خاطر اما التوزيع فقد تولاّه جان ماري رياشي.
8- سلونا: وربما تكون هذه الأغنية الأقرب إلى قلب الماجدة، لأنها جمعتها بصوت والدها في تحية وفاء إكبار لمن أنجبها إلى هذه الحياة وسهر على تغزية موهبتها حتى أصبحت القيمة الفنية العملاقة التي نشهد عليها اليوم وننحني لإبداعاتها “ماجدة الرومي”.
لقد نسج والد الماجدة الأستاذ حليم الرومي لحناً رائعاً زار فيه بصوته وصوت إبنته الحبيبة طبقات موسيقية واسعة فكان شعر الأخوين الرحباني متوجٌ بأجمل النغمات.
خطوة جميلة من الماجدة، ليست إلاّ عربون شكر لوالدها الملهم الوحيد لحياتها وخطواتها الفنية، فأبدعت كالعادة.
9- لا تقلّي حبّيتا: مرّة جديدة تدخل الماجدة بصوتها عالم الأغنيات العصرية الشبابية، أغنية خفيقة الظل في معانيها أعطتها الماجدة طابع جديد ودخلت إلى عالم الفتيات المراهقات في حديث قصدت في صياغته الماجدة إستخدام كلمات مستهلكة في الأحاديث اللبنانية.
تجدد جديد توقعه الكبيرة ماجدة الرومي من خلال هذه الأغنية التي سلّطت الضوء إلى جانب جديد من شخصيتها.
10 – على قلبي ملك: في تعاونهما أبى الملحن طارق أبو جودة إلاّ أن يتحدّى نفسه ويخرج بأرقى الجمل الموسيقية، التي أطفى من خلالها في هذه الأغنية بصمة خاصة على شعر الماجدة ومن خلال صوتها.
“إنت الملك قلبي .. وعلى قلبي ملك” بهذه الكلمات توجهت الماجدة إلى الحبيب، فإسترسلت في كلام الحبّ الذي يخالج كل قلب عرف هذا الشعور يوماً.
11- لا مارح إزعل ع شي: أقسى وأقوى أغنيات هذا الألبوم، تجتمع فيها كل مشاعر الكبرياء، العنفوان والقوّة، فتخرج الماجدة من داخل كل فرد منّا الإحساس بالصمود والتغلب على كل المصاعب، وتضيئ بصوتها العتمة بالشموع!
صدرت هذه الأغنية قبل الألبوم بفترة وحققت نجاحاً كبيراً ولاقت إستحسان جمهورها العريض الذي إجتمع على عمق كلماتها وإبداع مروان خوري في اللّحن الحلم الذي علا صوت الماجدة فيه إنتفاضاً على كل حالات الكون متخذةً إتجاهاً واحداً نحو الإنتصار.
12- لو تعرف: تعاملت السيدة ماجدة الرومي في هذه الأغنية مرّة جديدة مع الملحن طارق أبو جودة، فسلمته امانة شعرها وصوتها وحافظ طارق على الأمانة ليتفوق على نفسه لحنياً مرة جديدة من حيث إبداعات جمله الموسيقية التي توهجت بصوت الماجدة في واحدة من أجمل أغنيات الحبّ والغرام.
أجمل ما قالت الماجدة في هذه الأغنية: “إن كان قلبي اللي كتبتو بإسمك ما بيقدر يكفيك من قلبي رح إمحي إسمك .. إنس فكر فيك! بحبك انا بعترفلك بس الغالي ما بيرخصلك لو مهما قلبي ندهلك ما بيقلّك تعا… تعا.
13- بلادي أنا: جمعت السيدة ماجدة في هذا العمل الفني الضخم الأغنية العربية بالأغنية الفرنسية، فغنت بإسم بلادنا، بإسم لبنان وشاركها في الأغنية من خلال مقاطع النصّ الفرنسي المستوحى من “قدموس” الفنان يوسّو ندور فسلّطت الماجدة الضوء على روعة إحساسه. هذه الأغنية تعتبر من أجمل الأغنيات غزلاً بلبنان، فغزل البوم الماجدة طال الوطن أيضاً من خلال هذه الأغنية التي نسج شعرها الكبير سعيد عقل.
14- نشيد الشهداء: أبى صوت الماجدة الذي حاك الحب، الكبرياء، العشق، الحزن أن لا يحيّي الشهداء، فكتب أجمل كلمات الإكبار الشاعر والملحن إيلي شويري على لحن أراده عصامي فأبدع في نغماته الموسيقية وغطّى به صوت الماجدة الصادق الذي حاك أكبر تحيّة لروح الشهداء البهيّة، ولم تنسى السيدة ماجدة ان تجعل من صوتها رسالة قوّية تصل للعالم بأسره فدعت الناس للإبتعاد عن الحروب التي تسرق منّا يومياً أغلى رجال الأوطان.
أجمل ما قيل في الأغنية: “يا هالناس بيكفي حروب تاخد أغلى رجالنا .. بيكفي الحقد يهدّ قلوب وتتكسّر آمالنا .
تعو نفتح للسّلم دروب بيكفي نقاتل حالنا ما ضلّ بهالأرض شعوب ما توجها إستقلال”.
أقل ما يقال عن البوم “غزل” انه إضافة إلى مكتبتنا الموسيقية العربية، وأقلّ ما يقال عن السيدة الكبيرة “الماجدة” في كل خطواتها ماجدة الرومي أنها أبدعت وأننا لم ولن نكتفي يوماً من صوتها وفنها الذي يحملنا إلى عالم بعيد حيث الأحلام تصبح حقيقة وحيث السلام يكون السلاح الوحيد والحبّ الرسالة.