إعتدنا في لبنان أن نعيش الفلتان الأمني وأن نستقوي على بعضنا البعض وأن نهدد ونتوعّد وأن نكون أسياد أنفسنا، فلا قانون فوقنا أو حتّى تحتنا، لكن: كيف تتخيّلون أن نتصرّف مع الغريب إن كنّا غير صادقين أو مهذّبين مع بعضنا البعض؟
الغريبُ الذي نتحدثُ عنه في هذه الحالة هو السوري الهارب من الرصاص، إحساسٌ وخوفٌ يدّعي بعض اللبنانيين أنّهم لم يذوقوه مع أنّه ما من لبنانيّ إلا وهو إبن مأساةٍ وحربٍ وإعاقة، لكن الغالبية العظمى للأسف تُنكر الأمر حتّى، وتفرّغُ ما فيها بالغريب الذي احتمى بنا.
السوريون في لبنان لا يلقون معاملة لاجئين، بل معاملة دونيّةً لا تليق ببشرٍ، لا بل ويتعرّضون للتنكيل والإضطهاد وإحدى القصص تلك التي كتبت عنها جريدة الأخبار بحيث إستعان أحد أعضاء بلدية ذوق مصبح بقوى البلدية لإقتياد وإحتجاز شابٍ سوري بعد إشكال وقع بين الإثنين، هذا إضافةً إلى إحضار عضو البلدية لخمسين من مناصريه للإقتصاص من الشاب، حيثُ تم حرق دراجته النارية ورفع السلاْح بوجهه وضربه، قبل إقتياده إلى مقرّ البلدية ومنه إلى مركز فصيلة ذوق مصبح في قوى الأَمن الداخلي، رغم أن عضو البلدية حسب التقارير الصحافية كان في حالة سكرٍ واضحة.
السوريون المشرّدون اليوم هم أمانة في أعناقنا، سواء أعجبت هذه الحقيقة الجميع أم لم تعجبهم وسواء تنطّح الآلاف ليقولوا: “إيه هنّي كتير ذلّونا بالماضي”.. هُم اليوم في حمايتنا، ضعفاء خَائِفون ومشرّدون ومن استقوى على ضغيفٍ، كان له ربٌّ عليمٌ بالمرصاد!