هذا “الكمد” و”النكد” الذي يُغرق اللبنانيين بسبب جدالات عقيمة تسحق يومياتهم تحت وطأة التجاذب الذي لا طائل منه سوى الإمعان في قهر اللبناني وتركه في حالة “وهن” و”إحباط” و”يأس” أفقدت الأعياد اللبنانية بهجتها ، فلا الزينة والأضواء تشرق في ليل اللبنانيين فرحاً، ولا التراتيل والترانيم تبعث في نفس المواطن اللبناني طمأنينة على يومه وغده ومستقبل أبنائه، حتى الأعياد التي كنا ننتقد فيها مواسم المتاجرة بها وحركة البيع والشراء، دخلت في حالة غيبوبة فلا من يشتري ولا من يبيع، هذه هي الصورة الحقيقية لموسم الأعياد هذا العام .
يبحث اللبنانيون عن لحظة فرح وسلام حقيقي ينبع من ذواتهم ، من داخلهم ، يمنحهم نعمة الشعور ببركة الأيام ، فيأتيهم منذ أعوام صوت ماجدة الرومي يرنم بسلام وسكينة التصالح مع الذات ومع الآخر، يترنح أمامهم يتسلل إلى قلوبهم كشعاع يسرق وهجه من شمس تطل وتحتجب في سماء ملبدة…
فقد أحيت ماجدة الرومي حفلاتها الأربع التي باتت تقليداً ميلادياً سنوياً أيام 16 و17 كانون الأول )ديسمبر( الجاري في كنيسة الأيقونة العجائبية، ويوم 18 منه في كنيسة مار الياس انطلياس ، ويوم 19 منه في كنيسة مار مارون الدورة ، وككل عام خلف ابتسامة صوتها تلألأت الزينة ، ومع كل ترنيمة للفقراء والبسطاء يزداد العيد إنسانية، وكلما تهادى الصوت مجد الخالق وازداد حباً بالخلق، هو تقليد سنوي تصر ماجدة على إحيائه وإهداء ريعه للفقراء ، وعلى بعث الأمل في النفوس التعبة من البحث وانتظار سلام لا يأتي …