رأى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن “لبنان يمر بظروف دقيقة، لكن وضعه لا يزال أفضل من وضع الكثير من الدول في المنطقة، ونشاط اللبناني هو الرافعة للصمود الاقتصادي الذي نشهده حاليا”. وشدد على أن “التضامن الاجتماعي يعزز وحدتنا بشكل أكبر”.
كلام سلامة جاء عبر تقرير مصوّر عرض في الحفل الثالث لتوزيع جوائز (Social Economic Award 2013 (SEA، الذي تنظمه شركة “فيرست بروتوكول” بالتعاون مع مصرف لبنان وبنك عوده، والذي أقيم في كازينو لبنان السبت الماضي، في حضور وزراء وفاعليات اقتصادية واعلامية.
وقال سلامة إن “المبادرات التي تأتي عبر القطاع الخاص ترتبط بالوضع الاقتصادي والنتائج الاقتصادية للبلد”. واعتبر أنه “مع تراجع النمو حتى لو كان هذا النشاط موجودا”، فهو أقل الى حد كبير مما هو متوقع من حيث تطوره”. وقال: “نلاحظ مساهمة المصارف في نشاطات اقتصادية مختلفة، وما ينقصنا هو تحويل موضوع المسؤولية الاجتماعية الى نشاط مؤسساتي أي أن يكون لدى المؤسسات وحدة متخصصة تحدد لها ميزانية، وأن تبتعد عن المبادرات المتشعبة ولكن ليس لها قواعد تنسيقية ليظهر آثار تقديمات المؤسسات الخاصة. ويجب أن تكون الميزانيات المرصودة لتلك المشاريع مدروسة لتشمل في العمق مشاكل تهم المجتمع. ويجب أن ننظر دائما” الى تلك المسؤولية ليس كعلاقتها بمساعدات حياتية فحسب، بل من ناحية قدرتها على انعاش المجتمع في الفن والثقافة والرياضة”.
وأوضح أن سياسة المركزي تستند منذ سنوات الى أن الزيادات في القطاع المصرفي أو الارتفاع التاريخي لموجودات مصرف لبنان، ليس لها قيمة فعلية إن لم تتحول بشكل مدروس ليفيد منها اللبناني”. وقال: “لدينا اليوم 96 ألف قرض سكني نتجت من قدرة مصرف لبنان على تحرير سيولة إضافية الى السوق دون أن يكون هناك خطر على الاستقرار النقدي. ترجمنا تلك القدرات النقدية التي كوّناها الى مبادرة أفادت المجتمع، لأن الأهم خصوصا” للبناني أن يتملك مسكنا”. كذلك، اتخذ مصرف لبنان مبادرات تتعلق بالبيئة لأننا نعاني منها. وهي ليست مشكلة اقتصادية فقط لأن تحسن البيئة يحسّن صورة لبنان، بل لأن عواقبها تنعكس على صحة اللبنانيين. لذلك، شملت تحفيزاتنا هذا القطاع”.
أضاف: “دخلنا أيضا” في موضوع الطاقة البديلة. فلبنان يستورد لتشغيل الطاقة بنحو 6 مليارات دولار، مما يكبد كل أسرة كلفة باهظة. فإذا تمكنا تدريجيا” من توفير بدائل لاستخراج الطاقة، نوّفر على الأسرة اللبنانية وعلى ميزان المدفوعات. وهنا، حاول مصرف لبنان أن يساوي بين الأهداف الاقتصادية وأن يترجمها الى منافع يفيد منها اللبنانيون”. وقال “وضعنا أيضا” برامج تحفيزية شملت قطاعات عدة وآخرها يتعلق باقتصاد المعرفة الذي نعتبر أنه يؤمن عملا للبناني حتى لو كان في منزله. سنواظب على تلك المبادرات طالما لدينا القدرات، وعيننا على التوازن في السوق لجهة المحافظة على ضبط السيولة كي لا تتحول هذه المبادرات الى مشاكل نقدية”.
