الإعلامي اللبناني فادي مطر هو اليوم واحد من المدربين الإذاعيين المعروفين في العالم العربي. إنه مسؤول عن التدريب في البلدان العربية في أكاديمية إذاعة فرنسا الدولية، فرنسا ٢٤ ومونت كارلو الدولية، في باريس، منذ العام ٢٠٠٦. وقد عَقد في هذا الإطار العديد من دورات التدريب الإعلامية في فرنسا ومختلف البلدان العربية..
انضم مطر إلى إذاعة فرنسا الدولية العام ١٩٨٧ حيث عملَ كصحفيّ ومعدّ ومقدم برامج ومخرج ومنتج، قبل أن يعيَّن مسؤولاً عن البرامج في إذاعة مونت كارلو الدولية عام ٢٠٠٣، لينتقل بعد ذلك إلى أكاديمية إذاعة فرنسا الدولية، فرنسا ٢٤ ومونت كارلو الدولية، حيث يعمل حالياً..
ميوزيك نايشن إلتقت فادي مطر بمناسبة زيارته إلى لبنان حيث يمضي إجازته السنوية، فكان معه هذا الحوار:
فادي مطر، أنت إعلامي أم مدرب؟
– الإثنان معاً. أنا إعلامي يضع خبرته ومعلوماته وإمكانياته في خدمة المتدرب.
ما أهمية دورات التدريب التي تعقدها من خلال أكاديمية إذاعة فرنسا الدولية، فرنسا ٢٤ ومونت كارلو الدولية؟
– هذا النوع من دورات التدريب يسمح للمتدرب بالتعرف على المهنة عن قرب، ويعطيه الفرصة لاكتساب المهارات العملية اللازمة التي تخوله الدخول إلى معترك العمل الإعلامي بسهولة أكبر. فكما تعلم، معظم كليّات الإعلام في البلدان العربية تؤمن لطلابها دراسة نظرية ولا تركز كثيراً على الشق العملي، فيتخرّج منها الطالب حاملاً الكثير من المعلومات التي لا يعرف كيف يضعها موضع التنفيذ عند دخوله معترك العمل، وخصوصاً العمل الإذاعي والتلفزيوني.. دوراتُنا تسمح للمتدرب بالتقرب من المهنة أكثر والتعرف على كواليسها من الناحية العملية.
دورات التدريب التي تعقدها تتناول في معظمها العمل الإذاعي، لماذا هذا التخصص؟
– مشواري الإذاعي طويل جداً. فأنا أعمل في إذاعة فرنسا الدولية وحدها، منذ أكثر من خمس وعشرين سنة، ما دفعني بشكل طبيعي إلى الإهتمام أكثر بالتدريب على العمل الإذاعي. بالإضافة إلى أن دورات التدريب الإذاعية التي نؤمّنها من خلال مؤسستنا، تغطّي نقصاً في مجال التأهيل الإذاعي في البلدان العربية والعالم، لأن كليّات الإعلام في معظمها تؤهل طلابها على الصحافة المكتوبة أكثر من غيرها. وكما تعلم، فإن لكل نوع من أنواع الصحافة أسسه وتقنياته. الكتابة للإذاعة مثلاً تختلف عن الكتابة للصحافة المكتوبة، فالقارئ بإمكانه الرجوع إلى الخبر أكثر من مرة إذا لم يفهمه من القراءة الأولى، بينما المستمع عليه أن يفهم ما يقدم له من مرة واحدة فقط.. عدا عن ذلك، يوجد هناك نقص في الوعي بالعمل الإذاعي لدى العامة. فالكثيرون يعتقدون بأنه يكفي أن يمتلك الإنسان صوتاً جميلاً لكي يكون إذاعياً ناجحاً، ودوراتنا التدريبية تساهم أيضاً بنشر الوعي بمبادئ العمل الإذاعي وأسسه.
