قد تكون من أواخر الفنانات اللواتي ظهرن خلال السنتين الماضيتين وصنعن لهنّ مكاناً بين أبرز نجوم الساحة الغنائية. صغر سنها أعطاها دفعاً كبيراً للتقدم والعمل بمجهود أكبر وأكبر فأستمرت في إصدار أعمال غنائية مميزة وجديدة أكملت من خلالها سلسلة النجاحات التي بدأتها، وآخرها كان البوم “ماندم” الذي صدر منذ أشهر قليلة وإتخذ مكاناً بين أبرز الأعمال الفنية التي صدرت خلال الصيف الماضي.
الفنانة اللبنانية الشابة نايا التي تميزت بصوتها الفريد والجميل إلى جانب شكلها الخارجي قدمت في هذا العمل تسعة أغنيات منوعة بين المصري واللبناني تعاملت من خلالها مع أبرز الكتّاب والشعراء في الوطن العربي فكان البوم “ماندم”…
بعد إن إستمعنا إلى الألبوم جيداً حرصاً منّا على المواهب الجديدة كان لا بدّ من إبداء الرأي في الأغنيات بطريقتنا الموضوعية المعتادة.
1- من إيدي: وهي الأغنية اللبنانية الأجمل في الألبوم من حيث الكلمة واللحن الشقي الذين وضعهما المبدع سليم عساف كي يليقا بسن نايا، فحاك جيل الشباب بأغنية جمع من خلالها العتب بالطرافة إلى جانب توزيع عمر صباغ الذي تناسق بشكل كبير مع جوّ الأغنية فقامت نايا بأدائها بصوتها الجميل، ورغم أن هذه الأغنية تندرج في إطار السهل الممتنع إلاّ أنها أعطتها من مساحات صوتها ما إستحقته كي تبرز بل كي تكون الأبرز في هذا الألبوم.
أطرف ما قيل في هذه الأغنية التي لا شكّ أنها أعادت كبار السّن إلى أيام الشباب:
” من إيدي يللي صار من إيدي .. يللي حبيتو طار من إيدي .. مشتاقة يغفى نهار على إيدي ويرجعلي هواه.”
2- واخدني هواك: أغنية مصرية تحمل النغمة السريعة الراقصة التي أدخلت من خلالها نايا إلى الشارع المصري من بابه العريض، يتراءى لمن يستمع إلى هذه الأغنية أنها تندرج ضمن أحداث فيلم سينيمائي فيتخيل نايا فتاة شقية مليئة بالحركة والعفوية. كتب هذه الأغنية عمر يحيى، لحنها أحمد عمار وقام بتوزيعها محمد نور.
3- ماندم: وهي الأغنية الأكثر ثقلاً من الناحية الموسيقية في الألبوم، ليست التجربة الأولى لنايا مع الأغنية الخليجية فهي التي نجحت قبلاً في هذا اللون الموسيقي تعود إليه لكن هذه المرّة بأغنية أكثر عمقاً وأقرب إلى النغمة الخليجية الصعبة التي لا يسهل على إي كان أدائها. موهبة نايا وصوتها الجميل ظهرا بوضوح من خلال هذه الأغنية التي أبرزت مساحات جديدة وطبقات ينفرد فيها صوتها. فحاكت الندم وألم القلب والحبّ من خلال أجمل الكلمات التي صاغها خالد الشاعر على لحن محمد العريفي وقام بتغليفها أحمد أسدي بتوزيع موسيقي فريد عكس من خلاله ضجيج الهدوء في حزن صوت نايا.
4- ليه بحبك: وقد كانت خطوة إجابية قامت بها نايا حين أعادت فتح الألبوم وضم هذه الأغنية التي تدخل قافلة روائع الفنان والملحن سمير صفير الذي أعطى لمسته الخاصة على الألبوم فزاده تميزاً وتألّقاً. أصابت نايا في أدائها لهذه الأغنية فأظهرت عن إحساس عالي في أجواء موسيقية تتراوح بين الراقصة والهادئة. نايا الفتاة الطموحة مرّة جديدة تتدفق حيويّة وسلام من خلال نقاوة صوتها وعزوبته.
