أقامت دائرة الفنون الموسيقية في بغداد مهرجان فني
خاص بالأغنية السبعينية في محاولة منها لإيصال رسالة إلى من يسيئون اليوم
للأغنية العراقية من خلال ركاكة الكلام واللحن وكذلك التصوير وطريقة الأداء
عكس ما كانت عليه حيث تميزت بعصرها الذهبي في حقبة سبعينيات القرن الماضي
حيث ما زال صدى أغنيات تلك الحقبة يستحوذ على إهتمام الشارع العراقي لما
فيها من جمالية وذوق فني عالي .
حمل المهرجان عنوان
“أغنية السبعين.. روح العراقيين” شارك فيه نخبة من فناني الثمانينيات وكل
واحد منهم غنى أغنية سبعينية كان لها صدى واسع في تلك الفترة وللأمانة فقد
أجاد المشاركون في هذا المهرجان بشكل كبير جدا بأدائهم أغنيات تلك الفترة
ومن هؤلاء المطرب كريم منصور الذي أدى أغنية الملحن الكبير طالب القرغولي
“هذا أنا”، والمطرب نجاح عبد الغفور بأغنية “خسرتك يا حبيبي” التي غناها شقيقه صلاح عبد الغفور والمطرب
الريفي رحيم الفراتي في أغنية “عشق أخضر” للرائع سعدي الحلي، والمطرب
المغترب كريم حسين في أغنية “جاوبني” للمطرب القدير حسين نعمة.
هذا وتخلل المهرجان عرض مسرحية ” حين تغرد الروح ” وهي من
تأليف قاسم البديري وإخراج الدكتور رياض شهيد، وكذلك تم إلقاء محاضرة
للناقد الفني المعروف الأستاذ عادل الهاشمي تطرق فيها الى كيفية نشوء
الأغنية السبعينية والأسس التي بنيت عليها. “ميوزك نايشن” حضرت المهرجان
وسجلت هذه الوقفات القصيرة مع بعض
المطربين والفنانين:
المطرب أحمد نعمة وهو مشارك بأغنيته “يصبرني” قال:
أعتبر أن الأغنية الثمانينية هي امتداد للأغنية السبعينية فشاعر الأغنية
وملحنها هما من الجيل السبعيني فكان هذا الجيل يظهر إبداعاته في
الثمانينيات من القرن الماضي مثل رياض أحمد وحميد منصور وصلاح عبد الغفور
وحتى أيضا المطرب الكبير ياس خضر عندما أتحفنا برائعته في أغنية “تايبين”.
الأغنية السبعينية لها نكهة خاصة من دون بقيه الحقب التاريخية
التي مرت بها الأغنية العراقية من حيث المضمون والكلام واللحن ، وكذلك
امتزاجها بالمحيط العربي الذي أصبح فيه مقدمة موسيقية ولزم موسيقية والتي
أثرت على الأغنية في تلك الفترة وأعطاها جماليه أكثر والتي كانت أصلا
متأثرة بالمحيط البغدادي أيام الملحن الراحل عباس جميل فصار هناك امتزاج
مابين الملحنين الذين جاؤوا من الريف وامتزجوا في المحيط البغدادي وبالتالي
ظهرت الأغنية السبعينية بهذه الجمالية . أنا أعتقد كل
الأوقات متأخرة لتكريم أي حقبه تاريخية من الأغنية العراقية بل
وحتى المطربين ، والمشكلة في انه حكوماتنا
ووزارتنا لا تهتم بالفنان العراقي وأقولها بكل صراحة ولذلك فالفنان هو الذي
يعمل وهو الذي يذكر ولو بقيت الأمور على الدولة ومؤسساتها الفنية لا اعتقد
انه سيكون هنالك شيئا يذكر للفنان ، فالفنان العراقي هو الخلاق دائما وهو
من يبدع وليس مؤسساتنا الفنية .
