لا شك أن نجاح حفلتي سفيرتنا إلى النجوم المطربة الكبيرة فيروز “فضح” الكثير من نجوم الغناء في العالم العربي. اذ إن كل التبريرات التي كانت تعلن عن سبب فشل او الغاء عدد كبير من الحفلات الغنائية في العالم العربي ليست سوى شماعة لهؤلاء المطربون للهروب من الاعتراف بان نجوميتهم على وشك الافول ان لم تكن قد افلت بالفعل. فلا الازمة الاقتصادية ولا الاجواء السياسية المتشنجة ولا اي عوامل اخرى جانبية هي السبب الرئيسي في اخفاق تلك الحفلات التي الغيت في سورية ومصر ولبنان ودبي لعدد كبير من النجوم بل وحده التشبع الذي اصيب به الجمهور العربي من هؤلاء الفنانين الذين يحييون عشرات الحفلات في مختلف الدول العربية في مدة زمنية محدودة وجعل الناس تمل من سماع الاغنيات نفسها في كل مرة تقصد فندق او صالة حفلات لحضور ذاك المطرب او تلك المطربة هذا دون ان ننسى ان هؤلاء النجوم يطلون ليلا و نهارا عبر الشاشات التلفزيونية سواء من خلال الكليبات او في الحفلات المسجلة والبرامج التلفزيونية التي تدفع لهم عشرات الاف الدولارات من اجل استضافتهم ومن هنا ارتأى المشاهدين العرب ضرورة الابتعاد عن اولئك المطربين بعدما اصيبوا بالتخمة منهم . اما الحجج التي يطلقها المتعهدين والفنانين معا التي ساهمت في تراجع قيمة الحفلات فهي ليست الا اسباب وهمية ولا تمت الى حقيقة الموقف بصلة. فالجمهورين اللبناني والعربي اللذين لم يتوانوا عن “الهرولة” والوقوف لساعات طويلة امام مبنى الفيرجن في وسط بيروت لمجرد قراءته اعلان بسيط على صفحة “الفايس بوك” الخاصة بالسيدة فيروز ذكر فيه ان سفيرتنا الى النجوم ستحيي حفلين غنائيين في السابع والثامن من اكتوبر حتى تم بيع 6 الاف بطاقة في اليوم الاول، وهذه سابقة لم تحصل مع اي فنان عربي اخر وخلال ايام قليلة نفذت البطاقات وقد تناسى الناس كل التشنجات السياسية في البلد والخطابات الرنانة التي تهدد بالحرب الاهلية مجددا والازمة الاقتصادية و اتفقوا على حضور السيدة فيروز التي تحدت قرارا قضائيا يمنعها من الغناء وقدمت ليليتين من العمر حضرها جمهور من مختلف الجنسيات العربية وصفق لها مطولا واشترى البومها الجديد بشغف دون ان يسأل عن قيمته المالية التي هي 25 الف ليرة لبنانية بينما كانت شركة “روتانا” قد خفضت سعر البوماتها لاربعة دولارات فقط. ومن هنا لا بد للمطربين الموجودين على الساحة حاليا ان يراجعوا حساباتهم جيدا فهذه الفنانة الكبيرة التي تغني منذ اكثر من نصف قرن لا زالت تستقطب الجماهير من مختلف الجنسيات والاعمار بينما ينشط بعض المتعهدين على اقامة حفلات تضم اسمين او ثلاثة من النجوم الحاليين لجذب الناس ومع ذلك اخفق هؤلاء وكانت معظم الحفلات تلغى او يتم “ترقيعها” من خلال دعوة المقربين لمليء الطاولات حرصا على مشاعر نجومهم. وامام هذا الواقع ما على الفنانين العرب سوى تعلم الدرس والابتعاد عن استهلاك انفسهم في عشرات الحفلات “المضروبة” والبحث عن اعمال فنية قيمة تعيد لهم بريقهم الذي فقده معظمهم واعتماد الغناء في مهرجانات كبيرة تستقطب الالاف كما فعلت الكبيرة فيروز التي تطل عندما يجب وتغيب ليشتاق اليها جمهورها الوفي لها ولفنها الراقي فهل من اذان صاغية؟