وأوضح سلامة أن “مصرف لبنان قام بمساهمات في محطات حتى لو من خارج ميزانيته، إذ بادر الى جمع أموال وتأمين نشاطات مهمة للبنانيين منها “ماراتون بيروت” وبعض الحدائق”. وقال: “نعمل مع بنك الاستثمار الأوروبي لتأمين تمويل يمكن لقطاع الصحة الإستفادة منه”، موضحا” ان نوعية المؤسسات تجعل كلفتها في نشاطات المسؤولية الاجتماعية محدودا”. “وحين تكبر المؤسسة تكبر امكاناتها. لكن معظم اقتصادنا قائم على مؤسسات متوسطة وصغيرة. وهنا أيضا”، بحسب ما ستكون الهندسة في القطاعات الاقتصادية مستقبلا”، يكون دور المؤسسات أكبر بسبب إمكاناتها. ونعمل على تأسيس أسواق لرأس المال لتصبح المؤسسات الفردية والعائلية قادرة على التحول الى مؤسسات تضم مساهمين من صناديق وأفراد ما يسمح لها زيادة رأس مالها والنمو والدمج على نحو يوّفر لها القدرة على الاهتمام بمشاريع مكلفة لكن لها مردود اجتماعي إيجابي. ومن المؤكد أن تلك المؤسسات ستقدم على المشاريع لتحسين سمعتها ومساعدتها في تطوير أعمالها.
ورأى ان لبنان يمر بظروف دقيقة لكن وضعه لا يزال أفضل من وضع الكثير من دول المنطقة. “ونشاط اللبناني هو الرافعة للصمود الاقتصادي الحالي، والتضامن الاجتماعي يعزز وحدتنا بشكل أكبر.
* التكريم
وكان الحفل الذي قدمه الإعلامي جورج قرداحي، قد افتتح بالنشيد الوطني، تلاه ريبورتاج عن جوائز العام 2012، ثم تحدثت مديرة الاستراتيجية والعلاقات العامة في “فيرست بروتوكول” فيوليت غزال البلعة التي اعتبرت ان الدورة الثالثة من حفل التكريم الاقتصادي والاجتماعي، أكدت وجود طاقات كبيرة وحاجات كثيرة. “وما أحوجنا اليوم الى التكاتف والتضامن، لنعيد للانسان بعضا” من حياة كريمة فقدها بفعل ظروف قاهرة، وأيضا” لنعيد له بعضا” من قيم لا تزال تميّز لبنان، مجتمعا” فريدا” استطاع قهر كل التحديات، فانبثق طائر فينيق يتجدد روحا” وحياة عند كل انزلاق”.
أما المدير العام لشركة “فيرست بروتوكول” مارون البلعة، فتحدث عن صعوبة اختيار المؤسسات الرابحة، “مع باقة التزمت المسؤولية الاجتماعية والوطنية عنوانا” هادفا” الى التحسين”. وأشار الى أن “المعايير الدولية في تطور لتصدر مقاييس “أيزو 26000″ لتتلاءم وتطور حاجات المجتمع وصورة الوطن. ولجنة التحكيم كانت متأنية في الاختيار. فوقعت على ما طابق من البرامج، شروطا” محددة وفقا” لمفهوم المسؤولية الاجتماعية. وهذا لا يعني ان ما اُغفل منها لا يستحق التقدير والثناء”.
وسبق توزيع الجوائز تكريم ثلاث شخصيات. فقدم الوزير السابق ريمون عوده درعا” تكريمية لرئيس اتحاد المصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه، قائلا فيه: “رافق الادارة العامة والخاصة في أيام عزّها وفي المحن. من رئاسة مصرف الى رئاسة جمعية المصارف، حلّ لأكثر من دورة وولاية، وعرف كيف يسير بالقطاع بين النقاط في زحمة الأزمات حتى شاطئ الأمان. ترأس الرابطة المارونية ولايتين، مستهدفا” السلم والمصالحة والوفاق عنوانا” لاستنهاض المجتمع. لعطاءاته هذه، استحق لقب “Man of the Year”.
وألقى طربيه كلمة شدد فيها على أن “القطاع المصرفي عنصر استقرار للبنان، وهو الذي جعل لبنان يصمد في وجه الأزمات منذ العام 1975”. وقال إن “القطاع المصرفي العربي غني بالسيولة، لكن القطاع المصرفي أهميته بأنه يعمل في ظروف صعبة وسيولته هي اللأعلى بين كل القطاعات الاقتصادية”.