دورة تركيز الصوت والإلقاء هي واحدة من أكثر دوراتك التدريبية رواجاً. ما هو سر نجاحها؟
– هذه الدورة موجهة إلى العاملين في الإذاعة والتلفزيون على حد سواء. فالصوت هو أحد العناصر الأساسية في العمل الإذاعي والتلفزيوني. إنه الوسيلة التي تحمل المضمون للمتلقي، مستمعاً كان أم مشاهداً. والنصّ الإذاعي أو التلفزيوني يمكنه أن يكون مستوفياً لكافة شروط الكتابة الإذاعية أو التلفزيونية الصحيحة، ولكنه لن يصل إلى المتلقي إذا لم يقدّم بشكل جيد. ودورة تركيز الصوت والإلقاء التي أقدمها تركّز على الإحتياجات الخاصة بكل متدرب على حدىً من خلال تحديد المشاكل المتعلقة بصوته وأدائه والعمل على تحسينها وتطويرها، وهي تعتمد على الكثير من التمارين العملية وتتناول مختلف التقنيات التي تسمح للمذيع بالتحكم بصوته وتطويعه تبعاً لما يريد أن يقدمه للمتلقي. كما تتطرق إلى جميع العناصر المكونة للصوت كالطبقة والحضور والسرعة والنبرة والإلقاء والتلوين ومبادئ تقطيع النص. كما تعتمد التدريبات كثيراً على التنفس من الحجاب الحاجز والتركيز والتوازن وامتلاك الذات والسيطرة على الخوف والانفعالات، الخ.. إذاً، سر نجاح هذه الدورة هو أنها تتناول كافة عناصر الصوت وتختلف بذلك عن عدد من دورات التدريب الأخرى التي تركز في معظمها على الإلقاء ومخارج الحروف على حساب العناصر الأخرى المكونة للصوت.
ما هي أهم دورات التدريب الأخرى التي تقدمها من خلال أكاديمية إذاعة فرنسا الدولية، فرنسا ٢٤ ومونت كارلو الدولية؟
– إلى جانب تركيز الصوت والإلقاء، تغطي دورات التدريب التي أقدمها العديد من المواضيع الأخرى ومنها الكتابة للإذاعة، المقابلات والتحقيقات الإذاعية، إعداد وتقديم البرامج، بالإضافة إلى المونتاج والإخراج وتصميم الإعلانات والشارات والحلة الإذاعية وغيرها. كما أقوم بإعداد دراسات تقييمية لآداء عدد من الإذاعات وأعمل على وضع برامج تدريبية خاصة بناء على نتائج هذه الدراسات.. ولكنني لست المدرب الوحيد في أكاديمية إذاعة فرنسا الدولية، فرنسا ٢٤ ومونت كارلو الدولية. نحن مجموعة من الإعلاميين المدربين ودوراتنا تغطي جميع مجالات العمل في الإذاعة والتلفزيون والوسائط المتعددة. وقد تعاون معنا في مجال التدريب العديد من المؤسسات الإعلامية العالمية والعربية، ومجموعة من أهم مراكز التدريب الإعلامي، ومنها في العالم العربي، مركز الجزيرة الإعلامي للتدريب والتطوير في الدوحة، وتوفور فيفتي فور في أبو ظبي، ومركز التدريب الإذاعي والتلفزيوني التابع لإتحاد الإذاعات العربية، ومركز التدريب التابع لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون في الجزائر وغيرها. وقد تشرفت بعقد عدد من دورات التدريب في جميع هذه المراكز.
ما هو أصعب ما يواجهك في التدريب الإعلامي؟
– النمطية والتقليد أصعب ما أواجهه في التدريب خصوصاً فيما يتعلق بالصوت والأداء. بعض المتدربين يلتحقون بالدورة بهدف تقليد نجوم التقديم في القنوات الكبرى، معتقدين بأنها الطريقة الأمثل للنجاح، وغير مستعدين لاكتشاف طاقاتهم وإمكانياتهم الخاصة، فيتعثَّرون كثيراً قبل أن يقتنعوا أخيراً بأنه يجب على كل مذيع أن يتحلّى بشخصية وأسلوب خاص به وأن يبتعد عن تقليد الآخرين. دورة تركيز الصوت والإلقاء التي أقدمها لا تدّعي خلق أصوات إستثنائية، ولكنها تسمح للمتدرب بوعي صوته واكتشافه كي يتمكن من تطويعه واستعماله بطريقة جيدة تخدم المضمون الذي يرغب بإيصاله إلى المتلقي.. كما أن هناك بعض الأشخاص الآخرين الذين يلتحقون بدورات التدريب، معتمدين على جمال شكلهم أو صوتهم فقط، فتأتي النتيجة كارثية بسبب عدم امتلاكهم وعدم استعدادهم لتملك المهارات الأساسية الأخرى المكملة لجمال الصوت والشكل.
وما هي أسعد اللحظات التي يمنحك إياها التدريب الإعلامي؟
– أشعر بسعادة كبيرة جداً عندما ألمس النتائج الجيدة للتدريب في نهاية الدورة، أو عندما يخبرني أحد المتدربين بأنه تمكن من الحصول على فرصة عمل بفضل ما تعلمه في الدورة. كما لا يمكنك أن تتصور مقدار فرحي عندما أسمع أحد المتدربين القدامى عبر المذياع أو أشاهده من خلال التلفاز.