أجمل ما قيل في هذه الأغنية:
“مش حقولك إنك اناني وفـ قساوتك حد تاني … إنما من حقي أقولك نفسي تتعلم حناني
لي بحبك نفسي أفهم … ليه بأقرب تاني وأندم
والحكاية مستحيلة … م البداية وربي يعلم”
5- بالذوق: وهي الأغنية التي أشرف عليها الفنان المصري تامر حسني، وقد خصته نايا بشكر خاص داخل غلاف الألبوم الذي كان لافتاً بالصور التي ظهرت من خلالها نايا كأميرة من أميرات الأفلام الكارتونية الجميلة. الأغنية من اللون المصري المقصوم كتب كلامها وليد الغزالي وقام بتلحينها الفنان كريم محسن على توزيع محمد شفيق فنجحت نايا في أداء هذا اللون الموسيقي الجديد عليها .
6- ماما يا ماما: وهي أغنية سلطان الطرب جورج وسوف التي كانت نايا قد جددتها بصوتها وأصدرتها في وقت سابق على طريقة الحفلة السينغل، وأبدعت فيها أداءً وطرباً، فأثبتت من خلالها عن إمكانات صوتية كبيرة لا يتجرأ إلاّ المتمكن فنيّاً من أدائها.
7- تذكار: أغنية رومانسية لبنانية منذ إصدارها قبل فترة من طرح الألبوم أنذرت عن عمل غنائي قوي وجميل تنطلق من خلاله موهبة كبيرة إسمها نايا إلى عالم سوق المبيعات بأغنيات توقع الجميع أنها ستكون قويّة وكاملة المقاييس وكانت. هذه الأغنية من كلمات والحان الثنائي منير بو عساف وهشام بولس الذين مع كل عمل يصدرانه يثبتان عن حملهما لراية الأغنية اللبنانية بمختلف ألوانها عالياً فيعطيان كل صوت ما يليق به.
8- بتمنى: وهي الأغنية الأولى التي ظهرت بها نايا على الساحة الغنائية منذ سنوات وكانت جميلة لمبتدءة لكنها طبعاً ليست بمستوى أغنيات الألبوم الأخرى التي إنعكس من خلالها تقدم نايا وتطويرها لنفسها على كافة الأصعدة.
9- غيرة: أذكر جيداً ان هذه الأغنية وبعد إصدارها على الساحة الغنائية حققت نجاحاً كبيراً في لبنان ومصر قبل دول الخليج رغم أن كلماتها خليجية ولحنها ليس إلاّ مجموعة من أجمل النغمات الخليجية على توزيع متجدد وعصري، إلاّ ان جمالها وأداء نايا المتميز جعلها تصل إلى كافة الأذن الموسيقية فنجح الشاعر سعد المسلم والملحن عبد القادر الهدهود برسم إنطلاقة نايا في عالم الإحتراف من خلال أغنية غيرة.
نايا موهبة فنية فتية لكن كبيرة بمستواها تعد بمستقبل واعد ومليئ بالنجاحات إن إستمرت في إختيار أغنياتها بهذه الحرفية، فهي نجمة يجتمع فيها الصوت، الشكل والأداء رغم سنها الصغير.
البوم “ماندم” ليس إلاّ تحدّي يمثل نايا وغيرها من نجمات جيل الشباب لتأكد من خلاله هذه الشابة التي تتمتع بموهبة يجب التوقف عندها أن الساحة ليست حكراً على نجوم الصف الأول فقط، بل تتسع للمواهب الناجحة التي تستطيع أن تحقق علامة فارقة يصعب إخفائها بسهولة.