ثم قدمت الوزير السابقة ليلى الصلح درعا” تكريمية ولقب SR Personality لرئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي روجيه نسناس، فلفتت الى أنه “ما برح يعطي وكأنه في اليوم الأول. هو أفضل سفير للبنان في المجالس العربية والدولية. في الجمعية الخيرية للروم الكاثوليك أحدث ثورة، بالعناية والرعاية والتوجيه”.
وقال نسناس: “لبنان بلد التحديات واللبنانيون مميزون بالتغلب عليها والصمود”. وأعتبر أن الإنماء يرسخ الانتماء بالوطن”.
كذلك، قدّمت الصلح درعا” تكريمية الى رجل الاعلان والاعلام جوزف غصوب، الذي حصل على لقب Global Lebanese Personality قائلة عنه: “انطبع بلبنان ليطبعه في مسيرته المهنية والخاصة، حتى ارتبطا زواجا” مارونيا”. لامع في مهنته، ومجنّد لاحتضان لبنانيي المغتربات. عَلمٌ من لبنان، حوّل الدعاية الى اعلان لتسويق لبنان، وطنا” وشعبا”. فرد شاكرا” ومتمنيا” للبنان السلام والازدهار.”
* توزيع الجوائز
وبعد ريبورتاج عن لجنة التحكيم، تمّ توزيع الجوائز كالآتي:
– شركة “طيران الشرق الاوسط” عن فئة الصورة الوطنية National Image، وتسلّم الجائزة نيابة عن رئيس مجلس الإدارة محمد الحوت، عضو مجلس الإدارة المحامي ميشال تويني من وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي.
– “بنك سوسيتيه جنرال في لبنان” عن فئة الدمج الاجتماعي Social Inclusion، وتسلّمت الجائزة مديرة الاستراتيجيا والتسويق جمانا حاتم ونائب رئيس جمعية “أم النور” غبريال دبانة من الوزير السابق سليم الصايغ.
– “معهد البحوث الصناعية” عن فئة تميز القطاع العام Public Sector Distinction، وتسلّم الجائزة رئيس مجلس ادارة المعهد الدكتور بسام الفرن من النائب ياسين جابر.
– جمعية تراخيص الامتياز “فرانشايز” عن فئة تميّز المؤسسات Institution Distinction ، وتسلّم الجائزة رئيس الجمعية شارل عربيد من الوزير السابق جان أوغاسبيان.
– شركة Clin Serv عن فئة الابداع Innovation، وتسلمت الجائزة مديرة Clin Group Holding الدكتورة ناديا شعيب من وزير البيئة ناظم الخوري.
– “فرنسبنك” عن فئة الفن والتراث Art & Heritage، وتسلمت الجائزة مديرة قسم الاعلان والاعلام دانيا القصار من الوزير السابق زياد بارود.
– شركة Tag Brands عن فئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة SME’s التي مُنحت لمشروع Beirut Design Week، وتسلمت الجائزة مديرة الشركة مايا قرانوح ودورين توتيكيان من رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير.
– “بنك بيروت والبلاد العربية” عن فئة التنمية الريفية Rural Development، وتسلم الجائزة رئيس مجلس الادارة الشيخ غسان عساف من وزير الصناعة فريج صابونجيان.
– الاعلامية ريبيكا ابو ناضر عن فئة الأثر الاجتماعي Social Impact، وتسلمت الجائزة من وزير الاعلام وليد الداعوق.
– جامعة “هايكازيان” عن فئة تمكين الشباب Youth Empowerment، وتسلم الجائزة عميد كلية الاقتصاد الدكتور فادي عسراوي من البروفسور نعيم عويني.
– المصممة زينة صليبي عن فئة تمكين المرأة Women Empowerment، وتسلمت الجائزة من الوزير السابق محمد رحال.
يذكر أن لجنة التحكيم التي تولت فرز النتائج ضمت: رئيس الجمعية اللبنانية لتقدم العلوم البروفسور نعيم عويني، الخبير في الاتصالات والتكنولوجيا الدكتور غسان حاصباني، والاستشاري في الشؤون المصرفية الدكتور طوني شويري، والخبير في استراتيجيا الشركات الدكتور سليم الحاج. وتخلل الحفل لوحات فنية للمغنية الإيرلندية ديان أوسوليفان وفرقة سامي الحاج.