من جانب آخر قال قائد
الفرقة السيمفونية العراقية المايسترو كريم كنعان وصفي: هنالك حاله واضحة من التردي ولكن نحن لا نستطيع أن نجبر المتلقي
على شيء لكن نستطيع أن ننصح المتلقي على أمور معينه وهذه واحدة من الرسائل
التي تتبناها رئاسة الفرقة السيمفونية العراقية .المشكلة
في الوعي هنالك هجوم كاسح على حالة المثقف العربي أو الشرق أوسطي وكذلك
هناك هجوم كبير وتجاري على حالة المتلقي المستهلك في الشرق الأوسط يراد
منها أن يكون مستهلكا ومستهلكاً في نفس الوقت وهذا ما أحاربه شخصيا وأتحداه
ولكن الفكرة ليس هناك أجبار على شيء الشباب العراقي واعي ونفس الشيء
بالنسبة للمجتمع العراقي مثقف فنيا وسياسيا واجتماعيا وحسيا لكنه يحتاج الى
العناية والرعاية وهذا ما يجب أن تقوم عليه المؤسسات الثقافية أعتقد أن
هذه المبادرة لطيفة جداً من دائرة الفنون الموسيقية أن تتجه هكذا اتجاه وأن
تتعامل هكذا تعامل مع المجتمع بشكل بناء وتعيد فعلا الأغنية العراقية بشكل
كما كانت عليه سابقاً وهذا لا يعني أن لا نتقبل الطرح الحديث هناك حداثة
وتفكيكيه وعولمة وشرق أوسط جديد هناك أطروحات كبيره والثقافة جزءا منها نحن
لا نستطيع بالضرورة أن نتناطح مع هذه الأطروحات لكن يجب علينا أن نضع
الأمور في نصابها الصحيح ومدعم الوعي الجماهيري العام باتجاه الرصانة
الثقافية والإجتماعية
.
المطرب كريم منصور هو الآخر استوقفناه
وكان له هذا الحديث: المهرجان صرخة جميلة جاءت متأخرة بعض الشيء يجب أن
تتكرر هذه الصيحات على مدى أيام السنة أو شهور السنة على الأقل حتى لا يضيع
منا جيل يتيه في ضياع هذه الأغاني الجديدة التي تعتمد على الصورة ففي
الأول والآخر الأغنية هي صوت والتصوير هو أمر آخر ليس الأغنية الأصلية واقصد هنا الأصل والذي هو شعر وكلام ولحن
جميل جداً يسمعها المتلقي بالطريقة التي ألفناها في العراق أتمنى أن تتكرر
مثل هذه المهرجانات وأقولها للمرة الألف حتى نحافظ على أذواق أجيالنا
الجديدة.
محمد السامر مطرب تميز
بأداء الأغاني الريفية الحديثة قال: هذه المهرجان الذي قمنا به نحن كفنانين
من أجل أعادة الأغنية السبعينية الى نصابها الحقيقي بعد ما تردت في الآونة
الأخيرة الأغنية العراقية ، وأعتبر من وجهة نظري أن الأغنية السبعينية هي
أساس الأغنية العراقية حيث في الآخر لا يصح ألا الصحيح.
هذا المهرجان يشارك فيه عدة فنانين بما فيهم
المتحدث اذ سأغنى للمطرب الكبير ياس خضر أغنيته المشهورة ” تايبين ” والتي
كتب كلماتها الشاعر المبدع داود الغنام ولحنها المبدع نامق أديب .
وقفتنا الأخيرة كانت مع الفنان المغترب كريم حسين العائد من
هولندا منذ فترة ليست بالقصيرة : هذه التفاتة جميلة ورائعة من قبل دائرة الفنون
الموسيقية وقد لبيت الدعوة التي بعثت لي من قبل الفنان حسن الشكرجي مدير
عام الدائرة بعد زيارة للعراق من غربة طويلة في هولندا للمشاركة في هذا
المهرجان والذي يتميز عن كثير من المهرجانات
حيث أحياء الأغنية السبعينية وهذا دليل على أن الأغنية في تلك الفترة وضعت
بشكل صحيح وكانت فترة تميز فيها الكثير من الملحنين والشعراء والمطربين
ومازالت بعد مرور أربعين عام تتجدد وراسخة في المتلقي العراقي وكذلك أخذت
صدى واسع على صعيد المستوى العربي فأنا مثلاً كمطرب من الجيل الثامنيني
تخرجت على يد الملحن الكبير محمد جواد أموري الذي كان واحد من مؤسسي أغاني
تلك الحقبة .للأسف واقع الأغنية العراقية الآن يرثى له كلحن
وأداء وككلام وأحمل بعض الفضائيات مسؤولية هذه الانتكاسة الكبير للأغنية
العراقية لأنها تعرض هكذا نوع من الأغاني وهي بذلك تشجع المتلقي على الخطأ
بسبب الافتقار الى ألرقابة عكس فترتنا نحن كنا نخضع الى اختبارات مشدده حيث
يتقدم خمسمائة شخص ينجح فيهامطرب
واحد أو اثنين فقط بسبب الرقابة على كل جزء من أجزاء الأغنية من كلام ولحن
وأداء.