تعاني معظم الأعمال الكوميدية السورية كما هو الحال مع معظم الأعمال الكوميدية العربية من غياب كوميديا الموقف، فتعتمد (الكركترات) كتسمية أساسية لرسم (الضحكة) على وجه المشاهد، فتغرق في تقديم السذاجة والابتذال عبر إبراز حركات وتصرفات وطريقة كلام الشخصية في محاولة لكسب ود المشاهد، بدلاً من تقديم الموقف الذي يحوي الكوميديا، ورغم أن وجود هذه الكركرات مطلوب في الأعمال الكوميدية خاصة أنه يضفي رونق خاصاً ويبرز في بعض الأحيان القدرات الفنية والجهد المبذول للممثل الذي يقدمه، ولكن في نفس الوقت لا يجب أن يكون الهدف إبراز الشكل الخارجي فقط على حساب دواخل الشخصية، ولا أن يكون على حساب (الموقف) والأحداث في السياق الدرامي للعمل.
هذا الاعتماد يفشل في أغلب الحالات، وتكون النتيجة عمل درامي (كوميدي؟) مفرّغ من كل محتوياته على مختلف الأصعدة، وهذا الأمر ينطبق بشكل كبير على الأعمال الكوميدية السورية (ثمانية مسلسلات) في هذا الموسم، وتعتمد في أغلبها موضة (الأسنان) حيث وسم الموسم الحالي للكوميديا من قبل بعض المتابعين بموسم (الأسنان) لكثرة (الكركترات) التي تستخدم هذه الموضة في تكوين الشكل الخارجي للشخصية، فيما تبقى المواقف (الكوميدية) في هذه الأعمال قليلة مقارنة مع طغيان (الكراكتر) الذي يسعى للإضحاك على الشخصية في المقام الأول.
وضمن هذا السياق تكثر (الكراكترات) وتغيب المواقف بشكل ملحوظ في مسلسل (سيت كاز) للمخرج زهير قنوع، رغم أن التوقعات كانت تشير بشكل كبير إلى أنه سيكون من أبرز الأعمال الكوميدية في الموسم الحالي.
الملفت أن بعض النقاد والصحفيين أقرّ بنجاح العمل قبل عرضه خاصة مع وجود نخبة من نجوم الكوميديا، وعلى رأسهم أيمن رضا، الذي يعد من نجوم الكوميديا في الوطن العربي، وله مكان محجوزة على الساحة الدرامية بشكل سنوي، وكتب احد النقاد بعد الحلقات الخمسة للعمل سيت كاز السيت كوم البرز بعد أعمال (دريد ونهاد، فيما أشار آخر إلى أن العمل سيكون بمثابة ضربة معلم على الصعيد الكوميدي.
ولكن بعيداً عن مزاجية النقاد بعضهم، وأهداف بعضهم الآخر، وبعيداً عن الأحكام المسبقة التي أطلقوها، يبدو أن (سيت كاز) سيكون بمثابة ضربة موجعة للكوميديا السورية وسيعيدها إلى الوراء بدلاً أن يطورها كما كان متوقعاً، فالعمل الذي اعتبره صناعه في أكثر من مكان كوميديا خفيفة، بدا واضحاً -بعد الحلقة (15)- أنه لا يحمل أي جزء من هذا الوصف، فاعتمد استخدام (الكراكترات) المفرط، وأكثر من (التهريج)، ولم يكتف مثلاً بتقديم الشخصية (الغبية) على حالها، ولكنه ألبسها بطريقة غريبة، وجعلها تتكلم بطريقة غير اعتيادية، وأرفقها بتشويهات في الشكل والحركة، في محاولة لإضحاك المشاهد، ولكن ذلك لم يأتي بنتيجة، بل على العكس، جاء برد فعل عكسي رافض للعمل ولما يقدمه من قِبل معظم المتابعين، فيما اتصفت حبكته بالساذجة المفرغة من محتواها، والبعيدة عن كوميديا الموقف بكل أشكالها.
ورغم أننا لا نستطيع أن نحمّل العمل أكثر مما يحتمل، خاصةً أنه –من المفترض- كوميديا خفيفة -حسب صانعيه-، كما لا يمكننا أن نطلب منه أن يقدم بعداً فكرياً أو ثقافياً أو اجتماعياً لنفس الأسباب، ولكن في الوقت ذاته يجب أن يقدم على الأقل شيء من هذه الكوميديا الخفيفة (المزعومة) وهو الأمر الذي لم يستطع تقديمه بل على العكس، فالسذاجة والابتذال كان بعيدة كل البعد عن أي نوع من الكوميديا.